الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ويبقى أنيس مورقًا فينا

مصطفى مجدي الجمال

2020 / 12 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


سمعت عنه قبل أن أقابله بوقت بعيد.. كان أخي الدكتور محمد ماهر الجمال (أستاذ أصول التربية) يتحدث كثيرً عن جماعة بالغة التثقيف والوطنية والتهذيب في مدينة دمياط الساحلية العريقة، زاملهم في مدرسة دمياط الثانوية، من كتاب قصة وشعراء ونشطاء اجتماعيين.. كنت وقتها لا أزال في مدرسة الشرباصي الابتدائية، ورغم سني الصغيرة كنت أتردد على المركز الإعلامي الحكومي (المسمى وقتها بالجامعة الشعبية) لأشاهد الأفلام السينمائية وأستمع إلى أشعار ربما تجاوزت مستوى وعيي.
وظلت هذه التجربة عالقة في ذهني حتى بعد تخرجي في جامعة المنصورة.. كان والدي رحمه الله مديرًا لأعمال وشبكات المياه في دمياط.. وتنقلنا أكثر من مرة بين دمياط وبلدتنا المنصورة، وكنت موزعًا في الحب بين دمياط والمنصورة..
ظللت أتابع العمل السياسي بالجامعة حتى بعدما تخرجت، وخلال ترددي على حزب التجمع بالمنصورة تعرفت على طالبة نجيبة ومشتعلة بالوطنية وحب الحياة اسمها غادة أنيس البياع وسرعان ما تداعى الاسم إلى ذاكرتي، وبالفعل التقيت بالرجل فأحسست أنني أعرفه منذ دهر.. قامة معتدلة وممشوقة، يشع المحبة والرفاقية حوله ويفيض بالمشاعر الإنسانية وروح عميقة في وطنيتها، ولكن ببساطة مذهلة ودون أي تعقيدات أو مباهاة..
بعد أن تعارفنا وتقاربنا كان يطيب له أن يناديني بـ "البرجوازي النبيل"، وهذا كله لأننا كنا نمتلك "عشة" (فيلا) في رأس البر ومع ذلك اخترت طريق اليسار.. وشعرت أنه يكن لي محبة خاصة لأننا كنا "على موجة واحدة" في طريقة فهم المجتمع وأسلوب التعامل معه.
سمعته في ندوات عدة يتلو قصائد بسيطة مذهلة في حب الوطن والناس والشوق إلى الحرية والعدالة.. وبنبرات جهورية مولعة بكل ذاك الحب.. وازداد حبي له بعد أن تعرفت على ابنه الثائر حاتم البياع الذي جاء أيضًا للدراسة بجامعة المنصورة.. فأكبرت في الرجل أن ينحو ابنه وابنته صوب اليسار دون إملاء منه، ولأنهم رأوا فيه مسارًا شريفًا يجب أن يتابعاه..
وحينما أصدرت كتيبي بعنوان "أزمة الوطنية المصرية" وكذلك بعدما قرأ لي مقالة في مجلة "قضايا فكرية" عن أساليب مواجهة العدو الصهيوني دعاني للتحدث في ندوة بمقر حزب التجمع في دمياط.. وقدمني (أنا الشاب) تقديمًا بالغ المجاملة بما يعكس رؤية أصيلة مؤمنة بجيل جديد من اليساريين. ولفت نظري ما يتمتع به من حب واحترام زملائه فكان لهم بمثابة الحادي والرمز وصاحب الأفكار الجريئة. كما أذهلني هذا العدد الكبير من المثقفين الثوريين في مدينة ساحلية صغيرة نسبيًا، وارتفاع مستوى وعيهم وتحابهم وحواراتهم الراقية فضلاً عن الإبداع الفني والأدبي السامق لكثيرين منهم.
ظللنا نتلاقى في دمياط والمنصورة ورأس البر.. وبعد هذا تدعمت صداقتي مع ابنته غادة البياع التي نالت الدكتوراة برسالة أثنى عليها كثيرً المفكر الكبير سمير أمين حينما عرضتها عليه.. ثم تدعمت علاقتي جدا مع ابنه حاتم الذي كان يقود مجموعة كبيرة من الشباب الثوري في دمياط.
أدركت قوة تأثير أنيس وميراثه الثوري والإنساني حين رافقته في متابعة المجموعة الرائعة لحزب التحالف الشعبي في دمياط.. فقد التقيت بعدد كبير من الأعضاء متنوعي المدارس الفكرية ومتنوعي المهن.. بين طالب وموظف وحرفي وصياد... فضلاً عن حضور وحماسة عدد من المناضلات العضويات في المجتمع الدمياطي ذي الطابع الخاص.
وكلما نظرت في وجه أحد منهم رأيت وجه أنيس يطالعني..
طبت حيًا وراحلاً يا أرق وأعمق الرفاق..
وأنت مستمر فيهم وفينا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انفجارات أصفهان.. قلق وغموض وتساؤلات | المسائية


.. تركيا تحذر من خطر نشوب -نزاع دائم- وأردوغان يرفض تحميل المسؤ




.. ctإسرائيل لطهران .. لدينا القدرة على ضرب العمق الإيراني |#غر


.. المفاوضات بين حماس وإسرائيل بشأن تبادل المحتجزين أمام طريق م




.. خيبة أمل فلسطينية من الفيتو الأميركي على مشروع عضويتها | #مر