الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماهر الاخرس والطريق لتحرير فلسطين

فابيو بوسكو

2020 / 12 / 15
القضية الفلسطينية



اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني، في 27 تموز/ يوليو 2020، الفلسطيني ماهر الأخرس (49 عاماً) في مدينة “سيلة الضاهر” قرب مدينة جنين بفلسطين المحتلة.
ودون توجيه اتهام رسمي أو قرار من المحكمة، سُجن في سجن عوفر بالقرب من رام الله بموجب ما يعرف بـ “الاعتقال الإداري” سيئ السمعة، والذي يعتبر انتهاك للقانون الدولي.
“الاعتقال الإداري” هو احتجاز لا تُتّبع فيه الإجراءات القانونية الواجبة (دون توجيه اتهام، أو حق الدفاع، ودون قرار قضائي) ويمكن أن يستمر لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد بلا حدود. يبلغ عدد الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية حاليا نحو 4400 أسيراً، بينهم 39 امرأة و155 طفلا. ومن هذا العدد الإجمالي، هناك 355 رهن الاحتجاز الإداري.
كان ماهر الأخرس قد اعتقل لمدة 16 شهراً في عام 2009، ولمدة 11 شهراً في عام 2018. لذلك، ومنذ اليوم الأول، أضرب ماهر الأخرس عن الطعام من أجل إطلاق سراحه الفوري.
منذ ذلك الحين، تم تشكيل حركة دولية للمطالبة بالحرّية لماهر الأخرس، والتي ضمت منظمات حقوقية رائدة مثل “بتسيلم” و”الضمير”.
في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر، أي بعد 103 أيام من الإضراب عن الطعام، تعهدت قوات الاحتلال الصهيوني بالإفراج عنه في 26 تشرين الثاني/ نوفمبر. ثم علق ماهر الأخرس الإضراب عن الطعام، في حين كان يجب أن يبقى في المستشفى للشفاء.
في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر، أدلى ماهر الأخرس من على سرير المستشفى بتصريح مسجّل، تم بثّه على وسائل التواصل الاجتماعي:
“نشكر سوريا على موقفها المشرّف لسنوات طويلة أمام مؤامرة ما يسمونها بالمجموعات الإسلامية، والإسلام بريء منها. تحية لسوريا وجيشها البطل الذي قاتل هؤلاء المجرمين التكفيريين وأعوانهم الذين يدعمونهم من الخارج والدول الكبيرة، وإن شاء الله سوف تنتصر سوريا عليهم وتحرر أرضها منهم، وأن يكون الشعب السوري والحكومة السورية والجيش السوري داعماً لقضيتنا دائما كما كان، وشكراً لهم، شكراً لهم على كل مواقفهم المشرفة”.

ضد دعم الاستبداد والمستبدّين

كان رد الفعل على بيانه فورياً، وقد تردّدت أصداء آلاف المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة العربية، معظمها من السوريين ولكن أيضاً من الفلسطينيين، منتقدة تصريحه بشدّة. بعضها كان بقلم الإعلامي السوري د. فيصل القاسم مقدم أحد أقدم وأشهر البرامج السياسية في العالم العربي على شبكة الجزيرة.
بعد موجة الانتقادات هذه، انتشر بيان مكتوب، منسوب لماهر الأخرس على مواقع التواصل الاجتماعي:
“بسم الله الرحمن الرحيم:
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الخلق أجمعين.. بداية اتقدم بخالص الشكر والعرفان لكل من وقف معي من الشعوب العربية والاسلامية

واحرار العالم… فوقفتكم معي كان لها الأثر البالغ في صمودي ونصري. وفي ضوء ردود الفعل التي صدرت حول كلامي عن سوريا أود أن أؤكد على التالي: ١- انا أتمنى أن ينعم الشعب السوري بالأمان والاستقرار، وان تنتهي هذه الحرب التي دمرت

هذا البلد الذي كان سندا للمقاومة الفلسطينية وللشعب الفلسطيني.

۲- أنا أرفض الظلم والاستبداد ضد الشعوب العربية…واقف مع مطالب الشعوب العادلة بالحفاظ على كرامتها وانسانيتها وحقها بالتعبير.
۳- أرفض التدخل الأجنبي في بلادنا والاستقواء به وتنفيذ اجندات خارجية. ضد مصلحة البلد.. فأنا كفلسطيني عانى وما زال يعاني من الظلم.. أقف في خندق المظلومين ولن اكون في يوم من الايام عونا لظالم. وإن رأيتموني مخطئا سابقا فادعوا لي بالهداية والمغفرة، ك لسان أي مؤمن آسفا معتذراً.
شاكرا لكل من تضامن وساند.. فأنتم ساندتم قضية فلسطينية لا شخصية بحتة
ولا ولاء لظالم ولا لطاغ ولا مطبع وخائن
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخوكم الأسير ماهر الأخرس”.
وبغض النظر عن هذا البيان المكتوب، أثار دفاعه عن النظام السوري نقاشاً مهماً للغاية حول سبل تحرير فلسطين.

من هم حلفاء القضية الفلسطينية؟

الجدل حول من هم حلفاء القضية الفلسطينية قديم. بشكل عام، من المتوقع دائماً أن تدعم الأنظمة العربية أشقاءها الفلسطينيين.
بعد تجربة الثورة الفلسطينية 1936-1939، ثم النكبة وبعدها النكسة، كان أفضل تعريف بلا شك هو ذلك الذي قدمه الثائر الفلسطيني غسان كنفاني الذي لخص في سطور قليلة أعداء تحرير فلسطين:
“بين 1936 – 1939 تلقت الحركة الثورية الفلسطينية ضربة ساحقة في النقاط الثالث التي تبلورت منذ ذاك بصفتها المعضلة الأساسية التي يواجهها شعب فلسطين: القيادات المرجعية المحلية، والأنظمة العربية المحيطة بفلسطين، والحلف الامبريالي-الصهيوني، وسوف يترك هذا “العدو” المثلث بصماته على تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية منذ 1936 بصورة أوضح مما كانت في أي وقت مضى، وحتى الهزيمة الثالثة التي تلحق الجماهير الفلسطينية والعربية في 1967″ (غسان كنفاني – ثورة 1936 – 1939).
هذا التعريف لا يزال سارياً اليوم، سواء للأنظمة التي تقيم علاقات دبلوماسية مع دولة “إسرائيل” العنصرية، مثل مصر والأردن، أو النظام اللبناني (الذي يهيمن عليه اليوم التحالف بين العماد ميشال عون و”حزب الله”) وسوريا في عهد أسرة الأسد.
لهذا السبب، فإن تصريح ماهر الأخرس يسيء إلى ذاكرة الفلسطينيين الذين واجهوا في كفاحهم من أجل التحرير عنف النظام الأسدي. دعونا نلقي نظرة على بعض الحالات الأكثر شهرة.
منع المساعدات عن الفلسطينيين خلال الأشهر العشرة في “أيلول الأسود” الذي ذبح فيه النظام الأردني الفلسطينيين عامي 1970 و1971. انظر ما كتبه الماركسي المصري لطف الله سليمان:
“لو كان جمال عبد الناصر على قيد الحياة، لما تجرأ الملك حسين على مواصلة هجومه الذي استمر حتى 17 تموز/ يوليو 1971، وقمع وجود المقاومة الفلسطينية في الأردن بمساعدة حافظ الأسد، الذي تمكّن من احتكار السلطة في دمشق، فصادر الأسلحة الثقيلة التي كانت الجزائر تخصصها للفلسطينيين من ميناء اللاذقية”. (سليمان لطف الله، “من أجل تاريخ خفي لفلسطين”، ناشر من برازيليا، 1990، ص 196).
مجزرة مخيم تل الزعتر الفلسطيني عام 1976. وانظر في هذا الشأن وصف المفكر الماركسي الفلسطيني حنا بطاطو:
“بدت أفعال الأسد في عيون الفلسطينيين كأنها طعنات في الظهر. وتعمّقت مرارتهم تجاهه مع مأساة مخيم تل الزعتر التي حمّلوه مسؤوليتها أيضاً. فالمخيم الواقع داخل الجيب الماروني ظل بدءاً من 21 حزيران/ يونيو تحت وطأة حصار مستدام هدف إلى القضاء عليه بالتجويع. والواقع أن الأسد، بتثبيته القوات الفلسطينية في الجبال، حرّر الميليشيات اليمينية، الأم الذي مكنها من القيام بهجوم شامل على تل الزعتر. وجاء سقوطه في 12 آب/ أغسطس، بعد مقاومة شرسة من خندق إلى خندق، ليطلق العنان لمجزرة ارتكبتها الكتائب بالاشتراك مع مقاتلي كميل شمعون بحق ما لا يقل عن 3000 مدني حوصروا في المخيم”. (حنا بطاطو، “فلاحو سوريا”، ص 459).
هنالك أيضاً حرب المخيمات التي خاضتها “حركة أمل” ضد الفلسطينيين بدعم من النظام السوري. وهذا ما كتبه الزعيم الماركسي اللبناني فواز طرابلسي عن إحدى “المواجهات الأكثر دموية في الحرب الأهلية بين حركة أمل والمنظمات الفلسطينية (في غرب بيروت وجنوب لبنان):
” بعد الانسحاب الإسرائيلي عام 1985، كانت حركة أمل سعيدة بتعليق معظم أنشطتها المقاومة، فيما كان دور حزب الله يتقدم على حساب منظمات أخرى، ولا سيما اليسار. سرعان ما أصبحت القوة الجديدة (“حزب الله”) هي حركة المقاومة الوحيدة، بدعم قوي من السلطات السورية التي استخدمت كل جهد ممكن لمنع الشيوعيين من المشاركة في المقاومة. من ناحية أخرى، رفض حزب الله علناً “حرب المخيمات” التي خاضتها حركة أمل، وهي حرب شجعتها دمشق وسلحتها مدعومة بتصويت برلماني ألغى اتفاقيات القاهرة “(فواز طرابلسي، تاريخ لبنان الحديث، مطبعة بلوتو، 2007، الصفحة 230).
هذا بالإضافة لحماية المجرم إيلي حبيقة بعد مجازر صبرا وشاتيلا عام 1982. إليكم أيضاً وصف الصحفي الراحل روبرت فيسك:
“إيلي حبيقة، الكتائبي الذي قاد مجرمي صبرا وشاتيلا، تم تعيينه على رأس الميليشيا المسيحية ليحل محل سمير جعجع الذي أُسقط لاسترضاء سوريا.

وقد سجلت لجنة التحقيق الإسرائيلية في المجزرة السؤال الذي أرسله إلى حبيقة زميل له في حزب الكتائب حول ما يجب فعله مع خمسين من النساء والأطفال الفلسطينيين المسجونين لديهم. أجاب حبيقة: “هذه هي المرة الأخيرة التي تسألني فيها سؤالًا كهذا. أنت تعرف بالضبط ما يجب فعله. “… لاحقاً، عندما عاد جعجع إلى موقعه، فرّ حبيقة إلى دمشق، ليسهّل له السوريون الاتصال بميليشيا مسيحية منافسة في زحلة”. (FISK، Robert، Poor Nation، Record Publisher، 2007، صفحة 805).
وحول القمع الوحشي داخل سوريا، نشر الكاتب اللبناني الشهير والداعم المعروف للقضية الفلسطينية إلياس خوري في 2018 مقالاً بعنوان: فلسطين و”فرع فلسطيني”، يستنكر فيه أجهزة المخابرات ومركز التعذيب والسجن الذي أنشأه الدكتاتور السوري حافظ الأسد للسيطرة على اللاجئين الفلسطينيين. “فرع فلسطين” أو “الفرع 235″. تقع على الطريق المؤدي إلى مطار دمشق، وتتكون مبانيها من ثلاثة طوابق. يقول خوري: ” فرع فلسطين هو أحد أكثر فروع المخابرات العسكرية ترهيباً، في دهاليزه اختفى مئات الفدائيين الفلسطينيين، وفي أقبيته عاش ألوف السوريين موتهم تعذيباً وقهراً”.. “ومن اختصاصاته التعذيب كونه رائد التعذيب الجنسي”.
موقع “الرابطة الأممية للعمال – الأممية الرابعة”

https://litci.org/arab/archives/1315

ثم تدمير مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين. فقد حاصر النظام السوري المخيم بالكامل في 8 تموز/ يوليو 2013، وقد شارك في الحصار “القيادة العامة” بقيادة أحمد جبريل، ثم قصفته القوات الجوية السورية والروسية. بعد إفراغه بالكامل، أصبحت المنطقة مخصصة للمضاربات على العقارات من قبل النظام السوري. وقد استنكر الكاتب الفلسطيني – الأمريكي طلال عليان الصمت على المجزرة في المخيم:
ويبقى مخيم اليرموك سبباً للفضول التاريخي، فباستثناء المذابح العديدة التي تعرض لها الشعب الفلسطيني على مر السنين، هنالك اختلاف واضح وصعب الفهم بسبب الوحشية الفريدة التي يحتويها التاريخ الفلسطيني، حيث ما زال انعدام رد الفعل الشعبي من قبل العديد من الفلسطينيين على هذه الكارثة قائماً. كان هناك تغطية صامتة عمدا لمجزرة مخيم اليرموك، فبالإضافة إلى ذلك، هناك تسوية ضمنية بين أولئك الذين يؤيدون المنفذين الفاسدين لهذا الحصار. والرهان الذي يمثله الصمت والحياد يحتوي على كارثة أكبر. يشير تدمير مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين إلى اضطراب خطير، ربما غير مسبوق، في المجتمع الفلسطيني. (طلال عليان، “موت فلسطين: سنتان من الحصار في اليرموك “، ذي وورلد بوست، 16 كانون الأول 2014، مقتبس من كتاب “بلد يحترق – السوريون في الثورة والحرب” لليلى الشامي وروبن ياسين كساب، الناشر: Sundermann ، 2018).

آفاق تقوية وتعزيز المقاومة الفلسطينية

إن المقاومة الفلسطينية البطولية التي يقوم بها ملايين الفلسطينيين المتمسكين بحقهم في أرضهم وحقهم في العودة وتقرير المصير، تحتاج إلى استعادة تعاليم غسان كنفاني والاتحاد مع الحلفاء الحقيقيين، وهم الشعوب العربية، والمناضلين من أجل الحرية في جميع أنحاء العالم، فالقضية الفلسطينية ترمز إلى نضال كل الشعوب ضد الظلم والاستغلال.
انتفض الشعب السوري على دكتاتورية الأسد عام 2011 وتعرض لمجزرة راح ضحيتها أكثر من 500 ألف قتيل (90٪ منهم على يد قوات النظام السوري وحلفائه الروس والإيرانيين)، واليوم هناك أكثر من مائة ألف أسير في مراكز التعذيب والإبادة في سوريا، بالإضافة لطرد 13 مليون سوري من ديارهم، ما يشكل نكبة سورية.
من الضروري إظهار التضامن الفلسطيني مع الشعب السوري، وكذلك مع جميع الشعوب التي تدافع عن الحرية والعدالة الاجتماعية. وبهذا المعنى فإن تصريح ماهر الأخرس يتعارض مع التاريخ.

إن بناء تحالفات حقيقية مع الطبقة العاملة العربية، وليس مع أنظمتها البرجوازية، سوف يقوي شروط تحرير فلسطين والعالم العربي كله ضد الاستعمار الأوروبي والأمريكي وعملائه في المنطقة. انطلاقاً من هذا المنظور، علينا أن نعمل في السنوات القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا