الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب

مازن كم الماز

2020 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


فعلت كل ما بوسعي لينتصر رفاقي الليبراليين اليساريين في حزب البديل من أجل ألمانيا على خصومهم في حزب ألمانيا المسيحية العظمى .. لكن هزيمة رفاقي في حزب البديل كانت كاسحة , بالضربة القاضية .. لم تجدد ألمانيا البيعة لرفاقي الليبراليين و فضلت عليهم حزب ألمانيا المسيحية العظمى .. كانت البيعة الألمانية قد جرت فورا بعد إعلان الخلافة في مسجد برلين الكبير .. لعب هذا دورا حاسما في انتصار حزب ألمانيا المسيحية العظمى , هكذا اعترف لي هانز بحسرة و بألم .. لو أن البيعة تأخرت قليلا أو أن إعلان الخلافة جرى بعدها بساعات فقط لكانت هزيمتنا أخف وطأة .. ثم أتبع ذلك باعتراف آخر : أتعرف أيها الصديق , كلما كنت تحاول مساعدتنا و تدعو الألمان لاختيار أهل الحل و العقد من حزبنا كنت في الواقع تساعده أعداءنا في جذب المزيد من الأصوات .. ثم جاء الظهور العلني الأول للخليفة في مسجد برلين الكبير .. وسط هتافات الله أكبر المزلزلة أعلن خليفتنا الجهاد لفتح ما تبقى من برلين و تحرير الرايخستاغ و رفع راية لا إله إلا الله فوقها .. كانت هزيمة رفاقنا في حزب البديل من أجل ألمانيا مقلقة ليس لي فقط , اتصل بي رفيقي المفكر أبو البراء الرقاوي عميد كلية الفلسفة في جامعة السوربون الإسلامية و سألني بقلق عن انتصار حزب ألمانيا المسيحية العظمى في البيعة العامة و تحدثنا طويلا عن التغيرات المحتملة في سياسات الملك لويس التاسع عشر و ما قد يعنيه هذا الفوز من صعود للإسلاموفوبيا و العنصرية في ألمانيا و في كل أوروبا و ربما أمريكا أيضا .. أخذت الأمور تتغير في برلين بسرعة كبيرة .. في الاجتماعات الأولى لمجلس الشورى الألماني تمكن حزب ألمانيا المسيحية العظمى من طرد أهل الحل و العقد من حزب البديل من أجل ألمانيا ثم أعلن قيام الرايخ الرابع ثم إنشاء قوات الإس إس .. ظهرت فورا أول الأسلاك الشائكة حول غيتو برلين الإسلامي تبعتها حقول الألغام و الكتل الخراسانية الهائلة و تضاعفت أعداد الدبابات على طرفي هذه الحواجز الاسمنتية الهائلة مع كل يوم .. أما نظرات الكره و الخوف التي كنت أراها في عيون جيراني الألمان في السابق فقد أصبحت شتائم مقذعة و تهديدات بالذبح .. بينما كانت جحافل المؤمنين داخل غيتو برلين الإسلامي تملأ شوارع الغيتو داعية إلى الجهاد ضد الكفار كان شباب الرايخ الرابع يستعرضون أجسادهم الممشوقة و راياتهم السوداء في شوارع برلين المسيحية و سرعان ما تحول كل ذلك الصراخ إلى موجة من القتل و التصفيات المتبادلة .. كان عمال القمامة يجمعون كل صباح أجسادا بيضاءا و سمراء و رؤوسا و أشلاءا إنسانية حفر على جلد بعضها شعار لا إله إلا الله أو يسوع أكبر أو ألمانيا فوق الجميع أو إلا رسول الله , محفورة في اللحم العاري بالسيوف أو بالسكاكين أو بالمطارق , و استحالت أعمدة الكهرباء إلى مشانق و رايات .. بدأت موجة هائلة من النزوح إلى غيتوهات برلين و ميونيخ الإسلامية و تراجع معها منظر الجثث و الرؤوس الملقاة على قارعة الطريق خارج الغيتوهات بينما استمر شباب الرايخ الرابع باستهداف العائلات الإسلامية المتبقية خارج سور الغيتو الهائل و ذبحهم و اغتصابهم في احتفاليات كانت تبث على الهواء مباشرة .. كانت لحظات عصبية فعلا بالنسبة لي .. كنت أحتفظ بالسكين طوال الوقت بين يدي أو إلى جانبي حيثما كنت في بيتي .. و كنت دائما أتصل بهانز كي يصطحبني في كل مرة كان يتعين علي فيها أن أغادر بيتي لكن حتى هذا كان حافلا بمخاطرة لا حد لها , كان من الممكن أن يكون هانز نفسه الضحية الأولى حتى قبل أن يقوم شباب الرايخ بقطع رأسي ببلطاتهم .. في لحظات الانتظار الممضة تلك كنت ممزقا بين انتظاري قدوم جماهير المؤمنين و هي تدخل شارعنا محررة إياه من الكفار رافعة لواء لا إله إلا الله لتنقذني من كل هذا الرعب فأذكر على الفور ما فعلته هذه الجماهير المؤمنة بأصدقائي و تلامذتي و كتبي في غيتو برلين عندما سحلتهم و ذبحتهم و أحرقتهم بدعوى أنهم ليسوا إسلاميين بما فيه الكفاية و كنت أقضي معظم أوقاتي في تخيل ما يمكنني أن أجيبهم به , كيف يمكنني أن أدفع عن نفسي تهمة الردة و العمالة للغرب الاستشراقي , صنعت قائمة طويلة بكل الخدمات التي قدمتها لديني و أهلي و عشيرتي .. آخر مرة قال لي هانز أن رئيس حزب البديل من أجل ألمانيا قد انتقل بالفعل إلى العمل السري و أن محاكم التفتيش التي أعادت العمل بها الكنيسة اللوثرية الألمانية ستناقش اتهام كل أعضائه بتهمة الهرطقة و ستناقش العقاب الذي يستحقونه .. أضاف و هو ينظر مباشرة في عيني بلا مبالاة و تعب : اهرب .. اذهب .. عد إلى بلادك , هنا ستموت كما سنموت جميعا .. أول ما خطر على بالي عندما أغلقت الباب بعد مغادرة هانز هو أن أتوجه فورا إلى غيتو برلين , لكني ترددت .. أخيرا قررت أن أرسل على الفور رسالة إلى الخليفة طالبا منه الصفح و قبول توبتي و بيعتي مذكرا إياه بما بيننا من صلة رحم و قرابة و بقائمة خدماتي الطويلة للقضية و لديني و لأهلي و عشيرتي و له شخصيا عندما نجحت حملة قمنا بها أنا و رفاقي الليبراليين في حزب البديل من أجل ألمانيا بإنقاذ حياته بعد افتضاح دوره في تفجيرات برلين الكبرى التي راح ضحيتها الآلاف .. كان الخليفة من أبناء مدينتي و عشيرتي بالذات و كانت تجمعنا صلة قرابة بعيدة و في المرات القليلة التي اجتمعنا فيها سوية سواء أثناء محاكمته أو أثناء الاحتفال بإطلاق سراحه كنا نبدو كأصدقاء أو شيئا ما من هذا القبيل .. لكن الأحداث كانت تتسارع كل ساعة , أسرع بكثير من قدرتي على الفهم أو التصرف .. نفذ المؤمنون أخيرا تهديدهم باقتحام برلين لكن جيش الرايخ الرابع و قوات الإس إس كانت مستعدة جيدا لهجومهم المرتقب .. عند أبواب الغيتو الإسلامي في برلين وقعت مجزرة لا توصف , عندما لجأ جنود الخلافة إلى تكتيكات الموجات البشرية و الاستشهاديين اصطدموا برجال قوات الإس إس اليسوعية الاستشهادية و دار قتال جنوني بين الطرفين لكن جيش الرايخ تمكن في النهاية من هزيمة المؤمنين و إبادة جحفل قندهار بالكامل .. في نفس الوقت بالتحديد انتفضت الأحياء الباريسية و برادفورد و بعض أحياء أمستردام و برشلونة و روما و مدريد .. صحيح أن جنود الخلافة في باريس حققوا أكبر إنجاز بوصولهم إلى الشانزليزيه و مهاجمة قصر لويس التاسع عشر لكن اتضح أن هجومهم كان سيء التنظيم و أعد على عجل بينما تركت الضواحي نفسها دون أية حماية تقريبا .. اعتقد جنود الخلافة في باريس أنهم منتصرين لا محالة و لم يعدوا أية خطط لاحتمال الهزيمة أو التراجع .. بعد صد الهجوم على الشانزليزيه و قبل أن يتم القضاء الكامل على جنود الخلافة المصدومين و المحاصرين وسط باريس بدأت المئات السود و جيش لويس التاسع عشر بمهاجمة الضواحي .. كانت مجزرة تفوق الوصف .. داست الدبابات على الأطفال و قام المئات السود بذبح كل شيء يتحرك أو يتنفس داخل الضواحي .. شبهها بعضهم ببروغروم كييف الكبير أو بمجازر 1860 في الشرق .. أما جنود الخلافة في برادفورد فقد تمكنوا من الوصول إلى قلب لندن قبل أن يجبروا على التراجع إلى برادفورد التي ضرب جيش الإمبراطورية الحصار حولها دون أن يحاول اقتحامها مكتفيا يقطع الماء و الكهرباء عن المدينة التي أخذت تجوع و تموت ببطء .. في لندن نفسها قامت جماهير الإمبراطورية بملاحقة كل أسود البشرة و بإحراق كل إسلامي و كل ما يملكه الإسلاميون في لندن بمن فيهم أثرياء و أمراء قره باخ و عفرين و عمان و الكويت .. سحابة سوداء غطت المدينة لأسابيع و في بعض الأماكن تركت الحرائق لتأكل كل شيء .. لم يبق أمامي أي وقت لأضيعه , و لأني لم أحصل على أي رد من الخليفة حزمت أمري أخيرا .. دفعت كل ما معي لمهرب كي أسافر بجواز سفر ألماني مسيحي مزور إلى الآستانة .. لم أوقن بنجاتي إلا بعد أن أقلعت بنا الطائرة إلى الآستانة لأجد أن عاصمة الدولة العلية نفسها لم تكن هي الأخرى في حال أفضل بكثير .. كان السلطان بلال إردوغان قد تقدم باحتجاج شديد اللهجة إلى منظمة الأديان و الهويات المتعددة و المتخاصمة على مجازر برلين و باريس و حصار غيتو برلين و برادفورد لكن هذا أثار عليه جماهير المؤمنين التي خرجت إلى شوارع الآستانة غاضبة تطالب بقتال الكفار و تهتف لخليفة برلين .. لم تهدأ الأمور حتى أعلن السلطان بلال انسحابه الفوري من منظمة الأديان و الهويات المتناحرة .. لكن مظاهرات جماهير المؤمنين لم تكن لتمر مرور الكرام .. كانت جماهير المؤمنين قد سلت نفسها بسحل بعض المارة من ذوي الشعر الأشقر و مهاجمة كنائس و صحف و نلفزيونات و كتاب و فنادق يوجد فيها مرتدون أو كفار إلى جانب أحياء الأتراك الجبليين و سحلت و ضربت حتى الموت كثيرا من هؤلاء .. لكن واحدا بالذات من هؤلاء سيتسبب بالمزيد من المشاكل للسلطان بلال إردوغان : سفير الدولة القيصرية في الآستانة .. كانت المناوشات و المذابح حدثا عاديا على الحدود بين الدولة العلية و جارتها القيصرية لكن القيصر بوتين الثاني أصر هذه المرة على تلقين سلطان الآستانة درسا لن ينساه .. عندما عرف والي قره باخ بوجودي في الآستانة عرض أن يستقبلني لكني كنت أخشى من أن تصبح هذه الولاية مسرحا لحرب طاحنة بين الجيش الانكشاري و خصمه القيصري و فضلت السفر إلى الجنوب .. سرعان ما اتضح أني كنت على حق فقد اندثرت ولاية قره باخ الإسلامية بشكل كامل تقريبا في الدقائق الأولى من المعركة بين جحافل الكفر و الإيمان بصلية واحدة من صواريخ القديس نيقولا النووية .. في الآستانة كان السلطان أيضا يعرف جيدا أن أي تردد من طرفه في الرد على "الاعتداء" الروسي القادم لا محالة سيثير ضده جماهير المؤمنين و أن أتباع خليفة برلين سيستغلونه لإظهار السلطان بمظهر الضعيف عن نصرة المؤمنين و محاربة الكفار .. فأمر السلطان جيشه الانكشاري بالقيام بهجوم استباقي ضد قوات القيصر بوتين الثاني التي كانت هي أيضا تستعد لهجوم كبير على خصمها الكافر , اندلعت المعركة بين الكفر و الإيمان تماما بينما كنت أجتاز الحدود بين الدولة العلية و عفرين العظمى .. عندما وقفت أمام والي عفرين العظمى فاجئني جفاءه و لهجته المعادية .. رغم كل إحساسي بالمهانة أخذت أذكر الرجل بكل خدماتي للقضية و لأهلي و عشيرتي أو لأهلنا و عشيرتنا .. حدثته طويلا عن كل ما فعلته لإنقاذ الخليفة نفسه من الموت و بأن الكثير من تلامذتي و مريدي هم اليوم من أكثر جنود الخلافة شجاعة و إخلاصا .. لكن والي عفرين العظمى أجابني بأنه علي أن أذهب الآن إلى سجن التوبة و أحرص على أداء العبادات و الاستغفار بينما أنتظر قرار مولانا بخصوصي .. نظرت في عيني الرجل الزجاجيتين و عبرت أخيرا عن شيء من الكرامة المصحوبة بالغضب و الاستنكار : أنا يا محمد بتحاكيني هيك .. هيك بتحكي مع أخوك الكبير .. لكن الرجل حدجني بنظرة غاضبة لا تنذر بأي خير أعادتني إلى صوابي .. مع الهدوء النسبي الذي نعمت به في سجن التوبة عاد إلي شيء من توازني , كان أول ما أردت فعله هو أن أكتب مقالة لمجلة الهلال الباريسية عن مجازر باريس لكن أيا من أصدقائي الباريسيين لم يرد على رسائلي .. أخيرا خطر لي أنه لا بد أن اصدر أنا و أبي البراء الباريسي و أبي القعقاع الانكليزي و مالك بن المسيري بيانا ضد مجازر باريس و لندن لنوضح أن الإسلاموفوبيا و صعود العنصرية و ما بعد الحداثة و عدمية الإسلاميين تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الجرائم التي نطالب بإيقافها فورا , كان ذلك قبل أن أعرف أن كل هؤلاء قد ماتوا سحلا و حرقا و ضربا حتى الموت في الأيام القليلة الماضية .. لكني قررت أن أصدر البيان على أي حال .. سرعان ما أدركت خطأي عندما عنفني أخي الصغير أو والي عفرين العظمى على هذه الغلطة التي كادت تطيح برأسي لولا أن مولانا كانت له خطط أخرى لاستخدام رأسي في هذه الأيام .. كان صوته غاضبا و هو يصرخ في وجهي : هذا وقت الجهاد لا مفاوضة الكفار , هذا وقت الملحمة و طلب وقف إطلاق النار كما تطلب ليس إلا ردة و خيانة ما بعدها خيانة , و لولا فضل مولانا عليك لكنت الآن في عداد الأموات .. قبل ذلك كانت درونات العظيم محمد ثلاثة تحلق فوق الجيش البوتيني القيصري قبل أن تنطلق صواريخ القسام سبعة و الخطير ابن الوليد و العظيم صلاح الدين على خصومها .. رغم خسائرهم الهائلة شن جنود القيصر بوتين الثاني هجوما عاصفا على مواقع الحيش الانكشاري و عندما بدا أن التقدم سيكون بطيئا أصدر القيصر أمرا سيغير مسار التاريخ بالكامل , أمر باستخدام صواريخ إيفان الرهيب المحملة برؤوس نووية ضخمة ضد الجيش الانكشاري .. في الآستانة قام السلطان بلال المذعور بالاتصال فورا بالحنرال المؤمن ضياء الحق طالبا النجدة و الحصول فورا على صواريخ الله أكبر ذات الرؤوس النووية .. نجحت صواريخ الله أكبر في إيقاف جيش القيصر عند أبواب الآستانة لكن الأحوال داخلها كانت تزداد سواء , و سرعان ما قرر قادة الجيش الانكشاري التخلص من السلطان و تولي الأمور بأنفسهم لكن الأوضاع لم تسر على نحو أفضل لا على حدود المدينة المحاصرة و لا داخلها .. و هنا أيضا في عفرين العظمى كان مولانا على وشك أن يتخذ قرارات لا تقل خطورة .. مولانا الذي كان ذات يوم أحد مريدي أو تلامذتي لكن الذي قرر بعدها أن ينتقل من دراسة ما بعد الحداثة إلى دراسة العلوم الشرعية ليصبح أخيرا واليا انكشاريا على عفرين العظمى .. كانت بداية لقائنا فاترة للغاية .. أوقفني مولانا عندما بدأت بالحديث عن خدماتي للقضية و لأهلي و عشيرتي أو أهلنا و عشيرتنا و أمرني أن أصمت .. أحسست بغصة هائلة في حلقي و كأن روحي تقاوم , تحاول التشبث بجسدي .. لكن بدلا من الحكم الذي انتظرته بدأ مولانا يسألني عن رأيي فيما يجري في برلين و برادفورد و الآستانة و كييف و كيف ستنتهي الأمور .. أخيرا صارحني مولانا أنه يريد أن يتخذني مستشارا و رسولا إلى أمراء و ملوك الكفر في العالم .. لأني أعرف العديد منهم و أعرف كيف أخاطبهم و أتقن مخاطبتهم بأفكارهم كي نصل , أنا , مولانا , أهلنا و عشيرتنا إلى ما نريد , أفضل بكثير من بقية أتباعه الآخرين .. بعد هذا اللقاء انتقلت إلى فيلا كبيرة في عفرين العظمى نعمت فيها ببعض الرخاء لأول مرة منذ غادرت برلين .. وصلتنا الأخبار من ولاية آلاباما عن انتفاضة الكو كوكس كلان و قبل أن ينتهي كورتيز الرئيس الأمريكي من توقيع الأمر للجيش الأمريكي بالتوجه إلى آلاباما لإخماد التمرد هناك ثارت كارولينا و تكساس و شكلت مجتمعة كونفيدرالية جديدة أعادت العمل بنظام الرق فورا في كل ولايات الكونفيدرالية .. كنا قد أعدنا العمل سرا بنظام الرق في عفرين العظمى و قره باخ بينما كان الخليفة في برلين قد سبق آلاباما بتشريع العبودية من جديد .. أما في كاليفورنيا فقد انتصرت ثورة اشتراكية و تولى الرفيق ستالون تروتسك السلطة و استولت قواته الحمراء فورا على كل مخازن الطعام و الوقود في الولاية قبل أن تفرض على العمال و الفلاحين العمل الإلزامي تحت تهديد السلاح رغم أن فرار اهؤلاء العمال و الفلاحين و حتى حراسهم قد عنى أنه لن بتبق أحد للعمل أو للحراسة بعد وقت قصير فقط .. في أيام فقط لم يبق ما يمكن أن نسميه حكومة اتحادية و لا جيش اتحادي ... بدأ الزنوج بقتل البيض في الشمال و البيض بقتل الزنوج في الجنوب و كانت أحياء تشينا تاون أول ضحايا هذه المجازر قبل أن تنتقل إلى كل مكان و بعد أن نهبت المتاجر لم تظهر بضائع جديدة بدل تلك التي نهبت .. سرعان ما بدأ تقنين الكهرباء و الماء لعدة ساعات كل يوم قبل أن يبدأ انقطاعها لأيام فأسابيع .. اختفت الأدوية و أغلقت الكثير من المستشفيات قبل أن يختفي الأطباء و الممرضون و الممرضات نهائيا و يتركوا بين جدرانها الباردة أشلاءا إنسانية لم تجد من ينقلها إلى المشرحة أو يدفنها .. بعد أميركا جاء دور الصين ... رغم أن الحزب الشيوعي الماركسي اللينيني الماوي الجديد قد تمكن بعد صراع دام من الاحتفاظ بالسلطة في بكين لكن أحد الجنرالات المنشقين عن جيش التحرير الشعبي الصيني أعلن إقامة الصين الوطنية الكونفوشوسية في شنغهاي التي احتلها بمساعدة جنود الخلافة الإيغورويين و ذبح مليون من أهلها قبل أن يقوم بعد ذلك بذبح جنوده الإيغورويين جميعا ثم يتبعهم بنسائهم و أطفالهم .. في روما كان البابا أوربانوس يدعو المسيحيين الأتقياء إلى استعادة أورشليم من أيدي الكفار المسلمين و اليهود و بدأ الآلاف بالفعل يتسلحون بما بقي من أسلحة ليذهبوا للجهاد في الشرق ضد الكفار لاستعادة قبر ابن الإله .. انقطعت شبكة الانترنيت و أصبح انقطاع الماء و الكهرباء أزليا و توقف أي إنتاج و اختفت البضائع و شح الطعام نفسه و اختفى الوقود و عاد الناس خلال شهور قليلة إلى الحياة التي عاشها أجدادهم قبل قرون .. أعلن مولانا نفسه خليفة في عفرين العظمى .. لم تكن عفرين العظمى تهم القيصر بوتين الثاني كالآستانة أو كييف لذلك كان من الممكن أن ننعم بشيء من الهدوء بعيدا عن المعارك أو المذابح التي تدور رحاها بعيدا .. انتهت استراحتي عندما طلب مني مولانا السفر إلى أوروبا و ربما أمريكا نفسها إن استطعت لأقابل كبار ملوكها و أمرائها و البابا أوربانوس على أمل أن أقنعهم بعدم القيام بالحملة الصليبية المنتظرة و أن أحاول إقناعهم بإحياء منظمة الأديان و الهويات المتحاربة و إعادة العلاقات التجارية إذا ما استقر الوضع في هذه البلاد و عادت الأمور إلى سابق عهدها و ربما الحصول على مساعدات إنسانية عاجلة لإطعام رعايا مولانا .. في باريس رفض فولتير مستشار الملك لويس التاسع عشر لشؤون ذبح الأقليات مقابلتي و نصحني ( أمرني ) بمغادرة بلاده فورا .. أما هابرماس مستشار الفوهرر عن شؤون الساراسين فقد استقبلني بكل برود قبل أن يرمقني بسخرية و أنا أحدثه عن جوع رعايا مولانا و حاجتهم إلى الطعام الشحيح و إلى الدواء و عن آلاف الأطفال الذين يموتون كل يوم بسبب الجوع و المرض .. أثارتني سخرية هابرماس جدا , و كتدريب مارسته طويلا انتفضت في وجهه قائلا و أنا أحمل في وجهه و وجه مرافقيه من ضباط الإس إس و الغستابو صور أطفالنا الذين يموتون جوعا و انفجرت قائلا : لم أر في حياتي عنصرية بهذه الحقارة .. أنتم إسلاموفوبيك .. أنتم تدمرون العالم بما بعد حداثنكم .. انقض علي شاب قصير و أمسك بتلابيبي و طرجني أرضا , بينما وضع هابرماس قدمه على رقبتي .. استطعت سماع هابرماس و هو يخاطبني : إذا لم تقتل المجاعة أولادكم فإننا قادمون لذبحهم .. ما حدث بعدها كان معجزة بكل المقاييس .. بينما كانوا يجهزون المطارق لضربي بها كما هيئ لي , وقفت و انطلقت مسرعا من النافذة و بدأت بالطيران محلقا فوق برلين و مررت فوق الغيتو لأرى جنود الخلافة و كل أطفال و نساء الغيتو موتى تحت علم لا إله إلا الله و جنود الإس إس مستمرين بحصارهم دون أن يعرفوا أن من يحاصروهم قد ماتوا منذ وقت طويل و أن وراء ذلك السور الهائل المحاط بكل أصناف الألغام و الأسلحة لا توجد إلا ملايين الجثث فقط .. كان من الواضح أن جنود الخلافة قد أفرغوا رصاصاتهم الأخيرة في أجساد الأمهات اللواتي حاولن النجاة بأطفالهم خارج بلاد الإسلام فارين إلى بلاد الكفار .. و بينما كانت تلاحقني طائرات بدائية و هي تطلق نحوي رصاصات قليلة ثم أسهما طويلة غريبة طرت بعيدا لأرى الرياح تحمل رائحة الجثث الميتة بعيدا و لأرى الطاعون يبدأ بقتل الآلاف فالآلاف بعد أن نسي البشر اسم الدواء الذي اخترعوه ذات يوم لعلاجه و نسوا اين وضعوه قبل أن يذهبوا إلى الحرب ثم ساد لون أسود و جاء معه الصمت








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في