الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله وغياب الدولة الفعلية في لبنان

مهدي سعد

2006 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


عملية خطف الجنديين الإسرائيليين التي قامت بها منظمة حزب الله وما تبعها من عدوان إسرائيلي على لبنان وتبادل صاروخي عبر الحدود أكدت مرة أخرى على غياب الدولة الفعلية في لبنان والتي من المفترض أن يكون بيدها قرار الحرب والسلم في البلاد .

أعتقد أن استفراد فئة سياسية – ولا أبالغ إذا قلت طائفية شيعية كذلك – بالتحكم في مصير دولة بكاملها غير مسموح ، ومن المفترض أن تتحمل الحكومة اللبنانية مسؤولياتها في الدفاع عن الوطن والمواطن وبسط سيادتها على كامل أراضيها بما فيها الجنوب والضاحية ، وعندها يصبح فقط من حق الحكومة والجيش اللبنانين اتخاذ القرارات المناسبة والتي يجب أن تحظى بموافقة كافة الأطراف السياسية على الساحة اللبنانية .

المطلوب هو أن ينتشر الجيش اللبناني في كافة المناطق وخاصة على طول الشريط الحدودي ، فلا يعقل استمرار حمل حزب الله للسلاح في مرحلة يسعى فيها لبنان إلى إعادة بناء الدولة الفعلية والقادرة على تحمل مسؤولياتها بعد 30 عامًا من غياب الدولة الحقيقية في ظل حرب أهلية استمرت 15 عامًا قضت على مؤسسات الدولة و 15 عامًا أخرى من السيطرة السورية التي شلت قدرة الدولة اللبنانية عن طريق النظام الأمني – المخابراتي الذي أقيم هناك .

لا بد لكل متابع موضوعي للأوضاع السياسية في المنطقة أن يخلص للاستنتاج بأن حزب الله خاضع لمعادلة سورية – إيرانية تهدف لتفخيخ المنطقة وتدمير لبنان ، وأظن أن حزب الله كان يعلم بأن ردة الفعل الإسرائيلية ستكون بهذه الحدة بعكس بعض المحللين السياسيين الذين أكدوا أن الحزب كان يتوقع ردًا خفيفًا يتبعه إجراء مفاوضات لتبادل الأسرى ، فالنظامان السوري والإيراني – اللذان يخضع حزب الله لأوامرهما – معنيان بتفجير الوضع في المنطقة لتحقيق مرامٍ خبيثة تهدف إلى إرجاع القوات السورية إلى لبنان بحجة أنه غير قادر على الدفاع عن نفسه في مواجهة العدوان الإسرائيلي الشرس .

والسؤال الذي يسأل : لماذا على لبنان أن يكون وحده على خط إطلاق النار في مواجهة إسرائيل بينما بقية الدول العربية تقف متفرجة ومكتوفة الأيدي ؟ .

أليس من الحري بالنظام السوري أن يفتح جبهة الجولان إذا كان معنيا فعلاً بإسترجاعه ؟ ، أم أنه يكتفي بإعطاء الأوامر لحزب الله ومن ثم يهرب ويتنصل من المسؤولية ؟! .

"مغامرة غير محسوبة" :

بالفعل إن حزب الله دخل في "مغامرة غير محسوبة" كما أكدت القيادة السعودية ، فماذا استفاد لبنان من هذه العملية ؟ ، لا شيء ، فمنشآته الحيوية دمرت واقتصاده شل والسياحة وموسم الإصطياف تلقيا ضربة موجعة وعزل لبنان عن العالم من خلال استهداف كافة مرافق المواصلات البرية والبحرية والجوية وتسبب العدوان الإسرائيلي بخسائر بشرية ومادية هائلة طالت البنية التحتية اللبنانية والتي يحتاج إعادة بنائها إلى وقت طويل كما أنها ستكلف خزينة الدولة أموالاً طائلة .

ومن ثم هذه العملية لم تحقق الهدف المعلن لحزب الله وهو جعل إسرائيل توافق على إجراء صفقة لتبادل الأسرى ، ويبدو أن هذا الأمر لن يحصل أيضًا في الفترة القريبة القادمة .

أعتقد أنه على حزب الله إعادة حساباته وعليه الإعتراف بعدم قدرة العرب على مواجهة إسرائيل في المرحلة الحالية ، وهو في طريقه للإنهزام ، فالتهديدات التي يطلقها تنم عن وجوده في ضغظ شديد ناتج عن حجم الرد الإسرائيلي ، وأظن أنه قد شعر باقتراب الهزيمة ويريد أن يستخدم كل ما لديه من صواريخ وأسلحة لضرب العمق الإسرائيلي قبل أن تقوم الأخيرة بشل قدرته الهجومية في غضون الأيام والأسابيع المقبلة .

فعل فعلته واختبأ :

اختباء السيد حسن نصر الله تحت الأرض وكلمته التي ألقاها من هناك ينمان عن اقتراب الهزيمة ، فهو يذلك يذكرنا بصدام حسين الذي فعل نفس السيناريو وأخذ يكيل التهديد والوعيد قبل أن تقضي الولايات المتحدة على نظامه البائد في العراق .

هذا الأمر يدل على حقارة ما بعدها حقارة ، فمن المفترض أن يكون القائد في قلب المعركة مع المقاتلين وليس هاربًا ومختبئًا ، أم أن أمن نصر الله الشخصي أهم من تدمير لبنان ؟! .

بؤس الإعلام السوري :

المتابع للإعلام السوري في الأيام الأخيرة لا بد أنه شعر بمدى تفاهة هذا الإعلام ، فسوريا تحاول تغطية عجزها عن مواجهة إسرائيل من خلال إذاعة الأغاني الوطنية التي تبث الحماس الكاذب في صفوف المواطنين وتسليط الضوء على صور توهم الناس وتجعلهم يعتقدون بأن حزب الله قد انتصر وكأننا ما زلنا نعيش في أيام النكسة عندما أوهموا الناس بأن العرب وصلوا تل أبيب ورموا باليهود إلى البحر .

كما أن التلفزيون السوري يكثر من نشر الأخبار الكاذبة مثل قوله بأن جنرالات إسرائيليين يدعون إيهود أولمرت إلى الإستقالة ! .

أكذوبة "الهم القومي" :

النظام السوري يحاول نشر أكذوبة "الهم القومي" وبأنه بعكس بقية الأنظمة العربية يقف إلى جانب الشعبين الفلسطيني واللبناني في محنتيهما ، إلا أننا نلاحظ أن هذا الدعم لا يتجاوز الدعم اللفظي ، فهل بشار الأسد مستعد أن يقذف صاروخ واحد على إسرائيل ؟ ، بالطبع لا ، فهو يكتفي بالتهييج الكاذب والتعبئة الإعلامية الفارغة من أي مضمون .

فالاختلاف الحقيقي بين النظام السوري وبقية الأنظمة العربية هو أن الأخيرة تتصرف بعقلانية وتقر بعجزها ، بينما النظام السوري ينفخ بنفسه كثيرًا في حين أنه بالحقيقة غير قادر على فعل شيء في المنطقة .

المستفيد هو النظام الإيراني :

المستفيد الوحيد مما يحصل هو النظام الإيراني المعني بجر المنطقة إلى حرب إقليمية تزيد من جراحنا ومعاناتنا ، ولا أظن أننا كعرب سنسفيد شيئًا من كل هذا .

فهو – أي النظام الإيراني – معني بإشعال المنطقة لكي يخطف أنظار المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة قليلاً عن مشروعه النووي وترسانته العسكرية التي يسعى لتطويرها لكي يصبح قادرًا على مواجهة إسرائيل في المستقبل .

كلمة أخيرة :

في الختام لا يسعني إلا أن أستنكر العدوان الإسرائيلي على لبنان وأعبر عن رفضي للمجازر التي يرتكبها جيش الإحتلال بحق الشعب اللبناني وأعلن تضامني مع كافة المنكوبين اللبنانيين ، إلا أنني أحمل قدرًا كبيرًا من مسؤولية ما يحصل لحزب الله والنظامين السوري والإيراني اللذان تلقى الأوامر منهما وبالتالي ساهم بتحميل لبنان أكثر مما يحتمل .

ادعو إلى وقف شامل لإطلاق النار وأن ينفذ فؤاد السنيورة وعده بنشر الجيش في الجنوب ، وأرى أن يتم لاحقًا بعد صد العدوان الإسرائيلي تسليم سلاح حزب الله للجيش اللبناني الذي يجب أن يتولى مهامه في الدفاع عن أرض الوطن .

تسليم سلاح حزب الله يجب أن يتبعه إصلاحات سياسية واقتصادية تقود لبنان إلى قيام النظام المدني العلماني الحديث الخالي من الطائفية السياسية وبالتالي إلى قيام الدولة الفعلية في لبنان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة