الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أما آن للعين الكريمة أن تبصر نور الحرية

عبدالله المشعان

2020 / 12 / 22
حقوق الانسان


عندما نريد أن نكتب عن حقوق الإنسان وأن نورد على ذلك مثال، لن يكون أمامنا أبرز من تلك الإنسانة، والتي تستحق أن توصف بوصف الإنسانية عن جدارة، نعرف إننا مهما حاولنا أن نكتب عنها فلن نوفيها حقها بل وتتضائل الكلمات أمامها، ولكن عزاؤنا هو أن عبثية المحاولة أفضل من السكوت، فالسكوت عن الظلم هو بحد ذاته ظلم، فهي لم تتقهقر وتنحني لريح السلطة العاتية، واستطاعت أن توصل صوتها إلى أبعد مدى وتسبب إزعاج غير محتمل لها، فلم يكون لديها من حل سوى أن تحبسها لتخرس صوتها

لا أعرف من أين لها هذا وكيف لها بذاك، من أين تأتي بكل هذا العنفوان والجلد، وكيف بهذا الجسد النحيل يستطيع أن يزلزل أركان المستبدين، هذا ما كان يدور في خلدي حينما رأيتها، ومن ثم بحثت عنها وقرأت سيرتها وتابعت مسيرتها، كان هذا بعد ثورة الياسمين بسنين، والتي أنتقلت سريعاً إلى بلدها معلنة عن عهد جديد، لم أكون متعمد في بادئ الأمر أن أتابع كفاحها، ولكن في كل صورة ومقطع تنتشر للمظاهرات الحاشدة على مواقع التواصل كانت هي العلامة البارزة بها، معلنة عن نفسها وكأنها تقول ها أنا ولن أبرح من هنا

هي نفسها بجسدها الضئيل وصوتها المجلجل الذي يشعل الساحات والميادين، وأكثر ما كان يميزها عن غيرها هو كرم عينها، فنحن بالخليج نصف من يفقد إحدى عينيه بأنه "كريم عين"، ويعتقد بهذا الوصف بأنه زاد به الكرم لدرجة إنه جاد بإحدى عينيه من كثر كرمه، كيف لا وهي من كانت تتنازل عن طعامها لتطعم السجينات الأخريات، كيف لا وهي من كانت تدفع كفالات زملاء الكفاح، دؤوبة الحركة لا تكاد تقر وتهجع، شغوفه بالناس تلتقي بهم وتسمع لهم وتتلمس همومهم، تحاول أن تعاونهم وتحل مشاكلهم، وتترافع في المحاكم عن قضايا المظلومين منهم، وهي حالة نادرة أن تجتمع كل تلك الصفات الإنسانية في شخصية واحدة، وهي بلا شك تستحق الجائزة الحقوقية الدولية التي حظيت بها، والتي نالها الزعيم الثائر نيلسون مانديلا قبلها

لم تكون في يوم ماهينور المصري كما أقرانها ومنهم في سنها، تلهو بحياتها لاهثة خلف خطوط الموضة؛ وآخر الصرعات كما هو حال معظم البنات أو الحرص على حضور المناسبات الاجتماعية، بل كانت مواظبة على حضور المناسبات المجتمعية وهي الأجدر بتواجدها، ومنها الندوات والاجتماعات التي تعقد لتوعية الشباب والرفع من معنوياتهم وزيادة هممهم، ومشاركتهم أحلامهم، ولتعريفهم بأن كل التحديات التي يقدموا عليها؛ والتضحيات التي يقدموها ماهو إلا القليل في سبيل مستقبل زاهر، مفعم بالعزة والكرامة والكبرياء والإباء، وكلها مجتمعة خليط لوجبة طال انتظارهم لها وسال لعابهم عليها ويتضورون جوعاً من غيرها ويتلهفون لتذوقها وهي وجبة الحرية

نعم هي كما هو معنى أسمها ضوء القمر الذي يضيء عتمة الليل، ولكنها تختلف عنه بأنها أقرب للثائرين، تضيء دروبهم في الساحات والميادين، كل تلك المواصفات التي كانت تتصف بها جعلت منها أيقونة للحرية، وبارزة أمام السلطة التي تحاول عبثاً في كل مرة يتم القبض عليها أن تخرس صوتها، لكن هيهات فقد كانت تخرج أكثر اندفاع واصلب مقاومة، لم يرهبها أبداً سوط الجلاد؛ ولم يُخيفها في يوم الاستبداد، وتتردد صدى مقولتها ألسن الأحرار في كل مكان "احنا ما بنحبش السجون بس مش بنخاف منها








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفوض الأونروا: إسرائيل رفضت دخولي لغزة للمرة الثانية خلال أس


.. أخبار الساعة | غضب واحتجاجات في تونس بسبب تدفق المهاجرين على




.. الوضع الا?نساني في رفح.. مخاوف متجددة ولا آمل في الحل


.. غزة.. ماذا بعد؟| القادة العسكريون يراكمون الضغوط على نتنياهو




.. احتجاجات متنافسة في الجامعات الأميركية..طلاب مؤيدون لفلسطين