الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إيليا كازان

محمد عبيدو

2006 / 7 / 17
الادب والفن


" إيليا كازان "
المخرج المسرحي والسينمائي الامريكي الشهير /ايليا كازان/ ، الحاصل على جوائز اوسكار توفي يوم 28أيلول 2003 عن 94 عاماً، في منزله في مانهاتن.. ، وهو شخصية مؤثرة في برادوي وهوليوود ، واكتشف العديد من نجوم السينما ،من بينهم /مارلون براندو وجيمس دين/، لكنه اعتبر نفسه باستمرار مهاجراً مهمشاً .‏
و/ كازان / المولود في السابع من ايلول 1909 لأبوين يونانيين يعملان في تجارة السجاد في القسطنطينية ، هاجر بعد اربع سنوات من هذا التاريخ الى الولايات المتحدة ، وقد عاش /كازان / خلال دراسته اللغة الانكليزية في معهد وليامز، الذي تخرج منه 1930 قسوة اقصائه من اوساط النخبة البيضاء في الولايات المتحدة التي تضم البيض الانغلو سكسون البروتستانت .‏
ودرس /كازان بعد ذلك الفن المسرحي في بال مدة سنتين قبل ان ينضم في 1932 الى فرقة« مجموعة المسرح» ، التي كانت تؤمن بالافكار التقدمية في تلك الفترة ، وبالعمل الجماعي ..وكانت احد اقطاب الحياة المسرحية في نيويورك في الثلاثينيات ، واسسها لي ستراسبرغ، وهارولد كلورمان ..وكان ناشطاً في الموازاة في « المسرح الفدرالي » الذي اسسه / اورسون ويلز وجون هاوسمان/، وفي سنوات الاعداد المسرحي هذه اختبر/ايليا كازان / العديد من الحرف :كان مسؤولاً عن الاكسسوارات ، ممثلاً ، مساعد مخرج، ثم مخرجاً ، ولعب شخصيات بروليتارية/لكليفورد اوديتس / واخرج مسرحيات اجتماعية ، وكان كازان يسارياً مقتنعاً ، وقد انضم الى الحزب الشيوعي الامريكي من 1934 الى 1936 ونشط في الاوساط الفنية اليسارية قبل الحرب العالمية الثانية .‏
أقفل محترف « مجموعة المسرح» فذهب /كازان الى هوليوود ، حيث لعب دورين في فيلمين للمخرج اناتول ليتفاك ، ولدى عودته الى نيويورك اضحى خلال الحرب العالمية الثانية أحد ألمع المخرجين المسرحيين في برودواي، اذ كانت شركة «فوكس» تبحث عن مواهب جديدة ، فاستدعته.. كان /كازان/ الشاب اختبر السينما في الثلاثينيات عبر بضعة افلام وثائقية وافلام روائية قصيرة ، بيد انه سيحظى ، هذه المرة بمعارف سينمائية « منهجية ضمن الشركة الكبرى ، وخاصة على يد /ليون شامروي/ الذي سيغدو مدير تصوير فيلمه الاول ، « شجرة تنمو في بروكلين » 1945 عن تجربته في الفيلم يقول /ايليا كازان / في حواره مع /ميشيل سيمان/ الصادر ضمن سلسلة الفن بمؤسسة السينما ، بترجمة /محمد جمول/ :« كانت المناظر في شجرة في بروكلين جيدةً الى حد ما، ولكن كان هناك شيء مزيف بالاساس ، لو صورنا في الجانب الشرقي من نيويورك ، لكانت الامور اقرب الى الواقع ، ولكن ما هو أسوأ من المناظر بكثير - الغرف اكثر نظافةً من اللازم ، فائقة الترتيب ، أكثر بكثير مما يتوقع من خازن ادوات التمثيل ، كان تصفيف الشعر والازياء ، مظاهر بدت وكأنها صور تزيينية في مجلة ،الشيء الحقيقي في ( شجرة ...) هو وجه الفتاة الصغيرة لان والدها كان فيما وراء البحار في الحرب ، ولان امها تعاني من مشاكل ، ولانها هي نفسها كانت تعاني من الآلام والشكوك، وكان وجه الفتاة متغضناً وشاحباً وقلقاً ، بدا حقيقياً تماماً ، لم تكن جميلةً ابداً ولا جذابةً او رائعةً ، فقط كانت صادقة ً» وتوالت افلام /كازان / ذات الطابع الاجتماعي الغزير للمنتج /داريل زانوك/ دعم بداياته ، فتناول الخطأ القضائي في « بوميرانغ» 1947 جنتلمان» 1947، الذي نال العديد من الاوسكارات، وتناول موضوع العنصرية في الجنوب الامريكي في فيلم « بينكي » او « القرنفلي » 1949، الذي كان بدأه /جون فورد /.‏
لكن صورة /ايليا كازان/ المخرج الفذّ والمدير البارع للممثلين لم تكتمل إلا مع فيلم " ذعر في الشوارع " والذي صوّرة في شوارع نيواورليانز ، فيلم كامل ، سوداوي حول تفشي داء الطاعون في مدينة يحكمها رجال العصابات عن تجربته.. في الفيلم يقول /كازان/:« لقد اتخذت قراراً بألا أتقيد بالمخطوطة ، هذه المرة الاولى التي أضع فيها المخطوطة جانباً .‏
كانت معنا عربة امتعة ، وفيها آلة كاتبة في المؤخرة ، كان ضارب الآلة الكاتبة يأتي الى العمل معي يومياً ، كانت المخطوطة ضعيفةً في البداية ، وكان علينا اعادة عمل كل مشهد - بتلك الطريقة استطعنا استخدام روعة ألوان وغنى /نيواورليانز/ ، صورنا شوارع بيوت الدعارة البارات الوضيعة وارصفة الميناء ، لقد ابقيت مجمل عملية التصوير خلاقة بدلاً من الالتزام الشديد بالمخطوطة ، لم يكن احد في الاستديو يدقق فيما نعمل ، ولم يكونوا يعرفون اين سنذهب في الخطوة التالية ؟ صورنا في جميع انحاء المدينة ، لقد جن ّجنون الطاقم ، بعضهم شكا من أني فجأة أركب زورقاً او قطاراً ، لقد استمتعت بذلك الفيلم اكثر من أي فيلم اخرجته ، حتى ذاك الوقت ، صورت الناس في الشوارع ، كنت اغيظ الجميع واحافظ على حيوية كل شيء ، شعرت وكأنني تحررت في هذا الفيلم، فيه نكهة اقوى ».‏
عام 1952 ينجز /كازان احدى تحفه السينمائية في مسرحيته «تنيسي ويليامز» عربة تدعى الرغبة مع /مارلون براندو ، وفيفيان لي / وكان قدم مسرحية ويليامز هذه على خشبة برودواي عام 1947 مع براندو وكيم هانتر، علماً بأن عمل كازان / في المسرح لم ينقطع بل كان يعمل توازياً بين المسرح والسينما ، وهذا الفيلم كان الثمرة المباشرة لمنهجية« الاكتورز استوديو» الذي اسسه /ايليا كازان/ في 1947 مع /شيريل كراوفورد وروبرت لويس / ، قبل ان يترك مسؤولية متابعة المهمة الاعدادية فيه لاحقاً للي سترايبرغ ا،لذي كان موضع ثقته وتقديره ، وتخرج / براندو وجيمس وين ومنتمري كليفت وبول نيومان/ 1952 كان عاماً اسود في حياة /ايليا كازان/ ، ففي اوج المكارثية ، الحملة التي استهدفت الشيوعيين في الولايات المتحدة ، وافق على كشف اسماء لزملاء له شيوعيين للجنة في شهادته امام « لجنة النشاطات المناهضة لامريكيا»... هذه الوشاية ظلت هوليوود ، وأهل السينما في اوروبا كلها ، في حال عجز عن غفرانها ، ونتذكر جميعاً.. كيف صفر ضدّه عدد من حضور حفل الاوسكار عام 1999 حين نال اوسكاراً تكريمياً لمجمل اعماله .‏
في تلك الايام المكارثية ، بدلاً من ان يواجه كما فعل دالتون ترامبو وبن بارزمان ، وبدلاً من ان يسلك سبيل المنفى ..كما فعل /جوزيف لوزي مثلاً ، آثر /ايليا كازان / الوشاية ،وكسب رضا لجنة النشاطات المعادية لامريكا ، ولم يفده ذلك على الصعيد الانساني ، اذ سرعان ما وجد نفسه منبوذ اً من رفاقه السابقين كما من الحياديين ، دون ان يكسب رفاقاً جدداً كانوا بعيدين منه ، ومن تاريخه السياسي سنوات ضوئية لكن من الناحية المهنية، وفّر له الامر مواضيع للكثير من افلامه التالية ، التبس فيها بعد الندم ببعد التبرير .‏
في البداية رفض /كازان الاداء بشهادته ، لكنه تراجع امام الضغوط التي تناولت حياته المهنية ، وأدت شهادته هذه الى تشوه صورته وسمعته ، في حين اعتبر آخرون ابطال حريات لانهم رفضوا الوشاية بأحد خلال تلك المرحلة العصيبة ، ودفعوا ثمن ذلك غالياً ، فإن /كازان / عومل حتى رحيله بوصفه خائناً ولم يغفر له احد فعلته هذه ، وإن لم يكن هناك خلاف حول اهميته السينمائية بعد الوشاية ، قدم مع /مارلون براندو/ فيلم " فيفازاباتا" 1951، ثم « على رصيف الميناء» 1954 مع /مارلون براندو / ايضاً ثم " شرقي عدن " 1955 الذي اكتشف فيه /جيمس دين و«بيبي دول /1957 و« النهر المتوحش» 1960 ثم « امريكاامريكا»1963 المأخوذ عن رواية له والذي سرد فيه جزءاً من سيرته الذاتية ، ذلك المتعلق بأمريكا ، وهجرته اليها قادماً من استنبول، ليكتشف العالم ومعه السينما التي بصمت حياته بعد ذلك ثم « روعة على العشب » و« التدبير » 1969 أحد آخر افلامه وأكثرها حميميةً ، ثم « الزائران» 1971 و« آخر العمالقة » 1976 ، وانصرف /ايليا كازان/ الى الكتابة بعد توقف عن الاخراج خلال ربع القرن الاخير من حياته ، واستعاد في بعض افلامه الاخيرة خيط الابداع الذي كان ربطه بماضيه.‏
مع رحيل /ايليا كازان / ،غاب احد الوجوه السينمائية العالمية في القرن العشرين ، اضافة الى كونه شخصيةً أثارت سجالاً سياسياً واخلاقياً لم ينتهِ بغيابه عن الصورة قبل نحو ربع قرن من ا لزمن ولا برحيله أخيراً .•‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقطات من عرض أزياء ديور الرجالي.. ولقاء خاص مع جميلة جميلات


.. أقوى المراجعات النهائية لمادة اللغة الفرنسية لطلاب الثانوية




.. أخبار الصباح | بالموسيقى.. المطرب والملحن أحمد أبو عمشة يحاو


.. في اليوم الأولمبي بباريس.. تمثال جديد صنعته فنانة أميركية




.. زوجة إمام عاشور للنيابة: تعرضت لمعاكسة داخل السينما وأمن الم