الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اتفاقية العمل الدولية 190، وأهميتها في تحسين واقع النساء العاملات في فلسطين

سلامه ابو زعيتر

2020 / 12 / 15
الحركة العمالية والنقابية


بسم الله الرحمن الرحيم
15/12/2020
ورقة عمل بعنوان /
اتفاقية العمل الدولية 190، وأهميتها في تحسين واقع النساء العاملات في فلسطين
• اعداد/ د. سلامه أبو زعيتر
مقدمة :
تعاني النساء العاملات في بيئة العمل الفلسطينية الكثير من المشاكل والتحدّيات والصعوبات، ومن ضمنها ما يتعلق بالعنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي، وأشكالٍ متعددة من العنف في حيث بلغت نسبة من تعرضن للعنف النفسي خلال العام 2020 في العمل 40%، ونسبة 31% منهن تعرضن للعنف الجسدي، في حين عانت أخريات أشكالاً أخرى من العنف: كحجز الحرية، والتحرش والاعتداء الجنسي، والعنف الاقتصادي والاجتماعي، والعنف الإلكتروني، بنسب متفاوتة في ظل التعتيم والتستر والإخفاءه ارتباطاً بثقافة المجتمع وتعامله مع هذه القضايا والخوف من الفضيحة، فبالرغم ما تتعرض له النساء في العمل من مشاكل تتعلق بالتمييز وعدم الانصاف، وانتهاك بعض المشغلين للقوانين والتشريعات وعدم مراعاة خصوصيتهن، وعدم حمايتهن من التنمر، والتعرض للعنف والتحرش في العمل، حيث رصدت النقابات ووثقت الكثير من الانتهاكات والاعتداءات على النساء، وخاصة في ظل جائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والنفسية والصحية، وهذا يدعو لوقفه جادة ومسئولة تجاه قضايا النساء العاملات بهدف حمايتهن وتوفير بيئة عمل أمنه، ومن منطلق المسئولية الدولية عن العمل قامت منظمة العمل الدولية في مؤتمر العمل الدولي خلال دورته الثامنة بعد المئة بتاريخ 10 حزيران 2019 بإقرار اتفاقية العمل 190 بشأن القضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، وانطلقت هذه الاتفاقية من إعلان فيلادلفيا الذى أكدّ الحق بالعمل لجميع البشر بدون تمييز أياً كان عرقهم أو معتقداتهم أو جنسهم، ومن أجل رفاهيتهم في ظروف تحفظ لهم الحرية والكرامة والأمن الاقتصادي وتكافؤ الفرص.
وللوقوف على تفاصيل الاتفاقية وأهميتها في حماية النساء العاملات والقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، سنجيب من خلال ورقة العمل على تساؤلات حول/ ما مفهوم العنف والتحرش من منظور دولي؟ وما أهمية الاتفاقية للقضاء على العنف والتحرش في بيئة العمل في الواقع الفلسطيني؟، وما أبرز المواد القانونية التي تساهم في القضاء على ظاهرة العنف والتحرش في بيئة العمل؟ وما دور النقابات العمالية في القضاء على العنف والتحرش في بيئة العمل والمنزل؟ وما هو التصور المقترح نقابياَ للضغط على الحكومة الفلسطينية للتوقيع على الاتفاقية؟ وموائمة التشريعات والقوانين الاجتماعية العمالية الفلسطينية معها؟
أولا: مفهوم العنف والتحرش من منظور اتفاقية العمل الدولية 190:
أ‌. يشير المصطلح "العنف والتحرش" في عالم العمل إلى مجموعة السلوكيات والممارسات غير المقبولة أو التهديدات المرتبطة بها سواء حدثت مرة واحدة أو تكررت تهدف أو تؤدي أو يحتمل أن تؤدي إلى إلحاق ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي، وتشمل العنف والتحرش على أساس نوع الجنس.
ب‌. يعني المصطلح " العنف والتحرش على أساس نوع الجنس " العنف والتحرش الموجهين ضد الأشخاص بسبب جنسهم أو نوع جنسهم، أو اللذين يمسان على نحو غير متناسب أشخاصاً ينتمون الى جنس معين أو نوع جنس معين، ويشمل التحرش الجنسي.
هذا التعريف للعنف والتحرش لوارد في اتفاقية العمل 190، ويعتبر مرجعية للقوانين واللوائح الوطنية للدول الموقعة على الاتفاقية، ويجوز اعتماد مفهوم وحيد بالتعريفات أو مفهومين مستقلين للاستناد إليه في التشريعات الوطنية.
- مفهوم العنف والتحرش إجرائياً:
يعرف العنف والتحرش بأنه ذلك السلوك الشاذ والخارج عن القيم والعادات الاجتماعية، والتهديد والممارسات غير المقبولة إنسانياً وأخلاقياً، وتوقع انتهاك وتعدي مقصود قد يترتب عليه ضرر على العاملين في بيئة العمل، سواء كان ضرر جسدياً أو نفسياً أو جنسياً أو اقتصادياً ويشمل ذلك العنف والتحرش على أساس الجنس، وما يرتكب بحق النساء والفتيات في بيئة العمل.
ثانياً: أهمية الاتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في مجتمعنا الفلسطيني:
يقرّ الجميع بحقّ الإنسان - بغض النظر عن النوع - بالعمل بكرامة وفي بيئة عمل خالية من العنف والتحرش بما في ذلك العنف على أساس الجنس، وخاصة ما يتعرض له النساء في العمل، وإنّ ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل تشكل انتهاكاً وإساءةً لحقوق الإنسان، وتهدد تكافؤ الفرص والعدالة، وتتنافى مع معايير العمل اللائق، وهذا يدعو لتعزيز ثقافة عمل تقوم على الاحترام المتبادل، وعلى أساس حفظ كرامة الانسان وحقوقه ومنع العنف والتحرش، وأُكد ذلك في الصكوك الدولية والإعلان العالمي لحقوق الانسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، واتفاقية الأشخاص ذوي الإعاقة.
تقع على كل دولة مسئولية هامة لحماية العمل، وضمان استقراره واستمراره بإتزان، وبما يحفظ كرامة العاملين، ويساهم بقوة لا تسامح فيها التساهل مع العنف والتحرش في بيئة العمل، ومكافحة هذه الظاهرة السلبية مسئولية كل الجهات والهيئات الفعّالة في سوق العمل، لتتكاتف وتتعاون وتتشارك في التصدي لظاهرة العنف والتحرش وتمنعها وتضع الخطط والسياسات للقضاء عليها نهائيا، فظاهرة العنف والتحرش من أخطر الظواهر في عالم العمل، التي لها تداعيات وآثار وانعكاسات سلبية على صحة الانسان النفسية والبدنية، وعلى كرامته وعلاقاته في العمل، وتفاعلاته في بيئته الاجتماعية والاسرية، وقوته الإنتاجية، وكفاءته، وتحول دون مشاركة النساء الفعّالة في سوق العمل ودون تقدمهن فيه، ويضعف مساهمتهن في العملية التنموية.
إن العنف والتحرش ظاهرة خطيرة تهدد استقرار وأمن العاملات والعمال، واستمرارهم بالعمل، وتحدُّ من التقدم والتنمية واستدامة العمل، وتطور المنشأت الانتاجية، وهذا ينعكس سلبا على علاقات العمل، وتنظيمه، والتزام العاملات والعمال، وسمعة المنشآت، وقدرتها الإنتاجية، فالعنف والتحرش على أساس النوع الاجتماعي يمس بالنساء العاملات، وكرامتهن ويهدد وجودهن واستمرارهن في سوق العمل، وهذا يحتاج للتدخل والعلاج، وتبني منهج وآليات متكاملة بشكل حقيقي لمكافحة هذه الظاهرة، والحدّ منها، والقضاء على العنف والتحرش، وعوامل الخطر في بيئة العمل، بهدف تعزيز الأنماط المقبولة بما يساهم في مكافحة التمييز، ومعالجة علاقات القوة غير المتكافئة القائمة على أساس الجنس، وهذا يعتبر الأساس في مكافحة الظاهرة في عالم العمل، لذا يجب العمل بشكل جماعي بين أطراف الإنتاج الثلاثة ( حكومة وأصحاب عمل وعمال)، وبمشاركة ممثليهم في وضع التدابير والخطط لمواجهة العنف والتصدي للظاهرة ومواجهتها بقوة، وتعتبر الخطوة الأولي للقضاء على مظاهر العنف والتحرش، هو توقيع الحكومة الفلسطينية على اتفاقية العمل الدولية 190، وتوصيتها رقم 206، وبدأ العمل بمبادئها ونصوصها وتعديل التشريعات والقوانين الاجتماعية العمال الفلسطينية وموائمتها مع الاتفاقية، وتجريم ممارسيها ومرتكبيها في بيئة العمل، وذلك يتطلب وضع العقوبات الرادعة لمحاسبة كل من ينتهك المحرمات في بيئة العمل، ويتجاوز أخلاقيات وأصول العمل، بممارسة الأعمال الشاذة والخارجة عن ثقافتنا وقيمنا وعاداتنا ومبادئنا الاجتماعية والأخلاقية، وهنا تكمن أهمية التوقيع على الاتفاقية باتخاذ خطوات عملية بتطوير وتعديل التشريعات والقوانين، والتي تعد أحد أهم أدوات التغيير والضبط الاجتماعي، كما ان تطوير القوانين وانسجامها مع المعايير الدولية مقياس لمدى تقدم المجتمع وعدالته .
ثالثاً: أبرز ما ورد من نصوص في اتفاقية 190 للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل:
تتناول اتفاقية العمل الدولية 190 محددات ومبادئ ومعايير للقضاء على ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل من منظور دولي، وهي الإطار القانوني الدولي الذي يجب ان تستند إليه الدول الأعضاء في منظمة العمل الدولية ILO، والتي تصادق على الاتفاقية في تطوير وموائمة تشريعاتها وقوانينها الوطنية مع معاييرها، وقد تضمنت الاتفاقية أبرز النصوص التالي :
1. نطاق التطبيق من منظور اتفاقية العمل الدولية 190 :
- توفر هذه الاتفاقية الحماية للعمال في بيئة العمل بغض النظر عن طبيعة التعاقد والمتدربين والمتطوعين والباحثين عن عمل ومن يمثل سلطة صاحب العمل .
- تطبق الاتفاقية على جميع قطاعات العمل الخاص، والعام، وسوق العمل المنظّم، وغير المنظّم وفي المناطق الحضرية والريفية.
- تطبق هذه الاتفاقية على ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل أو بسببه أو مرتبطة به، أو ناشئة منه.
2. أهم المبادئ التي تنص عليها الاتفاقية 190:
- أن تعمل كل دولة على تعزيز حق كل إنسان بعمل خالٍ من العنف والتحرش.
- أن تعتمد الحكومة مع طرفي الإنتاج (ممثلين أصحاب العمل والعمال) نهجاً متكاملاً يراعي قضايا الجنسين، ويمنع ظاهرة العنف والتحرش في العمل، بحيث يشارك الأطراف الثلاثة للإنتاج في وضع استراتيجية شاملة لتنفيذ التدابير لمنع العنف والتحرش، ومكافحته، وحظره قانونياً، ووضع عقوبات رادعة، ووضع آليات لإنفاذ القانون، ورصد الانتهاكات ومعالجتها، وتقديم الدعم للضحايا، وتوفير الإرشاد والتدريب لتعزيز الوعي، وضمان وسائل فعالة للتفتيش والتحقق من العنف والتحرش.
- العمل على تعزيز وتحقيق المبادئ الأساسية في العمل، وخاصة الحريات النقابية، والاعتراف بحق المفاوضة الجماعية، والقضاء على جميع أشكال العمل الجبّري، والقضاء على عمالة الأطفال، والقضاء على التمييز في العمل، وتعزيز العمل اللائق.
- العمل على اعتماد لوائح وسياسات تضمن المساواة، وعدم التمييز في بيئة العمل، وخاصة للعاملات والعمال والأشخاص المستضعفين، وهم الأكثر عرضة للعنف والتحرش في عالم العمل.
3. سبل الحماية والوقاية من الضرر من نص الاتفاقية 190:
- تعتمد كل دولة في قوانينها ولوائحها تعريف بظاهرة العنف والتحرش في العمل وتحظرها، بما في ذلك العنف والتحرش على أساس نوع الجنس.
- اتخاذ التدابير لمنع ظاهرة العنف والتحرش، والتدخل من قبل الحكومة في حالة الاقتصاد غير المنظم، وتحديد القطاعات، والمهن، وترتيبات العمل التي يكون فيها الاشخاص أكثر عرضه للعنف والتحرش، وذلك بالتشاور مع منظمات أصحاب العمل ومنظمات العمال، واتخاذ الإجراءات والتدابير لحمايتهم بشكل فعلي.
- العمل على اعتماد قوانين ولوائح تلزم أصحاب العمل لاتخاذ خطوات عملية لمراقبة، ومنع العنف والتحرش في بيئة العمل، وذلك بالتشاور مع العمال وممثليهم، ومراعاة المخاطر، والآثار النفسية والاجتماعية في إطار إدراة السلامة والصحة المهنية، وتحديد المخاطر وإتخاذ التدابير اللازمة للوقاية منها ومكافحتها.
4. سبل الإنفاذ والانتصاف الواجب مراعاتها من نصوص الاتفاقية 190:
- العمل على وضع التدابير الملائمة للرصد والتوثيق وتطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بالعنف والتحرش في بيئة العمل.
- وضع آليات فعّالة وآمنة للإبلاغ والشكاوى، والتسوية للنزاعات في حالات العنف والتحرش في بيئة العمل، وعمل المحاكم وهيئات القضاء، وحماية المتقدم بالشكوى والضحايا والشهود من التعرض للأذى، وللأعمال الانتقامية، وتقديم الدعم القانوني والاجتماعي والنفسي والطبي والإداري للضحايا والمشتكين.
- مراعاة الخصوصية ومبدأ السرية قدر الإمكان للحماية الضحايا والعاملين وبما لا يوقع ضرر، وحسب مقتضى الحال.
- النص بوضوح على عقوبات رادعة في حالات العنف والتحرش في بيئة العمل.
- وضع آليات فعّالة وآمنة لضحايا العنف والتحرش، وتقديم الدعم والخدمات وسبل الانتصاف لهم.
- الاعتراف بانعكاسات العنف المنزلي على النساء العاملات لتخفيف آثاره على عالم العمل.
- ضمان الحق للعمال في الانسحاب من أي عمل لسبب معقول، بأنه يشكل تهديداً وشيكاً وخطيراً على حياتهم أو صحتهم أو سلامتهم بسبب العنف والتحرش دون أن يترتب عليهم أي عواقب لا مبرر لها.
- ضمان أن يمتلك المفتشين في العمل، وجهات الاختصاص الرسمية سلطة التصدي للعنف والتحرش في بيئة العمل، وإصدار أوامر لها قوة النفاذ الفوري، والأمر بالتوقف عن العمل في حالات الخطر الوشيك على الحياة أو الصحة أو السلامة، مع الحق بالطعن أمام سلطات قضائية أو إدارية قد ينص عليها القانون.
5. آليات الإرشاد والتدريب لتعزيز الوعي نحو العنف والتحرش من نصوص الاتفاقية 190:
- العمل على تعزيز التشاور بين أطراف الإنتاج لضمان معالجة ظاهرة العنف والتحرش في إطار السياسات الوطنية والسياسات المعنية بالسلامة المهنية، والمساواة، وعدم التمييز، والهجرة.
- العمل على توفير الإرشادات والتدريب، والأدوات المطلوبة، بنسق ميسّر لأصحاب العمل والعمال، ولمنظماتهم النقابية، وللسلطات الحكومية المعنية بشأن العنف والتحرش في بيئة العمل، وتبني المبادرات الفعّالة والحملات التوعوية لمنع الظاهرة ومكافحتها.

رابعاً: دور النقابات العمالية في القضاء على العنف والتحرش:
تسعى النقابات العمالية في نضالها النقابي لتوفير بيئة عمل آمنة، وعمل لائق، والقضاء على كل أشكال التمييز والعنف والتحرش، ومناهضة الانتهاكات والاستغلال للعاملات والعمال في مواقع العمل، وفي إطار دورها ومهمتها النقابية، ووظيفتها بالدفاع عن مصالح العمال وتحسين ظروف وشروط عملهم؛ تناضل النقابات بكل الطرق والوسائل المشروعة لحماية مصالح العمال والدفاع عن حقوقهم، وفي إطار دور العمل النقابي للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل تقوم النقابات العمالية ب:
- تعزيز الوعي الشعبي والعمالي حول اتفاقية العمل الدولية 190، وتوصيتها رقم 206 حول القضاء على العنف والتحرش.
- دعوة الحكومة للتوقيع على الاتفاقية 190، بهدف تطوير وتعديل وموائمة التشريعات الاجتماعية العمالية بما يمنع من العنف والتحرش في بيئة العمل ويجرم مرتكبه.
- رصد كافة الانتهاكات والمشاكل المتعلقة بالعاملات، والعمال، وحصرها وتدوينها، وخاصة المتعلقة بالعنف والتحرش والتدخل نقابياً لمعالجة هذه الاعتداءات والانتهاكات بالطرق القانونية والنضالية.
- فضح ممارسات وتغول المشغلين وأصحاب العمل، وتوثيق ورصد اعتداءاتهم على حقوق العاملات والعمال وخاصة فيما يتعلق بظاهرة العنف والتحرش.
- إصدار تقارير تفصيلية حول القضايا والمشاكل التي تتعلق بالاعتداءات والانتهاكات في بيئة العمل وخاصة العنف والتحرش والتمييز على أساس نوع الجنس.
- إدارة حملات ضغط ومناصرة لإجراء تعديلات على التشريعات الاجتماعية العمالية، ولتوفير حماية للعاملات والعمال من استغلال المشغلين، وخاصة فيما يتعلق بقضايا العنف والتحرش والتي يصعب حصرها بسبب عدم الإفصاح، وإخفاء الاعتداءات، ارتباطا ًبثقافة المجتمع، وطبيعته ونظرته لقضايا العنف والتحرش وتعامله بدونية مع الضحايا.
- تشجيع العاملات والعمال إلى اللجوء للنقابات العمالية في حالة الاعتداءات والعنف والتحرش في عالم العمل، للوقوف على الإشكاليات، والتدخل مهنيا ونقابيا لمنع هذه الممارسات، وعلاجها ومساعدة الضحايا لتخطي التداعيات والآثار الناجمة عنها.






خامساً: التصور المقترح نقابياً للتوقيع على الاتفاقية العمل الدولية 190:
تعتبر اتفاقية العمل الدولية 190 وتوصيتها رقم 206 مدخلاً عملياً لتطوير التشريعات والقوانين الوطنية في حال التوقيع عليها لمكافحة ظاهرة العنف والتحرش في عالم العمل، والتي تشكل خطر حقيقي يهدد استقرار وأمن العاملات والعمال في سوق العمل، وعليه نرى ضرورة العمل على التالي:
- تشكيل حملة ضغط ومناصرة للتأثير على الحكومة الفلسطينية بهدف التوقيع على الاتفاقية 190 باعتبارها الأساس القانوني الدولي لتطوير وتعديل التشريعات الاجتماعية العمالية وموائمتها مع المعايير الدولية، واستجابة فعّالة لمعايير العمل الدولية الهادفة للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل.
- العمل على تشكيل رأي عام من خلال توعية المجتمع عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءه ووسائل التواصل الاجتماعية والرقمية، حول أهمية الاتفاقية الدولية 190 للقضاء على العنف والتحرش في عالم العمل، بهدف توسيع قاعدة الضغط والتأثير على الحكومة للتوقيع على الاتفاقية، والعمل على موائمة القوانين الاجتماعية العمالية معها لحماية وصون حقوق العاملات والعمال، والقضاء على العنف والتحرش، ومعاقبة ممارسيه ومرتكبه وردعهم.
- العمل على تعزيز الوعي والتثقيف بين العمال، وعلى صعيد المجتمع ومؤسساته، حول قضايا العنف والتحرش في بيئة العمل، والمنزل وانعكاسها على مشاركة النساء في سوق العمل والعملية التنموية واستدامتها، بهدف إحداث تغيير إيجابي وتعزيز القيم والمبادئ الأخلاقية وتعديل السلوك في بيئة العمل، ومناصرة قضايا النساء العاملات، وتغيير النظرة الدونية في المجتمع نحوها، ودعمها ومساندتها في بيئة العمل والمنزل، لتخفيف الأعباء عليها، وتقديم العون لها للقيام بادوارها بسلاسة ووفق قدرتها وطاقاتها وبدون ثقل.
- وضع آليات وخطة تنفيذية لرصد وتوثيق كل الانتهاكات المتعلقة بالعنف والتحرش والتمييز في بيئة العمل بهدف معالجتها وإنصاف الضحايا وحمايتهم قانونياً واجتماعياً.
- العمل على تعزيز الحوار الاجتماعي، والتشارك والتعاون مع أطراف الإنتاج لتطوير السياسات الوطنية لمناهضة ظاهرة العنف والتحرش في بيئة العمل.
- تطوير أشكال التواصل والاتصال باستخدام التقنيات الالكترونية الحديثة، والرقمنة لتعزيز التواصل مع العاملات والعمال والمجتمع، وتطوير الإعلام الرقمي للوقوف على القضايا والمشاكل العمالية، وتسليط الضوء عليها لتشكيل رأي عام، وحشد موقف مساند وداعم للقضايا العمالية وخاصة قضايا النساء العاملات والعنف والتحرش منها.
- إنشاء قاعدة بيانات تتضمن المعلومات والبيانات العمالية للأعضاء، ولضحايا العنف والتحرش في بيئة العمل، وأي معلومات تخص سوق العمل بهدف التوثيق والرصد مع مراعاة مبدأ السرية وحفظ المعلومات وأمنها، وتوظيفها بشكل مهني وعلمي.
- العمل على إعادة دراسة القوانين والتشريعات العمالية، ووضع المقترحات للتعديل والتطوير عليها من منظور نقابي، وقانوني، ووفق المعايير الدولية، واستجابة للمتغيرات والمستجدات، بما يحفظ الحقوق، ويحد من الانتهاكات ويساهم بالقضاء على العنف والتحرش من منظور النوع الاجتماعي.
- تحديد الإشكاليات والأولويات للنضال النقابي والمطلبي، لمواجهة الانتهاكات بحق العاملات والعمال، وصياغة الأهداف لبناء خطة عمل نقابية تتضمن فعاليات وأنشطة تصاعدية لتحقيق مطالب الحركة العمالية، والنقابية، ومكافحة الانتهاكات والتمييز والعنف في بيئة العمل.
الخاتمة:
إن قيام النقابات العمالية بدور تفعالي وضاغط وتبني اتفاقية العمل الدولية 190 للقضاء على العنف والتحرش، وتعزيز الوعي لأهميتها في تطوير التشريعات الوطنية، والسياسات الهادفة لمنع العنف والتحرش في بيئة العمل، يعد أولوية نقابية، تحتاج لبرنامج عمل وفعاليات منظمة ومتكاملة للضغط والتأثير على الحكومة للاستجابة للمطالبات بالتوقيع على الاتفاقية 190، بحيث تكون ملزمة بموادها ومعاييرها لنا كدولة فلسطينية، لمعالجة هذه الظاهرة غير الإنسانية والخارجة عن القيم والأخلاق، والتي تتعارض مع قيمنا وثقافتنا الإنسانية والدينية، فالعنف في عالم العمل والمنزل، والتحرش على أساس نوع الجنس، جريمة قانونية وأخلاقية وإنسانية، ويجب معاقبة مرتكبيها وممارسيها بعقاب رادع، لما لها من اثار وانعكاسات تدميرية على الانسان والمجتمع والاقتصاد والتنمية، لذا نحتاج للرادع القانوني بهدف إحداث تدخل علاجي فعال يساهم في القضاء على هذه الظاهرة وإنهاء كل مظاهر التمييز والقهر للنساء العاملات والعنف والتحرش في بيئة العمل.
• عضو الأمانة العامة في الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين
• رئيس النقابة العامة للعاملين في الخدمات الصحية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آلاف العمال الأجانب في لبنان بلا مأوى مع ضعف الإمكانيات


.. الصحة العالمية: مقتل 28 من العاملين في مجال الصحة في لبنان خ




.. وقفة أمام محكمة أسترالية احتجاجا على حظر مظاهرات في ذكرى -طو


.. فرنسا: -عودة إلى عهد التقشف- • فرانس 24 / FRANCE 24




.. وقفة أمام سفارة إسرائيل في طوكيو احتجاجا على حربها على غزة و