الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
هل من صحفي مستقل؟
مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب
(Mousab Kassem Azzawi)
2020 / 12 / 22
مقابلات و حوارات
حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع مع مصعب قاسم عزاوي
دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع: هل ينطبق توصيفك لدور الإعلام المدجن ووسائل الإعلام المؤسسية القائمة على الربح والتعايش الطفيلي وتبادل المنفعة مع النظم الاستبدادية على اختلاف أشكالها الفجة بالطريقة العربية والمنمقة بالطريقة الغربية على الصحفيين المستقلين، وكُتَّاب مقالات الرأي، والمعلقين المتخصصين، والخبراء الذين تستضيفهم المؤسسات الإعلامية دون أن يكونوا عاملين فيها؟
مصعب قاسم عزاوي: في الواقع لا يوجد صحفي مستقل بشكل مطلق، إذا أن من يعمل في الحقل الصحفي والإعلامي (إذا كان ذلك مصدر رزقه الأساسي) مرتبط بواقع يومي معاش يقتضي منه الحفاظ على مصدر رزقه لتلبية متطلبات حياته ومن هو مسؤول عنهم، مما يجعله في نهاية المطاف خاضعاً بشكل أو بآخر لنفس النموذج الذي يقولب منهجية عمل ونتاج المشتغلين في الحقل الإعلامي، و يقوم أيضاً باستدماج «مبضع الرقيب غير المعلن» في كل ما ينتجونه بشكل ذاتي، دون الحاجة إلى التصريح بشروط ذلك الرقيب التي تصبح في غالب الأحيان شكلاً من العرف النمطي، والقانون اللامكتوب الذي يلتزم به كل مشتغل في المؤسسات الإعلامية المتسيدة.
ومن ناحية أخرى فإن مسمى «الصحفي المستقل»، مصطلح أفعواني حمّال أوجه ويمثل مصيدة كبرى تستند أولياً على شرك «الحيادية» الضمنية التي يشي بها مسمى «المستقل»، والذي في كثير من الأحيان هو «صحفي مزروع» سواء «كوكيل مباشر لجهة مسيطرة ذات مصلحة في صياغة الرأي العام» من قبيل الشركات الرأسمالية الكبرى العابرة للقارات، أو من المؤسسات العسكرية الأمنية التي تتداخل في حالة من التعايش والتعاضد الطفيلي مع تلك الأخيرة في معظم أرجاء الأرضين، وهو شخص تتركز مهمته أن يكون «بوقاً وناطقاً شبه رسمي باسم تلك الجهة» في لبوس منمق من «الحيادية» تسبغه عليه صفة «الصحفي المستقل».
وفي بعض الأحيان الاستثنائية، وخاصة حينما تحتاج وسائل الإعلام المسيطرة إلى «إعلامي خبير» في شأن تخصصي ليس في كوادرها من هو ضليع به، وليس في شبكتها ودليل الخبراء الذين تتعامل معهم من هو مؤهل للتنطع بالتعليق أو الكتابة عن ذلك الموضوع، فتضطر إلى الركون إلى خبراء مستقلين لا بد من إيجادهم لضمان عدم خواء صفحاتها وساعات بثها من تغطية موضوع معين يمثل بقعة ساخنة في لحظة زمنية ما. وهنا تبرز آليات «الترشيح الفكري» في اختيار ذلك «المحظوظ» بانتقائه لمهمة ملء الفراغ، عبر إخضاعه لسلسلة من المقابلات مع عدة محررين لضمان أن آراءه وتعليقاته سوف لن تخرج في أي منها عن ضوابط ومحددات «الرقيب الباطني» التي استبطنها كل مشتغل «كفؤ وناجح» في الحقل الإعلامي، وحتى عندما يتجاوز ذلك «الخبير المصطفى» كل «مرشحات التصفية الفكرية اللازمة»، فسوف يتم استخدام مقوله بشكل «اجتزائي انتقائي» في غالب الأحيان على شكل اقتباس «بعدة كلمات أو جمل» في نص إعلامي مكتوب، أو تصويراً أو تسجيلاً لثواني معدودة إذ كان السياق الإعلامي مرئياً أو مسموعاً، بحيث لا يمكنه بأي حال، حتى لو تمكن من الخروج عن ضوابط «الرقيب الداخلي» تقديم أي فكرة أو نسق منطقي متكامل قد يسهم في لفت نظر المتلقي إلى حقيقة ما، أو كشف ملابسات ما قد يكون خافياً في لج الزحام الإعلامي المصطنع الذي يراد به تثبيت شواش واضطراب المتلقي إلى درجة تعطيل قدراته على تمييز الغث من السمين، مما يضطره في المآل الأخير إلى الاستسلام، والتسليم بالحجة الجوهرية التي تمثل جوهر الرسالة الإعلامية الأكثر تكراراً في ذلك الزحام، ليصبح استبطان وعي القطيع الجمعي الهائج، البديل الوحيد عن التفكر المنطقي المستند إلى الحجة والحقائق دون مواربة أو مخاتلة أو تزييف؛ فيصبح مثلاً الطاغية صدام حسين مسؤولاً عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والأب الروحي للجناح العسكري لتنظيم القاعدة، إذ أن كل وسائل الإعلام وخبراؤها «المستقلون» يقولون ذلك، وهو ما يقتضي وفق وعي «القطيع الهائج» أن يكون كذلك صحيحاً، فلا يمكن أن يكون «كل ساسة القطيع» على خطأ فيما يقولونه ويرددونه. والأمثلة على ذلك كثيرة في الإعلام الغربي المسيطر وتجلياته، وإن كانت أقل «حرفية و مكراً» في إعلام العالم العربي، و التي قد يكون أكثرها حضوراً و راهنية تلك الصورة الشوهاء التي لم تترفع عن ترسيخها جل وسائل الإعلام العربية المتسيدة في تصوير انتفاضة المقهورين العرب في «الربيع العربي» كمؤامرة تحركها أطراف خارجية، لعدم رغبتها أو قدرتها على الدخول في تحليل منعرجات «الاستبداد العربي الشامل عمقاً وسطحاً و عمودياً و أفقياً» في المجتمعات العربية، والذي لا بد أن يفضي إلى انتفاضة ما، لاستحالة استمرار الحياة بذلك الشكل من البؤس الذي تمثل فيه الرحلة إلى الدار الآخرة الحل الوحيد لمعاناة أبنائه بحسب منظار المظلوم «البوعزيزي»، والذي يشاطره فيه مئات الملايين من العرب المقهورين.
وفي حالات استثنائية قد يتمكن بعض العقلاء، من الكتاب المستقلين، والذين لا يمثل العمل في الحقل الإعلامي والصحفي مصدر رزقهم المباشر، وخاصة من أولئك الباحثين والأساتذة العاملين في الحقل الأكاديمي الجامعي، من اجتراح نهج موارب لكشف الحقيقة بشكل يقترب كثيراً من «خطاب الوما» والتلميح على طريقة أن «اللبيب من الإشارة يفهم»، وهو قد يكاد يكون الحد الأقصى الذي يمكن الوصول له من اختراق في وسائل الإعلام المسيطرة، ونموذجها كتابات «بول كروجمان» في صحيفة نيويورك تايمز، والطيب تيزيني في صحيفة الاتحاد. ويوفر ذلك النموذج من الاختراق «غير الجذري» وغير المؤثر من الناحية الكمية والتكرارية في سياق «الطوفان الإعلامي» فرصة سبغ صفة الحيادية اللازمة، و وتقديم مثال ملموس على الفسحة الحرة المتاحة «للرأي والرأي الآخر»» في هذه المؤسسة الإعلامية أو تلك، دون التطرق إلى أن الرأي الآخر سوف يحظى في أحسن الأحوال بحصة مجهرية مما ينضح به ذلك الطوفان من «الرأي الأوحد» الذي يصب في مصلحة من يحرك ويرسم سياسات تلك المؤسسة الإعلامية أو تلك، ويرتبط بها عضوياً ونفعياً قليلاً أو كثيراً ضمن نسق هيمنة المتحكمين بمصادر الثروة و السلطة و تغولهم على حيوات المفقرين المظلومين المقهورين بأنساق قد تختلف في تمظهراتها في كل مجتمع بعينه دون أن يغير ذلك من مآلاتها شبه المتطابقة فيما بينها في عموم أصقاع المعمورة.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الانتخابات الرئاسية الأمريكية: نهاية سباق ضيق
.. احتجاجًا على -التطبيق التعسفي لقواعد اللباس-.. طالبة تتجرد م
.. هذا ما ستفعله إيران قبل تنصيب الرئيس الأميركي القادم | #التا
.. متظاهرون بباريس يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة ولبنان
.. أبرز ما جاء في الصحف الدولية بشأن التصعيد الإسرائيلي في الشر