الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسار التسوية:محاولة للمراجعة-

محمد سيد رصاص

2006 / 7 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


دخل العرب في مسار التسوية عبر مؤتمر جنيف الذي عقد بعد شهرين من حرب 1973,وفي حزيران 1974 أعطى المجلس الوطني الفلسطيني,عبر برنامج النقاط العشر,أول ملمح لقبول منظمة التحرير بدولة لاتشمل فلسطين التاريخية كلها.
لم يكن ذلك فقط تجاوزاً,عند النظام الرسمي العربي وعند الكثير من النخب السياسية والثقافية,للحالة التي ظهرت ضد الرئيس بورقيبة في عام 1965 لما اقترح القبول بدولة اسرائيل وفق قرار التقسيم,وإنما أيضاً للذهنية السياسية التي كانت عند الرئيس عبد الناصر لما قبل ب(القرار 242)والتي لم تكن تتجاوز الاعتراف بدولة اسرائيل وفق حدود4حزيران67كواقع قائم من دون الدخول في حالة "سلام"أو"تطبيع"معها.
كان هذا التجاوز واضحاً وجلياً عتد الرئيس السادات لما ذهب إلى القدس,إلاأن مسار التفاوض المصري-الاسرائيلي قدأوضح بأن تل أبيب لاتريد سلاماً أبعد من مصر,وأنها غير مهتمة أومعنية بتسوية تتعلق بالشق المتعلق بالضفة والقطاع الذي تضمنته اتفاقيات كامب دافيد,إذا لم يكن الأمر متحدداً في إطار نظرة اسرائيلية ترى بأن عزل "رأس"العرب ,عبر التسوية معه,يمكن أن تتيح لتل أبيب مجالاً للإستفراد بباقي أراضي 67إذا لم يكن بآسيا العربية كلها وباقي الجسم العربي.
في هذا الإطار,لم يكن صدفة تكثف الاستيطان عقب كامب دافيد بشكل تجاوز بين عامي1978-1980 كل ماجرى من استيطان خلال العقد الذي تلى حرب 1967,فيما يلاحظ أنه لم يكن هناك سوى أربعةأشهر فاصلة بين زيارة السادات والاجتياح الاسرائيلي الأول لجنوب لبنان في آذار1978,كماأنه لم يكن هناك سوى أربعون يوماً فقط بين اكتمال الانسحاب من سيناء واجتياح صيف 1982,بينما ضمَ الكنيست الاسرائيلي الجولان في الشهر الأخير من عام 1981:هنا ,لم يكن (مؤتمر مدريد) انحرافاً عن هذا المسار للذهن السياسي الاسرائيلي بقدر ماكان تعبيراً عن تكيف اسرائيلي"ما"مع ماأراده القطب الواحد للعالم من تسوية للصراع العربي الاسرائيلي كتمهيد لما أرادته واشنطن من شرق أوسط جديد بعد حرب 1991,وسرعان ماوجد الاسرائيليون الفرصة(لما تسابق الفلسطينيون وبعض العرب إلى اتفاقيات منفردة) من خلال (اتفاقية أوسلو),التي كانت عملياً الطلقة القاتلة في مسار (مدريد).
كان من الواضح أن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة ,خلال عقد كامل فصل بين عودة الرئيس عرفات إلى غزة وفقاً ل(أوسلو) ووفاته, لاتريد تسوية ولاسلاماً مع الفلسطينيين,وإنمااتجهت,حتى مع وجود سلطة فلسطينية,إلى قضم متعاظم للقدس كلها وللقسم الأعظم من الضفة(مع ترك القطاع للفلسطينيين),وبشكل نجحت فيه,وخاصة مع وجود إدارة بوش الإبن التي تخلت عن سياسة التسوية لصالح"إعادة صياغة المنطقة"بعد(11أيلول)و(بغداد),في فرض أمر واقع جديد على الأرض,تريد ترجمته الآن عبر حلول من جانب واحد,بمعزل عن أي شريك فلسطيني,وهو ما توضحت ملامحه عبر(الجدار العازل) و(الانسحاب الأحادي من غزة)و(خطة الانطواء)التي يراد منها رسم حدود دولة اسرائيل مع ماتتركه من الضفة للفلسطينيين في السنوات الأربع القادمة.
هنا,لم يدخل العرب للآن في نقاش حقيقي,بعد ثلث قرن من مسار عملية التسوية,حول نوايا تل أبيب وأهدافها,بل كان هناك مسلمة راسخة,عند معارضي التسوية ومؤيديها من بين العرب,بأن اسرائيل تريد التسوية والسلام والتطبيع مع الفلسطينيين وباقي العرب,ومازال هذا راسخاً ولم يهتز كمسلمة,حتى بعد أن انتخبت غالبية المجتمع الاسرائيلي,في انتخابات 2001و2003و2006,شارون وخليفته أولمرت الحاملان لاتجاهات واضحة رافضة للتسوية والنابذان للخطاب اللفظي عن التسوية,الذي كان موجوداً عند رابين وباراك,وبالمناسبة فقد كان صعود الإثنان إلى رئاسة الوزراء عبر سلم الاستيطان(وليس وزارة الدفاع) عند الأول منذ تسلمه وزارة الزراعة في حكومة بيغن الأولى,وعند الثاني من خلال كونه المهوِد الأكبر للقدس منذ تسلمه رئاسة بلديتها في أوائل التسعينيات.
إذا أردنا الإجمال,فيمكن القول بأن العقل السياسي الذي أفرزته الحركة الصهيونية,خلال مرحلتي ماقبل قيام اسرائيل ومابعدها,قد كان من أكبر العقول التطبيقية لمقولة أن السياسة هي انعكاس عملي للوقائع والتوازنات على الأرض,وأن (الحقائق السياسية) تتشكل عبرهما:على ضوء ذلك,لماذا لايقوم العرب بإخضاع مفهوم(التسوية) للفحص والمراجعة على ضوء العقل الاسرائيلي,الذي يبدوأنه,وبوصفه الطرف الآخر,هو المحدِد الرئيس لقواعد اللعبة,وليس مايفكر به العرب أومايريدونه؟...................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات