الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيروت تفيض عن جرحنا..نافذة مشرعة

رجاء غانم دنف

2006 / 7 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بيروت التي أعرفها لها نكهة خاصة لوَّحت طفولتي بمشاهد لا تنسى من شدة جمالها وألمها .
بيروت تفاحة البحر وخلخال السماء على الارض تحترق اوصالها وكأنها على موعد قدري مع القذائف والحمم ورقصات الموت .
كنت قد كتبت قبل أيام قليلة عن بيروت الذاكرة وكيف ساقتني إليها أصوات القذائف المنهالة على غزة وانا أقف عند معبرها الوحيد المغلق الى إشعار آخر :معبر إيرز وها أنا وبعد أيام أرى بيروت تعود إلى ذاكرتها المجنونة وكأن الملاجئ هي بيوت دائمة للبنانيين الذيم لم ينسوا طعم الموت ولا رائحته .
بيروت كانت وستظل الواحة الاجمل والاكثر ايلاماً في طفولتي ببحرها وشاطئها وطيبة ناسها وبجحيم ليلها الممتلئ بالطائرات والغارات والاصوات المرعبة .
قرأت الكثير مما كتب في الايام الاخيرة من هنا وهناك وكم تألمت عندما رأيت بعض الاقلام تنطلق لتهاجم وتدافع وتستنكر من "قادوا" إلى هذه الحرب دون أن يفكروا ولو للحظة ما يعنيه قصف أهم وأجمل وأعرق عاصمة عربية .
هؤلاء الذين تفوح من جلابيبهم رائحة النفط معذورون فهم لم يكونوا ولن يكونوا يوماً في مواقعنا وفي آلامنا حتى يفهموا ما نمر به ،ولم تهن كرامتهم في اليوم ألف مرة حتى يفهموا ويقدروا حاجة الانسان العادي البسيط إلى معاني الكرامة ورفع الرأس.
من يسكن القصور ويمتلك أغلى السيارات ولا خوف على مصالحه وتجارته لا يستطيع أن يفهم ما يعنيه قصف بيروت واستباحة أرضها وشجرها ومائها وبحرها
من يرضى أن تكون البوارج الامريكية هي العين الساهرة على شواطئه ومدنه ويؤمن بانها جالبة الحظ والأمان والديمقراطية لن يفهم لم لا يرضى اللبنانيون بأن تربض بوارج اسرائيل آمنة مستقرة عند شواطئه .
المدن لغات ونكهات وبيروت على رغم جراحها ونزيفها حرة وأكثر عزة الان في قصفها وجحيمها من كل عواصم العهر العربية التي قبلت ومنذ زمن أن تدكّ مادياً ومعنوياً دون أن تجرأ على رفع رأسها وهكذا حال ساكنيها ومثقفيها وكاتبيها ،وهي في لغتها الحرة والعنيدة تسطّر قواميس ومجاميع لغة لم يتعود البعض عليها.
زمن الموت الذي نعيشه هذا مهم للغاية .على الاقل هو يعطي الفرصة لكل منا بكل انتماءاتنا وميولنا وآرائنا لأن نتربع في كفة الميزان ونرى ونفحص وندقق كم استبد بنا الخوف والرعب وذوّتناه حتى لو نعد نفرق بين أنفاسنا وبينه .
لبيروت قصص أخرى ستكتب فيما بعد أولها أنها جميلة وأنها الاقدر على بث قيم الانسانية الاعلى في كل الاموات .
حتى ذلك الوقت بإمكاننا أن نمسح دموعها بدموعنا ونغفر أخطاءها بجرائمنا ونكتب لها وعنها حتى ينتهي المداد ،أو أن تلمع نقطة شرف إنساني أولاً فينا فنصمت عن بشاعتنا وتقريعنا المخزي لشرفها ولشرف أبنائها .
ستعود بيروت لتعلمكم دروساً في الوطنية والشرف والكرامة والثقافة والموسيقى والشعر ،وستعرف تماماً لمن تهدي خبرها ونبيذها وحبها لأنها مدينة اللغة القصية .
رجاء غانم دنف
فلسطين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نذر حرب ووعيد لأمريكا وإسرائيل.. شاهد ما رصده فريق شبكتنا في


.. رغم تصنيفه إرهابيا.. أعلام -حزب الله - في مظاهرات أميركا.. ف




.. مراسل الجزيرة ينقل المشهد من محطة الشيخ رضوان لتحلية مياه ال


.. هل يكتب حراك طلاب الجامعات دعما لغزة فصلا جديدا في التاريخ ا




.. أهالي مدينة دير البلح يشيعون جثامين 9 شهداء من مستشفى شهداء