الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطعن في الإسلام لا يمكن أن يصنع حداثة

عثمان سحبان
كاتب ومدون مغربي

(Othmane Souhbane)

2020 / 12 / 11
العولمة وتطورات العالم المعاصر


كثيرا ما نجد بعض دعاة الحداثة والفكر التحرري والذين يمارسون النقد من أجل النقد. يتخدون من الدين الإسلامي وسيلة من أجل البروز على الساحة الإعلامية، و الظهور بمظهر الباحث والمفكر، وما هم إلا مستهلكين مجترين لما سلف من البحوث والمؤلفات في الفلسفة والتاريخ والفكر، مقلدين للتجربة الغربية في مسألة القطيعة مع الدين، جاعلين من الاسلام سببا في التخلف، ساعين الى الطعن في شرع الله، غير مدركين أنه دين محفوظ على مر الزمان والمكان، وان مسألة التحديث والنهضة والتطور لا يمكن أن تأتي بالتقليد وطمس الهوية، إنما بإحياء الفكر والاعتماد على الإرث الحضاري والاستثمار في الإنسان، والنهوض بالتوابث وليس الطعن فيها.

ان أول ما يفعله أغلب دعاة الحداثة، هو الطعن في الإسلام، وجعله سببا في تخلف الامة الاسلامية والدعوة الى تقليد التجربة الغربية في القطيعة مع الدين. معتبرين ان ما وصل إليه المسلمون اليوم من تراجع وانحطاط وتخلف على كافة الاصعدة، راجع الى الدين واعتمادهم عليه، وإدخاله في تدبير الشؤون السياسية والإدارية وباقي مسائل الحياة العامة. كما ان كثيراً منهم يطعن في التاريخ، والهوية وقيم الأمة ومسائل العقيدة، مفضلين الغرب على العرب، معتبرين تاريخ أوروبا، تاريخ امجاد وفكر وتقدم وتطور. وهذا ليس إلا جهلا بالتاريخ، وتعصبا وإنكارا للواقع.

إنه من الغباء الدعوة الى تقليد التاريخ الغربي، وغض النظر عن تاريخ امة زاخر بالأمجاد والفكر والعلم والتحضر، ففي زمن كانت فيه أوروبا تعيش في غيابات الانحطاط والظلمات. كانت الامة الاسلامية في أوجه ازدهارها وتقدمها، ومن الغباء كذلك المقارنة بين التجربة الكنسية الغربية وبين الإسلام، فمسألة الفصل بين الدين والدولة في أوروبا جاءت نتيجة حتمية لما كانت تقوم به الكنسية ورجال الدين من افعال وتعاليم وقوانين، ضد الإنسان وهي أمور لا يمكن للمجتمع والعقل والمنطق تقبلها، فكانت القطيعة مع الدين ضرورة تاريخية واجتماعية لا محيد عنها من اجل التغيير. على عكس الاسلام الذي أعطى قيمة للإنسان والعقل والعلم والفكر، والأخلاق والتربية. وهي أسس حضارة وتقدم وليست عوامل انحطاط وتراجع.

كثيرة هي الأمور التي يعتبرها هؤلاء ضرورة للتغيير، معتبرين ان الإسلام يحد من حرية الانسان وينقص من قيمته، وهي في الأصل أشياء سطحية، من ذلك مثلا حرية اللباس والتعري او الإفطار في رمضان او المساوات في الإرث والزواج المثلي وحرية العلاقات الغير شرعية التي تهدم الأسرة وتساهم في التفكك الاجتماعي. فهل يا ترى إذا طبقنا هذه الأمور واعطيناها أساسا قانونيا، سنصبح أمة متطورة تسودها الديمقراطية وينعم فيها الإنسان بالحرية والقيمة والثراء والراحة النفسية والاجتماعية، ويزدهر فيها العلم والفكر والصناعة؟ اظن ان الجواب على هذا السؤال واضح، ضاهر وبين. ومن الغباء اعتبار هذه الأمور شروطا للتطور واساسا للحداثة. فكيف يمكن لحرية اللباس او الزواج المثلي ان يصنع نهضة؟

ان التقليد والنظر الى المهيمن مثالا ونموذجا يحتذى به ليس الا نتيجة سوسيولوجية للتخلف والتراجع الذي تعيشه المجتمعات الإسلامية. ودعات الحداثة هؤلاء بدورهم يخضعون لهذا التأثير دون ان يصرحوا بذلك ويتقبلوه، فعوض ان يحاولوا البحث في جدور التخلف، ومحاولة إيجاد سبل النهضة والتطور بالاعتماد على إمكانات الامة واسسها وقيمها، فانهم يتجهون مباشرة الى نقد الدين وشرع الله، ويحاولون هدم أسس التربية والأخلاق التي طالما كانت ميزة مجتمعاتنا، وخصيصة امتنا الإسلامية. وهذا لا يمكن البتة ان يحدث تغييرا او ان يصنع حداثة. وان كان اشباه المفكرين هؤلاء يتخدون منه سبيلا لخدمة مصالح خاصة، فمهما حاولوا لا يمكن في نهاية الامر ان يحصدوا اية نتائج، وعليهم إعادة النظر في طريقة تفكيرهم. والبحث عن طرق أخرى للتفكير وممارسة النقد، فما يدعون اليه من أفكار لا بد ان يبهت وان يسقط يوما بأسئلة الفكر والواقع.

إن انتقاد الدين وأسس العقيدة وما يدعو اليه هؤلاء، هي أمور لا أساس لها، ومن الواضح انهم لا يحملون هم الأمة وإرادة التغيير وطموح الحداثة، مع ان مسألة الحداثة في رأيي يجب إعادة النظر اليها من منظور خاص وليس عام، فما ينطبق على أوروبا، وما نجح في أوروبا لا يمكن تطبيقه بشكل عام والنظر اليه من منظور العمومية والشمولية. والتاريخ لا يمكن إعادته، فالظاهرة التاريخية لها شروطها الزمكانية، ناهيك عن الإختلاف في البنيات الإجتماعية. فإذا أردنا الحداثة فيجب بناء حداثة ونهضة خاصة، تتناسب مع خصوصياتنا وإمكانياتنا، علاوة على ان بعض أسس النهضة والتطور التي كانت في أوروبا أضحت مستهلكة ومتجاوزة، وبعيدة كل البعد عن خصوصيات عصرنا الحالي، ولا يمكن إعادة تطبيقها واعتبارها قوانين عامة وشروطا للتغيير والحداثة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ليت
محمد البدري ( 2020 / 12 / 11 - 13:30 )
ليت الكاتب قرأ القرآن
ليت الكاتب قرأ السيرة النبوية
ليست الكاتب قرأ الاحاديث
ليت الكاتب قرأ تاريخ الخلافة الاسلامية بعد موت محمد مباشرة وما فعلوه بانفسهم وبسكان المنطقة حتي يراجع ما كتبه في هذا المقال
ويمكنه معرفة كل هذا تويرا لوقته الغالي الضائع في صوم وحج وصلاه ان يقرأ ملخصات وافيه عنه لمن ينقدوا الاسلام في هذا الموقع المتمدن


2 - دعاة الحداثة والتحرر مجرد مرددين ومقلدين
عبد الله اغونان ( 2020 / 12 / 11 - 15:50 )
لكل ماقاله المستشرقون عن الإسلام وكونه هو العائق للتقدم
مع أن الإستعمار ومن عينهم لحكم البلاد العربية هم سبب الإستبداد والتخلف
وكل هذا الإجترار عن التخلف والتنوير مجرد خطاب تزوير
فلا برنامج لهم في مجالات الطب والصناعة والتجارة والحرب والفلاحة


3 - هل سيرد صاحب المقال علي اغونان
محمد البدري ( 2020 / 12 / 11 - 16:58 )
يقول اغونان في تعليقه 2
مع أن الإستعمار ومن عينهم لحكم البلاد العربية هم سبب الإستبداد والتخلف ..
فهل قرأ كاتب المقال تاريخ الاسلام المشرف جدا للخلفاء الراشدين ومن بعدهم الاموين الذي عينهم الاستعمار بديموقراطيتهم الاسلامية التي اجترت القتل حتي علي احفاد رسول الاسلام؟


4 - وكان الاسلام ماكل وملبس فقط 1
مروان سعيد ( 2020 / 12 / 12 - 10:27 )
تحية للاستاذ عثمان سحبان وتحيتي للجميع
ما عددته هو اخر ما يفكر به الناقد للاسلام وتغاضيت حضرتك عن اهم شيئ وهو القتل والكره في الله والانكحة المتعددة التي ادت الى كثرة اطفال الشوارع وحرمان الناس من التبني ونكاح المتعة الذي الاهك حلله وحرمه عدة مرات
اهم شيئ لتجني تقدما هو ازاحة الخرافات ومسحها من القران واعتبار القران من تاليف حاخام اسرائيلي ومسطول اتعرف لماذا لاانه ينسى ويغير كلامه ولايعرف بالغيب ويشرع شرائع من العصر الحجري مثل العين بالعين والسن بالسن
واثباتي لك
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ۚ-;- إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ-;- وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴿-;-٦-;-٥-;-﴾-;-
فنسختها الاية التي بعدها تماما هل هذا المؤلف مسطول ولا صاحي
الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِي


5 - وكان الاسلام ماكل وملبس فقط 2
مروان سعيد ( 2020 / 12 / 12 - 10:41 )
الاه الاسلام كان لايعلم ان فيكم ضعف فجرب قليلا فوجد الضعف وشرع اية ناسخة احسن من الاولى
الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا ۚ-;- فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ ۚ-;- وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۗ-;- وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)
وكثيرة هي الايات المنسوخة باية واحدة وعلمها على الله منهم من يقول ربع القران منهم من يقول ايه في التبة نسخت 300 ومنهم من يقول مخرف من يعتقد انه يوجد ناسخ ومنسوخ
وهذه مذيعة تشاهد المسلمين مختلفين منهم من يعتقد بالناسخ ومنهم ينفي فقالت ونحنا حناخد ديننا منين فقال احدهم وهو ضاحك بقالكم الف سنة هكذا اصبروا شوية انظرو الدقيقة 22
https://www.youtube.com/watch?v=TkxY4lWCVlY&t=1359s
قران مبين ومختلف عليه
قران للتشريع فاختلفوا على صحة التشريع
الشيطان شاطر ارجعو لغوغل وشعر طه حسين كنت اعبد شيطان مهو اكثر انسان درس القران واللغة العربية فمعه دكتوراه باللغة العربية
ومودتي للجميع

اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة