الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بَسْ الدجاجة تفهم

عائد زقوت

2020 / 12 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يُحكى أن شابًّا نَضِرَ الوجه كامل العقل أصابته لوَثةٌ في عقله وتوهّم أنه أصبح حبة قمح، وسيطر عليه هذا الهاجس فاستنكف عن الخروج من البيت خشية أن تراه دجاجةٌ فتلتقطه، وطاف به أهله بين الأطباء والمستشفيات إلى أن سافروا به لإحدى مستشفيات أوروبا فوصفوا إليه العلاج و تمّ شفاؤه وعاد إلى قريته، فجاؤوه أصدقاؤه ومحبّوه لتهنئته، وحين همّوا بالخروج دعوْا صاحبهم ليخرج معهم، وما أن خرج رأى دجاجةً فولّى هاربًا، فصاح به أصدقاؤه : " أنت لستَ حبة قمح، فنحن نعرفك ونراك إنسانًا فلا تخف " فردّ قائلًا : " أعرف أني لستُ حبة قمح، لكن الأهم أن الدجاجة تفهم ذلك " ، يبدو أن الشعب الفلسطيني أضحى حبة القمح التي لم تجد واحدًا يدرك أنه شعبٌ وله حقوق، شعبٌ حمل شعلة الحرية والكفاح والصمود في وجه المحتل الغاشم، وقدّم العديد من التضحيات الجِسام، فكان مرفأ الأمان لسفينة الأمة، ولكن للأسف لا زال يُنظر للشعب الفلسطيني على أنه حبة قمح، فتهافتت عليه صنوفٌ عديدة من المؤامرات
والأجندات عبر مسيرة نضاله، لتلتقمه وتبتلعه لعلّه يُولّي ويُدبر، لكنهم يجدونه دومًا يونس الحوت، فمنذ سيطرة دولة الاحتلال على أرض فلسطين وتقدمَ مسيرة تحريره القادة العرب الذين نسجوا لنا أوهامًا فعشنا نحلم بها إلى ولادة منظمة التحرير التي سيطرت عليها سطوة الأوهام والأحلام العربية، فحرَف القادة العرب مسارها من الكفاح المسلح إلى نهج السلام والمفاوضات بعد مرحلةٍ من التجويع والتشتيت التي فُرضت على أبناء منظمة التحرير حتى يخرّوا صاغرين ويتبّعوا الأجندة العربية وقد كان ذلك، ثم أطلّت علينا الحركات الإسلامية والتي بدأت معركتها على أساس ان التاريخ بدأ من عندها و سينتهي عندها، فوجّهت جُلّ اهتماماتها إلى إعلاء قيمة تنظيماتها وتصدير أوهام ان تلك المنظمات هي الشعب وأنّ الشعب هي، وكانت هذه الحركات ممن تحوْلق وزاحم على حبة القمح لعلها تفوز بها، ونتيجةً للصراع المرير على حبة القمح وسلاح التجويع الذي شُرع في وجه الشعب، فخارت قواه وضعفت ولم تعد قادرةً على التصدي لتلك الحالة التي هزّت عرشه، فأصبح همّه الأول ومبتغاه الأسمى تأمين لقمة عيشه التي أصبح أسيرًا لها، وعلى الرغم من هذه الحالة الهلامية التي سيطرت على حال الشعب، فلا زالت فصائله وقياداته وعلى رأسها طرفي الانقسام ماضون في التطوّس النرجسيّ، فلا هم متصالحون ولا هم قادرون على وقف تهاوي وتراجع القضية الفلسطينية، ورافضون للذهاب للانتخابات وأيضًا غير قادرين على أن يطرح كلٌّ منهم برنامجه السياسي على الشعب ليكون حاكمًا عليه و ذلك خشيةً من نمو حبة القمح وعدم قدرتهم على التقاطها
والتهامها، بل أبدعوا في إتاحة الفرصة لدولة الاحتلال لتنقضّ على القضية بكافّة وسائلها وقدراتها واستغلال حلفائها، فطفت على السطح جليّةً واضحة خطة تصفية القضية الفلسطينية محاطةً بالرضى العربي و التطوّس النرجسي الفلسطيني، وعلى الرغم من ذلك لازالوا مُتطوّسين على الشعب رغم سقوط العود الأخضر بل واحتراقه وموته فلم يحققوا دولة ولا سلطة، ليس ذلك فحسب، بل غير قادرين على إجبار الاحتلال ليتحمّل مسؤولية شعبٍ محتل، وأيضًا انكشف كل من يدّعي وصلًا بليلى حيث كان جُلّ هدفهم حبة القمح لكي يتسمّنوا بها ويتغوّلوا على حقوق الجماهير، فخاضوا معركة النضال بلا خططٍ و بلا حسابات، إلامَ يتطلّعون؟ وماذا يهدفون؟ أيريدون من الشعب أن يرحل ؟! فلم يرحل شعبٌ يومًا و لن يرحل، أم يريدون إخناع الشعب و إذلاله؟! حتى يقبل بما يُفرض ويُملى عليه، قد يحدث ذلك ولكن فلسطين آية من آيات الله، فلن تضيع أبدًا بنا أو بغيرنا، فلينظر كلٌّ منّا ماذا سيسجّل في تاريخه
وصحيفته وليعلم قادة الفصائل كافة أنهم مسؤولون، ولن تُغني الحياة بجاهها وسلطانها ومالها عن الآخرة بشيء، واعلموا أنّ الحياة ليست ملكًا لأحد فقد بدأت قبلكم و ستبقى بعدكم، أفيقوا من سكرتكم فالوقت لن يسعفكم والسياسة كالتاريخ لا ترحم أحدًا، شعبنا العظيم لا تنزعج حين تُحاط بمن لا ترغب فلم تُخلق لإرضاء أحد، أو جسرًا يعبره المارقون، اصبر و احتسب ولا تجعل من ضنك الدنيا سبيلًا للتنازل عن حقوقك وعن وطنك، فالحق باقٍ وآكلو حبة القمح زائلون .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس.. زراعة الحبوب القديمة للتكيف مع الجفاف والتغير المناخي


.. احتجاجات متزايدة مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية




.. المسافرون يتنقسون الصعداء.. عدول المراقبين الجويين في فرنسا


.. اجتياح رفح يقترب.. والعمليات العسكرية تعود إلى شمالي قطاع غز




.. الأردن يتعهد بالتصدي لأي محاولات تسعى إلى النيل من أمنه واست