الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطبيع وسقوط قُدسية العداء للصهيونية

ازهر عبدالله طوالبه

2020 / 12 / 15
القضية الفلسطينية


إنّ ‏الشّواهِد التي تُثبِت أنّ التاريخ يُعيد نفسهُ، هي كثيرة، أو بمعنى آخر، أنَّ قُدرة الإدارة الإسرائيلية على القراءة المُستقبليّة، والتخطيط بتفانٍ وإخلاص لمشروعهم القوميّ، الطامِح بدولة من النهرِ إلى البَحر، هي أكثر ذكاءً منّا نحنُ العرَب، الذين نتعامل مع السياسية بنظريّة " الذيل دونَ الرأس"، المتجسّدة بالظروف اللحظيّة فقط . إذ أنّ مِن هذه الشواهِد ؛ قراءات استشرافيّة تخطيطيّة في ذاتِ الوقت للكثيرِ من الساسة الإسرائيليين في القرنِ الماضي . ‏فثمّة أقوال نظريّة لهذه القراءات، أُلبسَت ثوب الدّهاء والذّكاء معًا، كانت قد قيلَت في خمسينيّات القرنِ الماضي، وتُرجِمت بعد عقدينِ مِن قولها، وها نحنُ اليوم نرى لها بأمِّ أعيُننا ترجمات أُخرى، تحمِل في طيّاتها الكثير مِن الحنكة السياسيّة التي نفتقدهُا كعرب، منذ أن أوجدنا الله على الأرض .

‏ففي شهِر يناير مِن سنة 1957، وفي مُحاضرة لجنة الأُمم القوميّ في إسرائيل، التي حضرها الدكتور "آرنست برجمان"، رئيس لجنة الطاقة الذريّة، كانَ هُناك قول ل" بن غوريون" رئيس الوزراء آنذاك، مُتعلقًا بالبرنامجِ النووي وقُدرته على التأثير على إتفاقيات السلام .. وكانَ القول حرفيًا :

‏" إنّني لا أعرِف إلى أين يُمكِن أن نصِل ببرنامجنا النووي، ولكنّني أتطلّع إلى اليوم الذي تستطيع فيه إسرائيل أن تُرغِم أعداءها على توقيعِ إتفاقيات سلام على أساس الأوضاع القائمة على الأرض وقتها، ثم لا يكون في مقدور هؤلاء الأعداء مُناقشة شروط إسرائيل ؛ لأنهم يعرفون ما ينتظرهم " .

ومِن هُنا، نستطيع القَول، أنّ ‏التهافُت التطبيعيّ العربيّ الذي نشهدهُ اليوم، والمتمثّل بالإرتماء في الحضنِ الإسرائيلي، تحت مُسمّيات اتفاقيات سلام، هو تهافُتٌ قديم جديد، وقد كانت الإدارة الصهونيّة قد عملَت عليه منذ أن كانَ الصراع دائرًا بين إسرائيل ومصر عبد النّاصر على أراضِ النّقب، إضافةً إلى مرحلة التسليح السوفيتي آنذاك، والتي ساهمَت في إضرامِ نار الصّراع بطريقةٍ وأساليب مُتعدّدة، لا يسع المجال لذكرها هُنا .

‏لقد كانَ هذا التهافُت على التطبيع قَد تجسّد، بالتحديد، بعد رحيل جمال، بصرفِ النظرِ عن سيئاته، ودخول مرحلة السادات، الأبشَع في تاريخ الأمّة العربيّة في عدائهم مع العدو الصهيونيّ، إذ ساهمَ السادات بشكلٍ كبير، في إيجادِ أرضيّةٍ فاسدة لنا، وصالحة لإسرائيل لرمي بذورِ مشروعهم القوميّ . وقد ‏عملَ السادات أيضًا، على الإعتناءِ المُطلِق بتلكَ البذور، سقايةً وتهذيبا، كما لو أنّهُ مِن أحدِ أبنائهم، حيث كانَ ذلك الإعتناء مِن خلال تسويغِ فكرة التسوية مع إسرائيل، بقولهِ " لقَد جربنا كُل الخيارات، وآن أن نُجرب خيار السلام" ..

وفي ذاتِ السياق، أرى بأنّهُ مِن أفضَل القراءات السياسية المُتمتّعة بالفطنة والحنكة السياسية لمثل هذه الأقوال، كانت قراءة "محمد حسنين هيكل" فيما ذكرهُ في كتابه ‏"عواصِف الحرب وعواصف السلام"، حيث يقول هيكل :

" لَم يكُن مُهمًا أن يجيء السلام، وإنما كانَ الأهم أن تتهاوى بعض القيود التي كانت تفرضها المُقدسات ".

حقًا، فها نحنُ اليوم نرى أن المُقدسات العربيّة، التي كانت تُقدّس العداء مع الصهيونية، بدأت تتهاوى شيئًا فشيئا، وبدأ التطبيع يأخذ الشكلِ المفاضلاتي تارةً، والمُقارناتي التّخوينيّ تارةً أُخرى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج