الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البداية من القمة ( 7 )

آدم الحسن

2020 / 12 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


طريق الحرير اسم جميل اطلقه احد المؤرخين على طريق عمره الاف السنين ارتبط بمحاولات الإمبراطوريات الصينية عبر التاريخ القديم لمد جسور العلاقات التجارية مع الشعوب و الأمم الأخرى , تلك العلاقات التجارية التي حملت معها تبادل المعرفة و تلاقح الحضارات الإنسانية على اختلاف مستوياتها الحضارية و توجهاتها الثقافية و الدينية .

لم يشهد التاريخ القديم محاولة اكثر جدية لربط الشعوب و الأمم ذات الحضارات المتنوعة بطريقة سلمية عبر التجارة الحرة مثل ما حمله طريق الحرير من نجاح في مد جسور المنافع المشتركة بين شعوب و امم ذلك الزمان القديم .

الطرق و الممرات التجارية بين القبائل و الشعوب بحاجة الى الاستقرار و الحماية من اللصوص و قطاع الطرق و عند توفر المصالح المشتركة لقبائل و لشعوب المناطق الواقعة في او المطلة على هذه الممرات و الطرق من التجارة المارة عبرها ستعمل هذه القبائل و الشعوب لحماية هذه الطرق و الممرات دفاعا عن مصالحها الذاتية و ليس خدمة لمصالح اطراف أخرى .
و كذلك كان الحال بالنسبة الى طريق الحرير القديم حيث شهد في فترات زمنية عبر التاريخ استقرارا امنيا ساهم في تطور و تنوع التجارة البينية و تبادل المعرفة بين القبائل و الشعوب التي كانت تستوطن المناطق الواقعة على ذلك الطريق .

مع نهاية القرن العشرين و بعد بدأ مرحلة تلاشي الجدوى الاقتصادية من استعمار امة لأمة اخرى او استعمار شعب لشعب آخر , تلك الجدوى الاقتصادية التي كانت سببا لكل اشكل الاستعمار و الهيمنة عبر التاريخ , وفرت الصين الإمكانيات الضرورية لأنشاء طرق بحرية و برية لربط عدد كبير من الدول الواقعة في ثلاث قارات هي اسيا و اوربا و افريقيا ,
و في العقد الثاني من هذا القرن رصدت الصين لتنفيذ هذا المشروع العظيم الذي اسمته طريق الحرير الجديد الاف مليارات الدولارات .

تتحدث بعض الجهات عن وجود قدر ليس بالقليل من الشبهات حول النوايا الحقيقية للصين وراء مشروع احياء طريق الحرير منها بسط هيمنة الصين على الأسواق في الدول المشمولة بهذا الطريق بشقيه البري و البحري الا أن هذه الهيمنة المحتملة للأسواق في هذه البلدان لا يمكن لها أن تتعايش مع المستجدات التي خلقتها ظروف مرحلة بدأ تلاشي الجدوى الاقتصادية لكل اشكال الهيمنة و الاستعمار حيث لم يعد بالإمكان أن تعيش اي دولة بشكل مستمر أو لفترة طويلة نسبيا و هي تعاني من عجز اجمالي في ميزانها التجاري مع الدول الأخرى لأنه ببساطة ستستنفذ كل رصيدها من عملات الدول الأخرى التي تقبلها الأسواق العالمية و تصبح دولة خارج نطاق السوق العالمي اي تفقد القدرة أو الإمكانية على أن تكون سوق لبضائع دول اخرى .

لذا فأن من يتحدث عن احتمالية هيمنة الصين على اسواق الدول الأخرى لا يدرك ابعاد المعادلة التي تقول :

اجمالي العجز التجاري السنوي للدول التي تعاني من عجز في ميزانها التجاري مع الدول الأخرى = اجمالي الفائض التجاري السنوي للدول التي لديها فائض في ميزانها التجاري مع الدول الأخرى .
و من هذه المعادلة يمكن الاستنتاج بكل بساطة أن أي فائض تجاري لصالح اي دولة ينتج عنه عجز في الطرف الآخر من المعادلة و هذا ليس لديه مقومات الاستمرار .

الحملة الإعلامية التي تشنها الجهات المتضررة من مشروع طريق الحرير الجديد و على راسها الولايات المتحدة الأمريكية فشلت في ايقاف بناء طريق الحرير الجديد بشقيه البري و البحري حيث وصل عدد الدول التي انضمت لهذا الطريق اكثر من ستين دولة و من بين هذه الدول دول قريبة أو ملتحمة استراتيجيا بالولايات المتحدة الأمريكية كإسرائيل مثلا التي خالفت التوصية الأمريكية في الابتعاد عن طريق الحرير و اعطت ميناء حيفا كمشروع استثماري الى الصين لغرض توسيعه و تطويره و ادارته لمدة 25 سنة بالإضافة الى التعاقد مع الصين لبناء ميناء جديد في مدينة اسدود ليكون في اسرائيل مرتكزات مهمة تدعم ارتباط الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط بطريق الحرير الجديد .

(( يتبع ))








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البنتاغون يعلن البدء ببناء ميناء مؤقت في غزة لإستقبال المساع


.. أم تعثر على جثة نجلها في مقبرة جماعية بمجمع ناصر | إذاعة بي




.. جو بايدن.. غضب في بابوا غينيا الجديدة بعد تصريحات الرئيس الأ


.. ما تأثير حراك طلاب الجامعات الأمريكية المناهض لحرب غزة؟ | بي




.. ريادة الأعمال مغامرة محسوبة | #جلستنا