الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعال إذن أيها المطر

إبراهيم زهوري

2020 / 12 / 15
الادب والفن


هناك غيمتان فوق كتفي
ترث المكان وتعبرني الأصداء
ما سيكون من رضاعة الصمت
مرارة الدروب فصول انتظار
جوع السنديان لظل السياج
عتمة الأبواب مأساة
رحيل أجمل الأصدقاء
الدم المهزوم في مغارة الأنقاض
رقصة النار في ليل الغجر
هناك في غرفتك الرحيبة
أقنعة سفر
جنة الضجر
ترنيمة خوف عتيق
في كأس النبيذ
أعلق مناديل الريح
تفاحة الضوء مصابيح الطريق
وجهك غواية العشب في سرير ماء
ذاكرة التعب رحم الأرض
أجراس شجرة تضيء
على نافذة مهجورة .

كسرت إنائي
والأيام كسرة خبز هاربة
تعويذة الزمن اللامبالي
وكرة الشمس المحتجبة
نهار إرتيابي بلسان فصيح
شرفة تتملص
في ألم السحاب
عالقا بين صرخة الجمرة
و رصيف صيف مشاع
لم يفتح مصراعيه الباب
ولا حديقة الورد أشباح منام
كأن البيوت هامدة
وظلال حياتنا العادية أنهكها الجوع
و كأن المولود في كل لحظة
معتوه الفكرة الواحدة
تفاحة العالم الخاسر
لن يتساقط الضياء
و لن تثور العاصفة
سوسنة الدهر موت القصيدة
نصيب الأثرياء في السجود
مستنقعات الوحل مخيال آثار
لن ترى القدس في معبد النار
وعلى الخشبة قالت روما
لم يصلب المسيح .

تلك الأميال الهاربة
عند مطرقة الباب
نشيد أمسية أخرى
عزلة حطام بريء
أحبك إيقاع أصداء
جثة المدن المنسية
همس العدم
منجل الفلاحين
ثوب العروس
خضر المروج
وحقول الأبدية
قلق القديسين زنبق القبور
قمر البارود يصرخ فوق الجبين
ليالي الجوع هيكل الجراح
يا رب يا واحد
عطر الندى في الأجراس الخفية
ألفاظ أشواك و نداء حرية .

أغادر محنة الضوء
من غير ندم
لا العتمة كانت باب التأويل
ولا كل تلك الأوراق الصفراء
التي لفحتها الريح ،
ينبض حجر الجدار
وتغتابني على وسادتي
أجنحة العصافير
في الصبح كانت المدينة هاربة
والثلج يبتلع البيوت الهرمة
يقف النهر حائرا ً
مفتونا ً بتمتمات الرؤى
حين يعبر ظلي وحيدا ً
ممر الجسر الأخير .

أنت نور الأرض
حين تنحل الألسنة
وأنا صمت البقاء خريف
خيمة سكينة
مطر الأرواح
أشباح تتراقص في حقيبة .

والأسرار نعمة كل هذا السراب
يفنى القتيل
ولا تورق الأغصان
هناك رمل الشرفات
حديث أقنعة
وهنا يحفر في الصدى
شبح آخر
يا بيت القصيدة الذي انكسر
خذني عناقا سرمديا
كلما نادتني من وهادها
أشرعة الخراب .

أذكر أثناء طفولتنا بمخيم اللاجئين الفلسطينيين في حلب حيث يتموضع بالقرب من قرية النيرب حيث السهول والبساتين والمروج الخضراء والحيوانات الريفية الأليفة نقضي نهارنا بطولة بلا ضفاف حفاة ، هكذا مثل أول وصولنا إلى هذا العالم و كان ذلك ليس بدافع الفقر أغلب الأحيان بل كان نمط حياة الطفولة لأكثرنا نحن أبناء الجيل الذي ولد في منتصف الستينيات من القرن الماضي حيث بدأ الفلسطيني في المنفى بإشعال شعلة الكفاح المسلح وإيقاظ الحلم مرة أخرى حيث كنا ننطلق بعفوية المتلهف للهواء والشمس والصراخ والسرعة الجنونية كانت توقيتاً مناسباً لفخرنا المزهو في شموخ عنيد في حقول الآخرين ، تواجهنا الريح خصماً ودودا ً أثناء الركض والقفز ونسلم لها طواعية قمصاننا مثل رايات خفاقة ، كنا في قمة رشاقتنا و أفضل من المعتاد في صحتنا البدنية النشيطة دوما للحركة وإحتفال الإنفعال .. نتحاشى إنتعال البوط البلاستيكي الذي شاع صيته وأنتجته حينها المعامل الصغيرة على شكل بوط كرة القدم كملاذ معقول لتلاميذ مدارس الأونوروا ... وكانت أقدامنا مثل حوافر الحيوانات إن صح التشبيه هنا شديدة المرونة ووقعها على سطح الأرض يتمكن من إحتضان ما تحتها بثبات وإنسياب كبيرين وكأنهما في عناق أبدي حتى تبدو أن الجاذبية الأرضية كنسغ النباتات أو مسار دماء في شرايين أوردتنا الكونية .. تغذينا وتمتص منا ما تريد في خفاء وطيد ، وكأننا نردد دون معرفة علمية بالعبارة التالية نحن من التراب وإليه نعود ، يمكن لهذه العادة أن يكون لها جذور ممتدة أو دلالات إنثروبولجية مختلفة لكنها للأسف بدأت بالتلاشي كما لو أن الحياة خجلت منا ومن برائتنا المهزومة ، وبدأنا بإنتعال أحذيتنا إنصياعا ًوخضوعاً لتعنيف الكبار لنا لحرصهم الشديد على سلامة أقدامنا من كل أنواع الجروح ونتائجها الكارثية المؤذية و مكرهين أيضا بعدما غزت الأرض البكر ونظافتها كل أنواع مخلفات مهملات الحضارة المدينية التي بدأت تظهر رويداً رويداً مع الدخان الكثيف لجبل المزبلة على أطراف حارتنا من ناحية الشرق ... وبعد حين إختنق الهواء وبهتت الشمس و إختفت صورة البساتين وملحقاتها الفردوسية وحضرت حارات الإسمنت والجدران وضجر الغبار والزجاج المهشم والقيظ وأنا ودعت دونما رجعة ضفاف الساقية والحشرات الملونة والطُعم كلب الماء وقضبان المعدن اللين لآخر فخاخ الصيد ورميت كيس الورق الداكن دونما لهفة تذكر أو إكثراث لآخر فراشة حقل طاردتها أو جناح سنونوة مكسور يتناوله النمل نهما ً على حجر السلسلة.

صديقة الأمس
تحمل أزهارها وطين بيتها
في عرس القصيدة ...
عيونها سلام أزلية تضحك
كيف على ثوبها المخمور
سكنت كل فراشات الأرض
وارتعش قلبي .
لا شيء يستحق الذكر
كنت في صورتي
مجرد هباء
رمل بئر البوح
قامة الصحراء
حبل الأغاني حول عنقي
ولساني المقطوع غناء
لا شيء يقال
وأنا في لجة التيه
أصداف صدأ
جعبة نبال بالية
خريف نعال
تهرب الأرض الثكلى
ترفض تماما ً
حيلة وصال الروح
تنكسر في منتصف النهار
فخارة رماد
إرث ليل الغريب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح


.. عرض يضم الفنون الأدائية في قطر من الرقص بالسيف إلى المسرح ال




.. #كريم_عبدالعزيز فظيع في التمثيل.. #دينا_الشربيني: نفسي أمثل