الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجميع يتجسس على الجميع ...

مروان صباح

2020 / 12 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


/ هناك مؤسسات وأفراد تركوا بصمات عالمية شاخصة ، تخطت أعمالهم جدران مربعاتهم الخاصة أو حدود أوطانهم ، فهؤلاء منذ البداية تبنوا قاعدة أساسية في غرف العمليات الاستخباراتية ، تقول ( الجميع يكافح من أجل الوصول للمعلومة والمعرفة ، لكن إذا كان الطريق خطأ ، المطلوب على الفور تصحيحه ، لأن الجهة الأسرع ستكون الأكثر تقدماً ) وبالتالي هذه المؤسسات الاستخباراتية لا تؤمن بنظرية دارون الشهيرة التطويرية ، لأن مجرد القبول بها ، ستجعلها راضخة لمنطق الوجود الصدفوي ، بل سيتحول وجودها ليس سوى ضربة حظ ، وبالتالي مثلها لا تتحدث عن الأفكار التى أُعلن عنها والتى أصبحت شيء أساسي من حياة الناس لدرجة لم تعد تخضع للسؤال ، بل التنافس الجاري بين اللاعبين الكبار على أفكار مازالت طيّ الكتمان ، لأنها وحدها تجعل صاحبها متفوق على الآخر ، فعالم الاستخبارات صحيح أنهم يستقطبون أشخاص من مجتمع فوضوي ، لكنهم يعتمدون على التعليم المبني على الموجات المتداخلة التى من خلالها يكتسب الفرد المهارات ، بالطبع تجهلها المربعات التى جاؤوا منها ، وبالتالي الهدف من الهجمات السيبرانية ، هو إلهاء المستهدف من أجل تحقيق شيء معين ، إذن نقولها بالفم الملآن من المعيب لوكالة الاستخبارات الأمريكية إستخدام كلمة ( يبدو الهجوم روسي ) أو ( يعتقد أنه صيني ) ، ايضاً ليس صحيحاً لرئيس إدارة البيت الأبيض الإدلاء بتصريحات خاصة بالأمن القومي الأمريكي ، قبل أن يُدلي الشخص المسؤول عن الاستخبارات ، وقد يتفهم المرء تصريحات الوزير مومبيو ، كونه رجل استخباراتي سابق ، بل ما هو أهم من الهجمات ، أن تقف الإدارة الحالية والمعارضة وجميع الأجهزة الأمنية والجهات البحثية والمؤسسات المتخصصة خلف موقف واحد ، لكي تتمكن الجهات الاستخباراتية من تحديد المهاجم ومعالجة الاختراقات ووضع حد في المستقبل لحرب سايبر الكهرومغناطسية ، بل ايضاً ما حصل ليس بجديد على الإطلاق ، لأن في النهاية الأمريكان يخترقون يومياً شبكات أجنبية واسعة النطاق بصورة منتظمة ، لكن المختلف هذه المرة ، تم اختراقهم والهدف من الاختراق هو معرفة الخصم كيف يفكر قبل أن يكون عمل تخريبي .

مع قدراتها على التداخل والتدخل في الحياة اليومية للمليارات البشر من خلال السلع ، كانت الصين ايضاً في عهد الرئيس اوباما قد اخترقت المكتب الفدرالي الرئيسي ونقلت ملايين الملفات وهذا ايضاً فعلته إسرائيل عندما تسللت لأجهزة المعلومات والأرشيف الخاصين بالملف النووي الايراني ، لهذا عندما يشير الرئيس ترمب بأن الفاعل هو الصيني ، بالطبع هو لا يجزم بقدر أنه يرجح ، بالفعل قد يكونوا ، فالجميع يتجسس على الجميع ، وأول المتجسيين الولايات المتحدة الأمريكية التى تعتبر الجهة الأقوى في عالم التجسس السيبراني ، لكن فشلها في صد الاختراقات ، يبقى في تقديري يقع على عاتق المنظومة العلمية ، لأن الواقعة الأخيرة حملت أمرين ، أول الأمر التجسس ومن ثم الهجوم التخريبي ، وكما يبدو لي ، لقد تجسسى الروسي لمدة كافية وبعدها تم إعطاب ما يريد عطبه ، بل التخريب لم يكن ضمن المخطط الروس بقدر أنهم أجبروا على فعل ذلك عندما قامت وكالة السي أي ايه الاستخباراتية ( بالتعليم ) عليهم في اختراق طائرة القيامة الروسية من طراز إليوشر ( 80 ) ، وهذا النوع لا يوجد في الأسطول الجوي الروسي منه سوى أربعة طائرات ، في المقابل تمتلك ايضاً الولايات المتحدة الأمريكية أربع مراكز قيادة متطورة من طراز Boing E4 ، وهذه الطائرات صنعت لأوقات الحروب النووية التى ستنقل المدن من ثابتها المعروف إلى المتحول المجهول ، أما الثابت الوحيد أثناء المتحول ، ستكون فقط هذه المراكز المحمولة جوياً .

وعلى كل حال ، لا بارقة دالة بأن الحروب الاستخباراتية سوف تشهد انحساراً أو حتى تتوقف بهدف الاستجمام في المدى المرئي ، ففي واحدة من أعقد العمليات تعقيداً بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي ، تحديداً بعد الحرب العالمية الثانية ، كانت على الفور بدأت حرب التجسس الخفي التى عُرفت بحرب جمع المعلومات عن العدو وصنفت بالأكثر الحروب شراسةً ، بالفعل في بدايات الخمسينيات حاولوا الأمريكان من خلال عملية إطلق عليها ( غولد ) ، التجسس على الإتصالات الروسية في برلين الشرقية ، وبعد ما تنبهت موسكو أن إتصالاتها عبر النظام الراديو مخترقة ، مباشرة قامت بنقل الإتصالات جميعها عبر الهواتف الأرضية لأنها أكثر آمناً ومن الصعب التنصت عليها ، وبهذا التحول أفقدت الغرب مصدر أساسي للمعلومات ، وفي كتاب قرن من الجواسيس ، الاستخبارات في القرن العشرين للكاتب جيفري ردجتسون ، يكشف عن تفاصيل دقيقة لعملية غولد ، يسرد الكاتب كيف بنى الأميركان بالتعاون مع البريطانيين نفقاً بين برلين الغربية والشرقية حتى الوصول إلى المركز الرئيسي للاتصالات الروسية آنذاك ، الذي سمح لهم الاستمرار بالتجسس على جميع المكالمات الواردة والصادرة ، ولعل عملية غولد ليست كثيراً على واشنطن أن تتباهى بعملية واحد ، ضمن الآلاف من العمليات ، جميعها كانت منازلات ميدانية مع الروس والصينين وغيرهما ، قابل ذلك عملية مضادة حتى سقط الإتحاد السوفياتي ، بل في هذا الكتاب تحديداً قرأنا تفاصيل العملية الكاملة ، يقول أن النفق اكتشف بعد 11 شهراً بالصدفة من عامل صيانة من الجانب الشرقي لألمانيا ، لكن ايضاً مع الوقت وبعد السماح لوكالة الاستخبارات بنشر مزيد من المعلومات ، تبين أن الروس كانوا على علم بعملية التجسس من خلال عميل لهم في جهاز الاستخارات البريطاني Mi6 وتجاهلوا النفق بهدف تمرير معلومات مغلوطة التى بدورها تحذف القديمة أو على الأقل تشوش عليها لوقت معينّ .

لامرئ أن يتساءل بصفة مشروعة ، هل يوجد في عالم الاستخبارات شيء أسمه ( يبدو أو قد ) بالتأكيد هي حرب بالخفي نيابةً عن الحروب المباشرة ، بل مطحنة تطحن كل من يقف أمامها ، ولم تكن الأولى ولن تكن بطبيعة الحال الأخيرة ، لكن الأهم في رأي ، المسألة ليست فقط منحسرة في معرفة الجهة التى تسببت بتخريب الأجهزة واختراقها ، إن كانت روسية أو صينية ، بل السؤال الجوهري ، هل الحرب الاستخباراتية أنتقلت من الأنفاق تحت الأرض إلى الشبكات المتمددة إلى جميع أرجاء الأرض ، بوسائل بصرية وصوتية ونصية ، وبصور تتجاوز الزمان والمكان وكلفة قيود المسافات ، وإذا كانت المراكز المحمولة جواً مقتصرة اليوم على الرؤساء وأركان الجيوش ، فهل سنشاهد قريباً طائرات خاصة من نوع إليوشر 80 والشهيرة بالقيامة أو Boing E4 بأسماء عائلات معينة . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. !ماسك يحذر من حرب أهلية


.. هل تمنح المحكمة العليا الأمريكية الحصانة القضائية لترامب؟




.. رصيف غزة العائم.. المواصفات والمهام | #الظهيرة


.. القوات الأميركية تبدأ تشييد رصيف بحري عائم قبالة ساحل غزة |




.. أمريكا.. ربط طلاب جامعة نورث وسترن أذرعهم لحماية خيامهم من ا