الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقوق الإنسان :شعارات رنانة تخفي بؤس الواقع

أحمد بوكرين

2020 / 12 / 10
حقوق الانسان


يحتفل العالم في العاشر دجنبر من كل سنة باليوم العالمي لحقوق الإنسان هو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948 الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ،ولو أن الحديث عن حقوق الإنسان أضحى حاضر بشكل يومي في النقاشات وعبر وسائل الإعلام وفي المنتديات ووسائل التواصل الاجتماعي وفي الجرائد والمجلات ،بحيث لا يكاد يمر اليوم دون أن تطرق مسامعنا عبارة حقوق الإنسان ،هذا الحضور يحمل بين طياته الكثير من الدلالات والعديد من المفارقات وسأحاول رصد مفارقتين: تتجلى أولى هذه المفارقات في كون هذا الحضور والتغني بشعار حقوق الإنسان وبشعاراته والفرط في تردد هذا المصطلح على الألسنة يحمل دلالة كونه حاضر على المستوى النظري وأن الغالبية من الناس يرددونه حتى أولئك الذي لم تطأ أقدامهم المدرسة يوما ما، خاصة حينما يتعرض الناس للظلم ...،بمعنى آخر لقد أصبح للأفراد وعي تام بضرورة حصولهم على حقوقهم والمتمثلة في الحرية والكرامة والعيش الكريم والمساواة .....،لكن في مقابل هذا المعطى الذي يتجلى في بروز حقوق الإنسان كخطاب وارتفاع منسوب الوعي لدى الأفراد والشعوب بضرورة الاستفادة من حقوقهم سواء كأفراد داخل بلدانهم أو في علاقاتهم بدول أخرى من قبيل حالة المهاجرين والبلدان التي تعرف اضطرابات أو اللاجئين ...،فإن الأوضاع جد قاتمة في العديد من البلدان سواء تلك التي يعاينها ويعيشها الأفراد أو كما ترصدها التقارير الدولية ،هذا الوضع القاتم تعرفه البلدان "المتقدمة" و البلدان المتخلفة والنامية على حد سواء ،ذلك أنه إذا كانت هذه الأخيرة لا زالت فيها حقوق الإنسان لم تترسخ بالشكل المطلوب ، وأحيانا شبه منعدمة بحكم طبيعة الأنظمة التي تحكمها وبحكم السطوة الأجنبية غير المباشرة وتغول الشركات المتعددة الجنسيات التي تقرر في مصير الكثير من الشعوب ،وذلك بدعم ومباركة من الدول العظمى، و بحكم قوتها والضغوطات التي تمارسها أيضا ، وهو ما ينتج عنه استغلال للثروات وكذلك للأشخاص الذي يعملون بأجور زهيدة وفي غياب شروط العمل التي تحترم كرامة الإنسان ،،وهو الأمر الذي يضعنا أمام مفارقة أخرى صادمة تتمثل في بلدان غنية بثرواتها المادية وبرأسمالها البشري ،لكنها فقيرة جدا!! . من جهة أخرى فالوضع أكثر سوءا حتى في الدول التي تعد هي مهد حقوق الإنسان ، والتي راكمت الكثير من التجارب ولها باع طويل من حيث تاريخها ومسارها السياسي ،والأدهى من ذلك أن هذا الزخم على المستوى النظري والتاريخي كان ثمنه الملايين من القتلى والمعطوبين والأشخاص الذين عذبوا وسجنوا وتم نفيهم ...ومع ذلك هذه الدول لا زالت اليوم تفاجئ العالم بتجاوزات وانتهاكات جسيمة وسأذكر هنا بعض الوقائع على سبيل المثال لا الحصر، من بينها ما يتعلق بالعنصرية وآخر مأساة هو ما تعرض له المواطن الأمريكي الذي لفظ أنفاسه بطريقة بشعة و هي الواقعة التي طفت على السطح بحكم بشاعة الواقعة ،والمتابعة الإعلامية التي عرفتها وقد يقول قائل إن الأمر مجرد خطأ أو لنقل جريمة ارتكبها الشرطي ،والحال أنها جريمة تخفي وراء ها الكثير من الأحداث التي تتعلق بالعنصرية والاضطهاد الذي تتعرض له الأقليات سواء في الولايات المتحدة الأمريكية أو الأقلية المسلمة في الصين وبورما وغيرهما ،هذه المناطق والبلدان وغيرها كثير تعرف الكثير من الانتهاكات والخرق السافر لحقوق الإنسان لا لشيء سوى كونهم لا يعتقدون بما يعتقد به الآخرون أو بدواعي ومبررات أخرى ،ولنرى أيضا بعض الأحداث التي طفت على سطح الأحداث بفرنسا هذه الأخيرة التي تعد من الناحية التاريخية والنظرية هي معقل حقوق الإنسان والأحداث التي رسخت في الأذهان وطبعت التاريخ وارتبطت بالدفاع عن الإنسان وعن حقوقه إلى الحد الذي أدى لقيام الثورة الفرنسية وصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن سنة 1789 ،ومع ذلك فإنه فإن الجالية وخاصة المسلمة تتعرض من حين لآخر لمضايقات وتعسفات إذ كثيرا ما يثار النقاش حول الإسلام الحجاب ...،وإن كان هذا الأمر يدخل في الحرية الفردية ما دام أنه لا يمس بحرية الآخرين مهما قدمت التبريرات والحجج .وإذا كان الأمر على هذه الشاكلة في البلدان المتقدمة داخليا. فإن هذه الدول وغيرها خارجيا لا زالت ترتكب مجازر وجرائم في حق الإنسانية وذلك عبر تأجيج الصراعات وخلق مناطق التوتر بطرق مباشرة وغير مباشرة .ناهيك عن تزويد بعض الأطراف بالأسلحة والدعم المادي والسياسي على حساب أطراف أخرى كما وقع ولا زال يقع في فلسطين و العراق وسوريا وليبيا...،.ولا يتعلق الأمر هنا كما يعتبره البعض بنظرية المؤامرة وإنما الأمر له دوافع سياسية/اقتصادية بالدرجة . ومن تم فإن حقوق الإنسان لدى هذه الدول ومهما سوقت لنفسها باعتبارها لها السبق والريادة فإن هذا لا يمكن نفيه لكن داخل بعض من هذه الدول ،أما خارجيا تظل مجرد شعارات ومصطلحات تلوكها الألسن وتؤثث بلطوهات القنوات. وإذا كان هذا الأمر يحصل في الدول المتقدمة فإن الوضع في الدول النامية المتخلفة يتخذ صورة قاتمة أمام تغول الديكتاتوريات وغياب الكثير من الشروط التي من شأنها ترسيخ هذه القيم والحقوق الأساسية التي لا تستقيم حياة أي إنسان من دونها بحيث نجد الكثير من الدول خاصة منها دول العالم الثالث تغيب فيها أبسط الحقوق مع الكثير من الاستغلال والعنف والتعذيب .....،وتضرب عرض الحائط بكل القيم التي نصت عليها المواثيق والعهود الدولية ،لعل أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 الذي أقر جملة من الحقوق الأساسية من قبيل الحرية والكرامة والمساواة...
المفارقة الثانية :تتجلى المفارقة الثانية في وجود تراكم نظري كبير جدا يتجلى في النظريات الفلسفية والسياسية والحقوقية والمواثيق والمعاهدات ...،ومسار طويل كان ثمنه الملايين من القتلى المسجونين المعذبين والمنفيين...ومع ذلك فإن الواقع الحالي وأكرر مرة أخرى في الكثير من البلدان لا زال لا يرقى إلى حجم التضحيات التي بذلها الانسان عبر نضاله الطويل ولا حتى إلى ما يبذل في الوقت الحالي من بعض المنظمات والجمعيات والمناضلين الذين يحاولون قدر المستطاع الدفاع عن هذه الحقوق والضغط من أجل أجرأة على الأقل البعض من هذه الحقوق والتي تظل حبيسة الدساتير والنصوص القانونية والمواثيق والعهود ،والأدهى من ذلك نجد دساتير وأنظمة تحميل بين طياتها أرقى التشريعات والقوانين المتقدمة جدا، بيد أنها تظل حبيسة هذه الدساتير ولا تجد لها أي حضور وتجسيد على أرض الواقع .
وعليه يتبين أن الإنسان بوجه عام لا زال أمامه مسار طويل وشاق من أجل ترسيخ حقوق الإنسان وتكريسها كواقع وليس مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي ونصوص قانونية حبيسة الأنظمة والدساتير تخفي بؤس واقع حقوق الإنسان عبر العالم ،خاصة وأن أي تقدم منشود لا يستقيم إلا بحصول الإنسان على كافة حقوقه وتمتعه بها والتي أكدت عليها كل التشريعات السماوية والوضعية هذه الأخيرة التي تمتح من النظريات الفلسفية والقانونية والأخلاقية والسياسية التي تطلبت عشرات القرون من التضحية والنضال.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جولة لموظفي الأونروا داخل إحدى المدارس المدمرة في غزة


.. اعتقال أكثر من 1300 شخص في الاحتجاجات المناصرة لغزة في عموم 




.. العالم الليلة | الآلاف يتظاهرون في جورجيا ضد مشروع قانون -ال


.. اعتقال طالبة أمريكية قيدت نفسها بسلاسل دعما لغزة في جامعة ني




.. العالم الليلة | الأغذية العالمي: 5 بالمئة من السودانيين فقط