الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل أصبحت الفيدرالية مطلباً لكل الليبيين

عيسى مسعود بغني
(Issa Baghni)

2020 / 12 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في زمن لم تكن هناك دول كثيرة متحررة من الإستعمار إستقلت ليبيا، وفي ذلك الزمن الذي ينذر فيه إتباع النظام الفيدرالي إختارت الأمم المتحدة تحث تعنث قبائل الشرق نظاما فيدراليا. إستمر هذا النظام لأكثر من عشرة سنوات، لم يولد إلا التشرذم والتقاتل بين رؤساء الولايات لدرجة أن كل منهم يهدد الآخر، كما عطل النظام سياسات التنمية للدولة بسبب صعوبة الإتفاق بين الحكومة المركزية وحكومات الولايات، ولذا عملت شركات النفط على الضغط على الملك وبعض الوزراء لتحييد القطاع عن حكومات الأقاليم، وعند مراجعة الأمر ثم إصدار تعديل للدستور وإلغاء النظام الفيدرالي عام 1962م.
اليوم وبعد 70 سنة من الإستقلال عدد الدول المتبنية للنظام الفيدرالي 25 من مجموع 196 دولة وهو نظام جيد للدول الكبيرة مثل أمريكا والبرازيل وألمانيا وكندا وأستراليا وروسيا والهند، ولكن هناك دول أخرى فيدرالية صغيرة مثل الصومال والإمارات وأثيوبيا ونيجيريا.
أكثر المنادين بالنظام الفيدرالي سواء في الفترة 1947-1951 م أو الآن هي المجموعات القبلية في الشرق الليبي، ولم نرى ذلك عند المكون العربي أو الأمازيغي أو التباوي في الغرب والجنوب الليبي، والسبب الرئيس في ذلك هو وجود ثقافة مفادها أن عدد السكان في الشرق الليبي قليل فإن ثم تخصيص أموال بالتساوي بين الأقاليم فلا يحتاج أبناء القبائل في المنطقة الشرقية للعمل، بل العيش على الريع الزراعي سابقا والنفطي حاليا من خلال التوظيف الحكومي. وهو تفكير سادج إلى حد كبير يستند إلى أكذوبة التهميش، فالتنمية لا تتم بموارد طبيعية بل بقوة بشرية متعلمة عاملة وفاعلة وهو مالم يتم الإهتمام به في المنطقة الشرقية بعد، بسبب إنتشار الثقافة الريعية.
خلال العشرة سنوات الماضية تبين أن التيار المدني المتنور في الشرق الليبي قد صُعق: منهم من أغتيل ومنهم من قتل في قنفودة وشارع الزيت ومنهم من هُجر من بيته ومنهم من توارى عن الأنظار، وما بقي إلا الفيدراليين والقبليين ورجالات العهد السابق، وهؤلاء يشكلون معول هدم وإعاقة لأي حلول توفيقية منذ 2012 الى الآن؛ فعلى سبيل المثال تم قفل الطريق عند الوادي الأحمر وأرغم المجلس الإنتقالي على الموافقة على تعديل لجنة الدستور بأن تكون متساوية بين الأقاليم، ونتج عنها دستور معيب، وأرغم المؤتمر الوطني على التسليم بلجنة فبراير المكونة من ممثلي القبائل، ومطبلوا العهد السابق، وتم تخريب مجلس النواب بتنصيب رئيسا له قبلي متخلف يرى أن ليبيا هي القُبة، وطُرد النواب بإستخدام البلطجي ابوعكوز الذي منع 104 نائب من الإجتماع وجعلهم يلتقون في مقهى خارج قبة البرلمان. ليس هذا فقط بل باع القبليين الدولة ببنوكها وميزانياتها وأبنائها لعسكري مهوس بالحكم، قتل وشرد ودمر وإستقطب المرتزقة من كل حدب وصوب حتى الروس الكفرة.
أخيراً وفي إجتماع تونس (الذي لم يكن أحد يصدق أن له فعالية) تم تشتيث شمل النواب بالرسائل النصية من مخابرات دول الإستبداد المجاورة لمنع إزاحة عقيلة من رئاسة مجلس النواب، بل أن 50 نائب لم يستطيع أحد منهم دخول قاعة الإجتماعات في غدامس مخافة منه أن يكون مصيره مثل سهام سرقيوة بعد عودته إلى بنغازي أو أن يكون مشرداً بين العواصم.
في جنيف حاليا تتم مناقشات اللجنة الإقتصادية، وفي سلم أولوياتها "توزيع الثروة"، لا يوجد في علم الإقتصاد للدولة المدنية مفهوم توزيع الثروة، وهي تمتمات تلفظ بها السيسي في كلمته أما الهيئة الأممية فماذا تعني. توزيع الثروة تقليد للدول الشمولية مثل عبدالناصر والقذافي والكثير من الأنظمة الشمولية التي إغتصبت أموال رجال الأعمال لصالح العسكر ووزعت بعضها على العامة والدهماء، والسيسي ومن وراءه حفتر والإمارات يعني تضمين ديون المصارف الليبية في المنطقة الشرقية على المصرف المركزي الذي رفض رئيسه ذلك، أي هناك 56 مليار دينار قام حفتر والحكومة المؤقته بصرفها على الحروب، ويجب على المصرف المركزي الإعتراف بها وجدولة تسديدها؛ ومعظمها جرائم إقتصادية منها شراء السلاح من مصر والإمارات وشراء السفن الحربية مثل صفقة السفينة الإيرلندية المتهالكة ب 200 مليون، ومنها شراء خمسة طائرات هليكوبتر قديمة من جنوب أفريقيا ب 75 مليون قام عملاء بريطانيين بتمريرها ثم الهروب إلى مالطا عن طريق البحر، ومليارات لأجل الصواريخ الدفاعية الروسية التي تم تدمير معظمها، وطائرات وينج لونج الصينية التى أسقط منها الكثير في حرب صيف 2020م. مع وجود أكثر من 925 مليون يورو من العملة الليبية المزورة والكثير من الزوارق الحربية السريعة في الحجز الجمركي بمالطا، ناهيك عن تحويلات المجلس الرئاسي لما يساوي 10 مليار سنويا كمرتبات للمنطقة الشرقية بمجموع يناهز 60 مليار في ستة سنوات.
رغم كل ذلك نجد نواب وشيوخ قبائل ونشطاء سياسيين وأكاديميين يعلنون أن قفل النفط ضرورة وأن الإبقاء على عقيلة رئيس للبرلمان ذو أهمية قصوى وأن الجيش خط أحمر لا يمكن التنازل علية، وأن مصر الحليف الذي لا بديل سواه. في هكذا أجواء لا يوجد بريق أمل لأي حلول تخرج الوطن من هكذا أخطبوط إلإ بتبني النظام الفيدرالي حيت يمكن أن تقوم الدولة بتحويل نسبة من الدخل إلى أقليم برقة الذي سيقوم بترتيب امورة حسب ما يراه، وتنطلق المنطقة الغربية والجنوبية إلى أفاق التنمية بدلا من الحروب والإبتزاز.
سئم الليبيون من مهادنة العملاء والمتنطعين والجهوين بدعوى المحافظة على الوحدة الوطنية والمساعدة على الخروج من النفق المظلم والمساندة لتخطئ الصعاب بعد أن أصبح مجلس النواب مطية للإستمرار الفوضى، واللجنة 75 وسيلة لتمكين من كان سببا للفوضى وهزم في الحرب.
في العراق طالب الأكراد بالفيدرالية لآنهم سئموا من حروب السُنة والشيعة التي لا تنتهي وعمالة رموز السُنة والشيعة اللذين ليس لهم إنتماء للداخل، والتاخر القبلي لهكذا مجموعات بدواعشها وصحواتها وحشدها الشعبي، فأصبحت كردستان قبلة للطاقات العراقية من خبراء وأكاديميين ومهنيين الذين يريدون العطاء والعيش الكريم وليس العيش على النهب والسُحت.
بالمثل خروج الغرب والجنوب الليبي من مستنقع القبلية ووكلائها من الخارج، سيعمل على تعافي الأمة وربما ستكون مثلاً للقسم الشرقي الذي لم ينضج بعد، فيفرز قيادات جديدة تكون على مستوى العصر ومقام الدولة وليس بمستوى "الخيم والمرابيع".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا


.. الشرطة الأميركية تعتقل عدة متظاهرين في جامعة تكساس




.. ماهر الأحدب: عمليات التجميل لم تكن معروفة وكانت حكرا على الم


.. ما هي غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب؟




.. شرطة نيويورك تعتقل متظاهرين يطالبون بوقف إطلاق النار في غزة