الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نذر مفلح --إلى أمي

رائد الحواري

2020 / 12 / 12
أوراق كتبت في وعن السجن


نذر مفلح
""إلى أمي
اهدهد كف أمي،
لتنطلق الأغنيات،
وصايا :
كن قوياً
كن عزيزاً
كن كريماً
كن كما تنطلق الثورات
لتعاودني بعد دهر"
غالبا ما يكون العنوان مقدمة لما يحمله المتن، فالعنوان له ارتدادات على النص، وهذه الارتدادات نجدها ليس في الفكرة فحسب، بل في الألفاظ المستخدمة، فعندما يفتتح النص ب: "أهدهد كف أمي" فهذا يأخذنا إلى تكرار حرفي الهاء والدال، وإلى العقل الباطن للشاعر، الذي جعله يستخدم كلمة ـ بشكلها المجرد ـ توصل فكرة الحنين للأم، فتماثل الحروف وتكرارها يحمل بين ثناياه فكرة الحنين، وهذا يضيف تأكيد آخر على المعنى الذي نجده في مضمون القصيدة.

كما أن للعنوان أثر على الألفاظ، وبما أن العنوان متعلق بالأم، فإن هذا له آثار على الألفاظ المستخدمة في القصيدة، ألفاظ متعلقة بكيانية الأم نفسها، وإلى ما تقوله/تفعله/تشعر به، من هنا نجد ألفاظ فرح بيضاء: "الأغنيات" وألفاظا متعلقة بما تقوله: "عزيزا، قويا، كريما"، وألفاظا بكينونيتها: "الذكريات، الأمنيات، رائحة الخبز، الصبح، البدايات" فكل هذه الألفاظ المتعلقة بالأم، أتت من خلال العقل الباطن للشاعر، لهذا نجده مشاعره تتدفق بسلاسة في القصيدة، والتي نجد صداها في بساطة اللغة المستخدمة.
فالشاعر يستخدم لغة (عادية)، لكن الألفاظ المجردة تأخذنا إلى العمق، إلى العقل الباطن للشاعر، وهنا نجد التكامل بين ما هو على السطح، وما تخفيه الألفاظ من معاني ودلائل.
وقبل أن نغادر هذا المقطع نشير إلى هذه ألفاظ: "كانبعاث، فالصبح، البدايات" فهي تأخذنا إلى معنى البداية البكر، البداية النقية، من هنا يمكننا تحميلها للأم، التي تمثل هذه الفواتح البيضاء.
الشاعر يظهر حاجته للمرأة، من خلال:
" وأنثاً تنتظرُ على قارعةِ البحر تعد حبات الرمل وتوشوشُ المحارات" إذا ما تجوزنا الفكرة المطرحة، يمكننا الوصول إلى رغبة الشاعر بالمرأة من خلال الألفاظ المجردة، خاصة تلك المؤنثة: "أنثا، قارعة، حبات، توشوش، المحارات" فكل هذا الألفاظ المؤنثة تشير إلى رغبته وانحيازه للمرأة/للأنثى، كما أنه استخدم أفعالا تشير إلى صفات الأنثى التي يفكر بها ويريدها: "تنتظر، تعد، توشوش" فالأنثى هنا خجولة، أنثى بكر، لهذا قدمها بصورة ناعمة، بعيدا عن الوضوح والبوح، فهي أنثى تكتم حبها "تنتظر، تعد، توشوش".
حاجة الشاعر للمرأة المخلصة تجعله يتقدم أكثر منها: "- فإتي، لن يأتي، سيعود، لن يعود - وتبقى ترسم شكل القبل على شفةِ الأمل، ليلد العمر عمراً قبل الفجر لتسألني : ماذا فعلت بك السنوات؟" هذه التكملة تأخذنا إلى العقل الباطن من جديد، فالمرأة أحد عناصر الفرح/التخفيف التي يلجأ إليها الشاعر/الأديب، وبما أن "منذر مفلح" أسير يعاني من قسوة الجدران والسجان، نجد هذا التماهي مع المرأة، فخلق لها صورة رومنسية، بعيدا عن الكدر والصخب، فجاء بصورة المرأة المحبة لحبيبها، فتتخيله قادما إليها بعد الغياب.
وهذا ما نجده في الألفاظ المجردة: "يأتي، سيعود، وتبقى، الأمل، ليلد، العمر" فواقع الأسر (فرض) على الشاعر استخدام هذه الألفاظ، وهي بمجملها متعلقة به، بلكنها اسقطها/نسبها للحبية، فبدأت وكأنها تتحدث نيابة عنه.
والسؤال الأخير "ماذا فعلت بك السنوات؟" (كشف) أن المتحدث/المتكلم هو الشاعر وليس المرأة، لكن الطبيعة الناعمة للأنثى وحضورها الهادئ (فرض) وأوجب أن تكون حاضرة.
(يكشف) الشاعر حقيقة واقعه، من خلال هذا المقطع: " فأجيب : لدهرِ مصاريف وحكايات تحتك بالجسدِ عاديات غاديات كانبعاث الليل، فالليل عند النهايات، للعمر مذاق البحر في غياب الصباحات، من مرمر معشقٍ بالصدف المغسول دماء البحرِ" ننوه إلى أن الشاعر (تخلى) عن المخفقات/الأم/المرأة، بمعنى أنه أمسى دون فرح، لهذا نجده
(يكثر) من الألفاظ القاسية والشديدة: "تحتك، الليل (مكرر)، النهايات، غياب، دماء" فهذه الألفاظ تأخذنا إلى القسوة والشدة، وهذا ناتج عن (تخلى) الشاعر عن عناصر الفرح/التخفيف، فجاءت الألفاظ في هذا المقطع قاسية ومؤلمة.
يختم الشاعر القصيدة قائلا: " أهدهد الأمل وأربي الحكايات"، وكأنه تذكر أن عنوان وفاتحة القصيدة متعلقة بالأم، وليس بالسجن، لهذا جاءت الخاتمة بيضاء.
القصيدة منشورة على صفحة الأسير منذر مفلح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع


.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا




.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم


.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من




.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز