الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكونجي

عبد الرحيم الرزقي

2020 / 12 / 18
الادب والفن


ــــــ الكونجي ..*
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



تجاوزنا الوقت .. ليل طويل .. ضفيرة داكنة لاحقتها شيبات ناصعة .. وانفجر الصباح لعنة!! .
.... هطا الصباح مات عبد الرحيم الرزقي ! .. صليناها جنازة في جامع ـ خربوش ـ فقصدنا ردمه في مقبرة الإمام السهيلي .
سرداب مخفر الشرذة ذاكن ! سحنات ساكنة باهتة .. نظراتهم متعبة ! أوراقهم وملفاتهم تفوح منها روائح الظلم والرشوة !تخميناتهم واجتهاداتهم فيها الشرب والشتيمة !! وغدا صباحا ستبصم ! ..
... حملنا الرجل متناوبين .. وتلونا عليه تلك الكلمات التي ولابد تتلى .. ولم ينته الأمر إلا بإنزاله داخل القبر الدامس .. وإحكام الإغلاق عليه .. وترك أمره للإدارة .ملكان
وجاء الملكان بالملفات والأوراق ..واشتغلت الراقنة بصوت مسموع مشوب برهبة تتخللها أسئلة ! .. سألوا عن الاسم والكنية .. وعن الأب والأم .. ولماذا أنت هنا ؟ .. وأنتم ــ كامونيون ــولا تبعث منكم الرائحة إلا بعد الحك والدق !..وسمعنا كلمات نابية وبعض الصفعات .. وألقوا به في العتمة .. فأحكموا الإغلاق .
السي عبد الرحيم الرزقي رجل مسكين تجاوزته الحال .. فقير لايمتلك من الدنيا سوى الشغيق والزفير .. يكاد لاينظر أمامه من شدة الخجل .. وما أكثر ما ينتابه الاحساس بما يشبه المطاردة .. أعداء وهميون يختلجون بدواخله لايفارقونه .
السي عبد الرحيم مسكين ! أدنى من أن يأخذوه .. ويزجوا به في زاوية من مقبرة السهيلي .
... أدنى من أن يكون لديه ملف لدى الهيئات المسؤولة .. فهومفقود داخل نفسه .. نموذج حقيقي ببمواطن الخواف الذي يتحاشى كل ما من شأنه خلق القلاقل والبلبلة ... وليس يدري من أين جاءته هذه الفكرة المتهورة التي دفعت به نحو ـ الكراب ـ* !؟ ..
وماله هو والنشاط ؟ ! فللنشاط أهله ..زد على ذلك أن صحته لاتستحمل .. قلبه حالة .. وأمراضه الباطنية مستفشية .. وماله هو والنشاط ؟..لكن هذا الذي صار على كل حال !.. ففعل ما فعل في ماء الحياة وفعلت هي برأسه الظريف مافعلت ..وها هو مع الملكين قيد السؤال..كانت صراطا منالأسئلة بدون أول ولا آخر ..لم يتركا لاشاذة ولا فاذة إلا واستفسرا .. ولماذا هويميل إلى ماركس ؟ .. ولماذاهو يحب الشعر ؟ ولماذا لم يعجبه الموت إلا هذا الصباح ؟ !..
... وما قسرافي مراسيم عملهما على أكمل وجه .. ثم بعد ذاك .. بصماه على أوراق خاصة بالإدارة ثم أعاداه إلى السرداب .
.. سرداب من تركات فرنسا .. لفرنسا علاقات حميمية مع الإسمنت المسلح .. أبدعوا في هبش الأرض .. أبدعوا في الزج بأحرار بلادي داخل غياهب القبر .
.. سرداب ستة أقدام في عمق الأرض .. ومعنا البنات كذلك .. نقاشات حناء ومومسات ,, وأهل المكان لطيفون في معاملة النقاشات والمومسات .. هم كذلك غير لطيفين معك كلما علقت على هذا الأمر .. ولو بالمزاح ! .
.. ولم يعجبه الموت إلا هذا الصباح !! ألا يدري أن الناس في قلب ــ الكونجي ــ... وليس هناك حتى من يكلمك .. ولماذا كل الآخرين في عطلة إلا نحن الاثنين .. وصهد ـ جامع الفنا ــوالبق هباش ! وراتبنا .. آه راتبنا !.. ولم يعجبه الموت إلا هذا الصباح !!,,
هذا الصباح مات عبد الرحيم الرزقي .. هذا الصباح .. خرج ملكان من الإدارة ببطاقة ــ كونجي ــ



.. ـــ قصة : عبد الرحيم الرزقي
ــ عن مجموعة : ـ سيلان من شقوق ــ الصادرة سنة 2006 المغرب


ـــالكونجي : العطلة في العامية المغربية ماخوذة عن الفرنسية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة الجميلة رانيا يوسف في لقاء حصري مع #ON_Set وأسرار لأ


.. الذكرى الأولى لرحيل الفنان مصطفى درويش




.. حلقة خاصة مع المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي وأسرار وكواليس لأ


.. بعد أربع سنوات.. عودة مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي بمشاركة 7




.. بدء التجهيز للدورة الـ 17 من مهرجان المسرح المصرى (دورة سميح