الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
مفاعيل الدعاية السوداء في عصر العولمة
مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب
(Mousab Kassem Azzawi)
2020 / 12 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر
حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع مع مصعب قاسم عزاوي
فريق دار الأكاديمية: كيف تنظر إلى تفارق نظم الدعاية السوداء «البروباغندا» بين النظم الاستبدادية العربية، وبين تلك العامة في الغرب الصناعي المتقدم؟
مصعب قاسم عزاوي: منهجية الدعاية السوداء في النظم الاستبدادية هي إعادة تمظهر للاستبداد ومنهجيته العنفية في المجال الدعائي الإعلامي، وهي في أحسن أحوالها نموذج من التلفيق المدعوم بقوة بسطارات وهراوات النظم الأمنية، والذي ليس هناك خيار للمقموعين سوى القبول به وترديده على طريقة الببغاوات، لضمان البقاء على قيد الحياة وعدم التعرض لخطر الإفناء الذي ينتظر كل من تسول له نفسه التساؤل عن مدى صدقية ما يردده عدا عن مرجعيته الأخلاقية وأحقيته القانونية؛ وهو ما يجعل الدعاية السوداء نوعاً من الكذب السافر المكشوف الذي يعرف الجميع أنه كذب دون أن يجرؤ أحد على التلفظ بتلك الحقيقة، و يفضي إلى كون فعل الدعاية السوداء أقل عمقاً وتأثيراً في نهج تفكير عامة المقموعين الذين في بواطنهم متفهمون وعارفون للحقيقة بأن كل ما تتلفظ به المؤسسات الرسمية هو عبارة عن كذب فج صارخ، حتى لو كان ذلك في «نشرة الأخبار الجوية».
ولكن الواقع يصبح أكثر تعقيداً حينما يتعلق ذلك بنموذج الدعاية السوداء الذي تقوده المؤسسات الإعلامية والبنى السياسية التابعة لمراكز صنع القرار الحقيقي في المجتمعات الغربية، التي لا بد لها من اللعب وفق قواعد اللعبة الديموقراطية الشكلية التي تحظر استخدام الهراوات و البسطارات الأمنية والترهيب بشكل علني سافر، وهو ما يقتضي اتباع نموذج مخاتل موارب، معتمد على كشوفات علم الإدراك العقلي، وآليات تشكل الوعي والسلوك البشري، و تقنيات «دس السم في الدسم» إعلامياً، بحيث يتم إعادة صياغة كل المنظومة المعرفية و الإدراكية للمتلقي ونهجه وأدواته الفكرية في فهمه لواقعه الذي يعيش فيه وطبيعة علاقته التفاعلية مع ذلك الواقع ودوره الوظيفي كإنسان فيه. وذلك الحال يجعل من الدعاية السوداء أحد مرتكزات الهيمنة على المجتمعات ذات الطابع الديموقراطي الشكلي، والتي لم يعد أي مجتمع في العالم في مأمن من إفرازاتها وتأثيرها الأخطبوطي السرطاني الذي تفاقم بشكل متوالية هندسية جراء ما جلبته العولمة ومنتجات ثورة الاتصالات التي جعلت من نتاج الآلة الإعلامية وماكينة الدعاية السوداء والعلاقات العامة الغربية حاضرة في كل زوايا المجتمعات النامية التي لم يعد أي منها ضحية حصرية للنموذج البدائي الفظ لبروباغندا الطغاة المستبدين المتحكمين بتفاصيل حيوات أبناء تلك المجتمعات اليومية، وإنما أيضاً رهناً للآليات الخبيثة في إعادة صياغة وتشكيل كل مستويات وعي الإنسان بوجوده وكينونته كفرد كائن اجتماعي من خلال ما يتعرض له من نتاج اختراقي وأدوات إعلامية وتقانية اختراقية على شاكلة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت أحد أهم الروافع في توجيه الرأي العام بالشكل الذي ينسجم مع مصالح مراكز صنع القرار في الغرب، كما أثبتته النتائج المهولة لتلاعب شركات توجيه الرأي العام و تحوير السلوك و الوعي البشريين مثل «كامبردج أناليتيكا-Cambridge Analytica» التي قد يكون من أحد أهم نتائجها التخريبية فوز دونالد ترامب في انتخابات رئاسة الولايات المتحدة في العام 2016، وقرار بريطانيا بالخروج عن الاتحاد الأوربي في نفس العام.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر