الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مابعد داعش..صناعة السلام في المناطق المحررة

شمخي جبر

2020 / 12 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


خاض العراقيون معارك شرسة مع تنظيم داعش الارهابي من اجل هزيمته وتحرير الاراضي التي احتلها، كما انهم خاضوا صراعات شرسة في ما بينهم وصلت الى حد كسر العظم .
لكن المعركة الحقيقية التي تلي كل هذه المعارك والاهم هي معركة صناعة السلام وترميم الجراح وتحقيق الشفاء الناجز للجسد الاجتماعي العراقي .
اذ يتفق الباحثون الاجتماعيون والنفسسيون على ان المعركة الحقيقية ليست تلك التي تستخدم فيها الطائرات والصواريخ او المدافع والبنادق،فهي لاتتمثل في الخنادق او بالهجمات العسكرية او التفجيرات،فليست سيارة مفخخة تنفجر هنا اوهناك، بل هي مشاكل متراكمة تركت من دون حل بسبب عدم وجود ارادة حقيقية لانتاج الحلول وصناعة السلام.
المعركة الاهم هي التي يقودها المجتمع ونخبه لترميم الارواح والقلوب من اثار الحروب والعنف ، واعادة التأهيل النفسي والاجتماعي للفرد والمجتمع .
المعركة الحقيقية هي معركة صناعة السلام وهزيمة الحرب ، لان المعارك الحقيقية ليست تلك التي تحدث على خطوط التماس بين المتحاربين ، او مايسميه بعض العسكريين( خطوط الصد) فحسب بل الاهم هو الواقع المجتمعي وثقافته واستئصال ثقافة العنف والارهاب والكراهية والانتقام والثأر واستنبات ثقافة السلام والتسامح والتعايش .
صناعة السلام
كيف يمكن ان تستأصل روح التسلط التي تمكنت من النسق الثقافي المجتمعي واستبدال الصور النمطية عن العدو ، او ما نعتقد انه عدو يمكن ان يصبح اخا وصديقا (فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
لايتحقق السلام من خلال انهاء العدو بهزيمته او قتله بل يتحقق بالتخلص من المشاكل التي اوصلت الفرقاء للعداء.
اليات العمل تعتمد انتاج الحلول وليس غض الطرف عن المشاكل او تدويرها الى اوقات اخرى، وفتح جميع الملفات وليس اهمالها او القفز عليها وتجاهلها مهما كان تعقيدها وصعوبتها .
نستطيع القول ان من الصعوبة بمكان الوصول الى حالة الشفاء التام من الحرب والتخلص من اثارها ،الا اذا تم نبذ الانتقام والثأر ،واعادة الثقة بالنفس وترميم العلاقة مع الاخر وبالتالي بناء جسور الثقة معه من اجل الحوار .
ولايتحقق كل هذا الا من خلال اعادة تأهيل وترميم الارواح والقلوب التي اكتوت بنار العنف او عايشته او كانت جزءا من ادواته القاتلة او المقتولة ،كالنساء والاطفال المعنفين او النساء المغتصبات او الجنود والمحاربين الذين ارتكبوا بعض الاخطاء او اجبروا على المشاركة في الحرب تحت هذا الظرف او ذاك ، مع اننا لا يمكن ان نمسح الذاكرة مما علقت فيها من صور وبشاعات وحوادث عنف ، ولكن يمكن مسح الجراح والاثار التي اصابت الارواح والقلوب والعقول .
الاطراف المحلية وحدها القادرة على صناعة السلام
فالسلام لايمكن ان يصنعه الا اصحاب المصلحة الحقيقية به وهم الفئة التي اكتوت بنار الحرب والعنف ومس اللهيب روحها وقلبها .
وهي تحتاج الى دعم وتعزيز موقفها منه وتمسكها به، كما انها تحتاج الى تمكين وتدريب لتستطيع خوض مسارات تجربة صناعة السلام التي تحتاج الكثير من المهارة والتعب .
صناع السلام يتمتعون بروح الفروسية والنبل ، يرفضون الانتقام والثأر، قادرون على تقديم التنازلات واقناع الاخرين بتقديمها ،مدربون على التفاوض وحل النزاعات يعرفون الواقع المجتمعي ومشاكله بشكل دقيق ،يتمتعون بروح المبادرة.
لقاء هذه الفئات ومد الجسور بينها وتدارس اسباب العنف واثاره ، والبحث عن حلول بديلة عن العنف والصراع وهو ما يحتاج ارادات شجاعة وصلبة وجريئة تخلصت من اثار الماضي وعقده ، تسعى بلهفة نحو صناعة السلام ومن ثم الوصول الى مرحلة الشفاء التام من الماضي واحداثه.
لابد من الاشارة الا ان السلام لايمكن صناعته وتحقيقه بآلية فرض الامر الواقع او كسر الارادة لهذا الطرف او ذاك او استضعافه او الاستهانة به او اجباره على تقديم التنازلات ، لان هذا لا ينتج الشفاء التام، بل يشكل ما يمكن ان نطلق عليه هدنة مؤقتة، لان استغلال ضعف الضعيف الذي قد يصبح قويا يوما ما، فتفتح الجراح من جديد.
كما ان السلام لايمكن ان يتم عن طريق شراء الذمم او تقديم المغريات والمكاسب الشخصية المؤقتة،فهذا ليس حلا بل ارضاء مؤقت،وهو ما لايمكن ان يكون حلا ستراتجيا يوصل الى مرحلة السلام المجتمعي.
كذلك فان الانتهازيين والمواقف الانتهازية لا يمكن لها ان تصنع السلام، لان هؤلاء يبحثون عن مغانم شخصية واثمان لمواقفهم ، مع عدم ثبات هذه المواقف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أوضاع مقلقة لتونس في حرية الصحافة


.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين: ماذا حدث في جامعة كاليفورنيا الأ




.. احتجاجات طلابية مؤيدة للفلسطينيين: هل ألقت كلمة بايدن الزيت


.. بانتظار رد حماس.. استمرار ضغوط عائلات الرهائن على حكومة الحر




.. الإكوادور: غواياكيل مرتع المافيا • فرانس 24 / FRANCE 24