الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة الرعاع

نضال العبود

2006 / 7 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


قال ستالين ذات مرة: "الشخص الوحيد الذي أثق به هو هتلر" . هذا القول له ما يبرره إذا ما عرفنا أن الشخصين يتشابهان إلى درجة كبيرة، في أن كل منهما أقام نظاماً شمولياً ألغى إنسانية الإنسان و مسخ القيم الأخلاقية و شوهها، و اعتمد على الرعاع في بسط نفوذه. و الرعاع هم سقاطة المجتمع و المنبوذون من كل الطبقات الاجتماعية من اللصوص و المرتزقة و عديمي الأخلاق. ليس هذا و حسب بل أنهما و عبر حكمهما الحديديين شجعا على تحول عدد كبير من الناس إلى رعاع، لأنه كان الشرط الأساسي للاستفادة النسبية من الثروة و السلطة، و تم تحطيم كافة البنى الاجتماعية و العلاقات التي تربط بينها و الطبقات و المؤسسات و القوانين و أصبح النظام ككل ممثلاً بشخص وحيد هو ستالين أو هتلر.
حتى أن الشعب السوفييتي لم يكن يعرف ما يريده ستالين و ما الذي يرضيه حتى قال البعض أنه حتى تأمن على نفسك من غدر الرفاق، عليك أن تردد في الصباح ما قاله ستالين في العشاء، فقد كان يرمي من وراء ذلك أن يجعل الولاء له شخصياً من خلال التسليم بكل ما يقوله حتى لو كان متناقضاً أو مختلفاً من وقت لأخر.
لقد تحول الشعب كطبقة مستغلة (بفتح الغين) إلى جماهير، و الجماهير هي عبارة عن ذوات فردية، لا مبالية، قليلة الوعي، ليس لديها أي طموح، تركض خلف من يحمل البوق و ينادي بغض النظر عما ذا ينادي، حتى لو كان الموضوع مناقض لمصلحتها.
عملية التشظي المجتمعي و التذري الاجتماعي الذي كرسته الأنظمة الشمولية و عملت على تغذيته، جعل الجماهير تسعى إلى شيئين: الحفاظ على حياتها من القتل و التعذيب، و تأمين ما يسد رمقها من الجوع.
ألد أعداء الأنظمة الشمولية هي الثقافة و العلم، حتى أن غوبلز بوق النظام الهتلري المشهور، كان يقول: " عندما كنت أسمع كلمة ثقافة كنت أضع يدي على مسدسي".
لقد مشقت الأنظمة العربية النموذج الستاليني و حذت حذوه و أضافت عليه و خلفت كتلاً جماهيرية سديمية عديمة الشكل و الملامح و التضاريس، و استفادت من الثقافة الإسلامية السائدة التي تعتمد على الغيبيات و الأساطير و النصوص المقطوعة عن جذورها. و وجدت الرعاع هنا أشد غباءً و بلاهة و حمقاً من الرعاع هناك، فبمجرد أن تصفر تجدهم يصطفون في طوابير بدون أن يعرفوا لماذا، و بمجرد أن يسمعوا هسيس صوت تجدهم يتراقصون و يقفزون في الهواء فاغرين أفواههم من الحمق و البلاهة و قلة العقل.
تحول المسجد من أداة تغيير إلى أداة تكفير و جمود و تحجير للعقول على يد مهندسي السلطة الاستبدادية و مشايخ الدين و تجاره، الذين رضوا أن يكونوا اليد اليمنى للسلطات المستبدة في إلهاء شعوبها عن استحقاقات التغيير و متطلبات التقدم، و في تفريخ الرعاع الإرهابيين الذين تحولوا إلى آلات بشرية فاقدة الوعي و الإحساس و الإيمان إلا بشيء واحد هو الإيمان بالموت و العدم و فناء الجسد.
الآن بتنا نعرف لماذا تحارب الأنظمة الشمولية الثقافة و تستميت في إبادتها و القضاء عليها، الثقافة هي التي تحول الجماهير إلى شعب يعي ذاته و يدافع عن مصلحته و يحاسب جلاديه، و يقاضي هؤلاء الرعاع فيزجهم في غياهب السجون أو يطرحهم على مزبلة التاريخ.
نعم نحن نعيش في ظل ثقافة الرعاع حتى إشعار آخر......








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عدة أساسية تتخذ قرارات متتالية بتعليق توريد الأسلحة إلى


.. سقوط نتنياهو.. هل ينقذ إسرائيل من عزلتها؟ | #التاسعة




.. سرايا القدس تعلن قصف جيش الاحتلال بوابل من قذائف الهاون من ا


.. نشرة إيجاز - كتائب القسام تقول إنها أنقذت محتجزا إسرائيليا ح




.. -إغلاق المعبر يكلفني حياتي-.. فتى من غزة يناشد للعلاج في الخ