الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كورونا ... والعراق

راغب الركابي

2020 / 12 / 20
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


كورونا .. والعراق



يُخيل إليَّ إن قادة العراق في واد والعالم كله في واد أخر ، فمنذ إجتياح العالم هذا الوباء لم أجد لدى زعامات العراقيين ذلك العزم وتلك الثقافة التي بها يتصدون وبها يحاولون التقليل من التبعات والآثار البغيضة لهذا الوباء اللعين .

إن الزعامات التي أبتلي بها العراق في هذا الزمن التعيس ليس في وارد حساباتهم ، تنبيه الشعب أو تثقيفه وإشراكه فيما يجب وفيما لا يجب ، بإعتبار إن هذا الوباء هو أخطر قضية تواجه الأمم والشعوب في أيامنا المعاصرة ، وعلى العكس من ذلك نرى قادة الدول المتحضرة مع شعوبها تحاول المرة تلو الأخرى في صنع ما يمكنه الدفاع والحماية من هذا الوباء اللعين .

صحيح إن جميع الإجراءات الوقائية والدوائية والعلاجية مكلفة مادياً ومعنوياً ، لكن ذلك لدى رعاة الشعوب المتحضرة دافعاً قوياً في خلق الأجواء التي من شأنها التقليل والحد ما أمكن من خطورة وتبعات ذلك ، لكن السادة المسؤوليين في بلادي الضائعة في وحل الطائفية والخرافة والظلال والدجل ، منهمكين جميعاً في الحديث عن الإنتخابات وعن التكتلات وعمن سيكون على رأس الحكومة .

متناسين عن عمد ما سيؤول إليه المصير في السنة المقبلة من تردي إقتصادي ومالي هائل وكبير ، والذي ستكون وطأته شديدة على الشعب وعلى الدولة ، بل أشد مما يتصور العبثيين والفاسدين وأهل المصالح الضيقة ، نعم ستكون النتائج كارثية في كل مناحي الحياة وسيترحم الناس على سنة 2020 لما ستكون عليه سنة 2021 ، وإذا كانت النذر بدأت مع قطع الرواتب عن الموظفين والعاملين ، وهاهي تتبعها بالزيادة المضطردة في سعر صرف الدولار في السوق العراقية ، ومن غير المبالغة إن هناك أشياءا وأشياء ستحدث و ستدمر ما بقي من الهياكل العظيمة للعراق الذي كان .

ولقد تحدث غير واحد من الخبراء الدوليين من خطورة الوضع وما يمكن ان يُصار إليه ، ولكننا لا نجد في العراق أذن تعي أو تسمع لذلك ، بل ما يصدر من هناك مجرد عبث وفوضى وتخريب ومماطلة وأستقواء بالغير ، ونكران للحقوق وتضييع للفرص ونهب لما تبقى من الميزانية التي ضربها إعصار الفتن من أهل الطوائف من المجرمين والإرهابيين والقتلة .

وهذا ليس من باب الحدس والتخمين والظن ، وإنما هي حقايق ومعطيات دلت عليها تقارير من هم أهل النظر والمعرفة ، وبأن العالم الذي كان سيتغير ولن تكون تلك الظروف التي كانت قبل 2020 حاضرة بعد اليوم ، وإذا كان العراق قد ربته السياسة الفاشلة على العيش الريعي ، ومن سوء حظه ذلك إنه يعتمد في لقمة عيشه على النفط كسلعة تجارية وإقتصادية في آن معاً ، فإن هذه السلعة سوف لن يكون لها ثمن في قادم السنيين والأيام ولن يكون لها طلب كذلك ، بعدما تغيرت موازين الطاقة وما يعتمد عليه في المستقبل ، وهناك إتجاه حثيث في دول العالم الكبرى على الإعتماد على الطاقة البديلة والتكنولوجيا الذكية ، والتي لم يعد معها النفط مصدر إلهام ، ولعل السنوات المقبلة القليلة ستشهد هذا التحول في ميدان الطاقة وما يعتمد عليه في الأسواق الدولية ، ولهذا تعكف حكومات ومعاهد ومختبرات ولجان عمل متخصصة لهذا التحول الإستراتيجي الهائل .

ومن هنا تبدو الحاجة ماسة للتذكير بذلك وتنبيه أهل المرؤة للتفكير والعمل والحث ، على بذل المزيد من الجهد لكي نتلافى الكثير من المخاطر التي قد تنهي وتدمر العراق للآخر ، فالعراق بحاجة لحسم مسألة الصراع على السلطة من خلال إيجاد آليات عمل ثوري في ذلك ، وعلى من يجد في نفسه الكفاءة فليتقدم لحسم ذلك الصراع قبل فوات الأوان ، ولتكن تجربة الرئيس عبدالفتاح السيسي مثالاً في ظل هذا الفلتان والفوضى والفساد وإنعدام الضمير والحلول وفشل الديمقراطية وضياع جهود المخلصين ، وفي ذلك نقول لا مصلحة من الإنتخابات ولا التحضير لها طالما ، إن تجربة الفشل ستعيد إنتاج نفسها بنفس الأشخاص والمسميات والطوائف والبرامج والخدع ، هذا كله وفي ظل التردي في الوضع الأمني والمعاشي والخدمي وهيمنة تجار المال والسلاح المنفلتين ، والخيار مطروح للشرفاء ومن يجد في نفسه الكفاءة والقدرة على المبادرة إلى ذلك ، وعدم تضييع الفرص فهناك من يؤيد ويرغب طالما كان ذلك من أجل المصلحة العامة .

وليس من السهل عندنا أن نوجه إلى ذلك أو ندعوا له ، ولكن مع إنعدام الحلول وعدم الشعور بالمسؤولية لدى من هم في مراكز السلطة والقرار ، كان لا بد لنا من التنبيه إلى هذا وحسم هذه الفوضى التي خلفت الكثير والكثير من الضيم والخنوع والذل .

ليس من السهل علينا أن ندعوا لإنهاء وهم الديمقراطية التي صنعت لنا جيلا من المفسدين والقتلة والمجرمين ، وحولت البلاد إلى مرتع لكل من هب ودب من أرجاس الأرض ، إن شعورنا بالواجب والمسؤولية الوطنية والإخلاقية هو الذي يحتم علينا الدعوة لذلك ، مع أمل ورجاء في ان يتغير الحال إلى أحسن منه ، خاصةً في ظل كل الممارسات الفاشلة التي أودت بحياة الوطن والمواطن .

إن الدعوة إلى التغيير المنتظر لا تتم إلاَّ من خلال الإيمان بالوحدة الوطنية والهوية والجامعة وحماية المؤسسات الوطنية والشعبية ، ولهذا نرى ان لا مصلحة حقيقية في هذه الإنتخابات ، وعلى المواطن الغيور ان لا يبادر إلى بطاقته الإنتخابية ، وليتعض بما حصل له جراء كل تلك السنيين الماضية ، وعليه وبدلاً عن ذلك المطالبة والإلحاح بتحقيق الأهداف والقيم التي راح ضحيتها و في سبيلها شهداء وجرحى ومفقودين ، ولا يجب إستحمار الشعب وإلهائه ببعض الشعارات والزيف والخداع والتضليل ، فليس ثمة هناك من به أو يرتجى منه خيرا .

وإذا كان الوباء يفتك بالعراقيين فإن ذلك بسبب هذه الفوضى واللانظام الذي لم يفرق بين ما هو واجب ومطلوب ، في لحظات الإختبار والتمايز إن تأثيرات كورونا ستطال كل بيت عراقي وستنهي آمال الكثير من الشباب والشابات ، طالما بقي الوضع على ما هو عليه ، وستظل هذه المعادلة خاسرة في ظل هذا الواقع التعيس ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا