الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارة ... ومُتاجَرة

امين يونس

2020 / 12 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


قرأتُ قبلَ أيام أن تجارة " فئران التجارُب " صارتْ رائجة في السنوات الأخيرة وأن بلداناً مثل الصين وغيرها أصبحت تنتج وتُصّدِر هذه الفئران بمليارات الدولارات ، إلى مراكز البحوث والمؤسسات العلمية حول العالَم ! . التجارة عندما تكون " شريفة " أي مُلتزمة بمعايير المنافسة الرصينة من حيث النوعية والسعر ، فذلك أمرٌ جّيِد ومقبول ، ولكن أن تغدو تجارةً " عاهِرة " كما هي الآن ، شعارها الربح فقط وعنوانها الجشع وعدم الإكتفاء والإحتكار ، فتلك مُصيبة ! .
هل بقي مرفقٌ حياتي لم يخضع لآليات التجارة ؟ هل فلتَ أي نشاطٍ بشري من براثن الشروط المُجحفة للتجارة الجشعة ؟ بل حتى " الأفكار " و " القِيَم " لم تَنْجُ أيضاً من شرور المساومات التجارية الرخيصة .
لَسْتُ من دُعاة الآيديولوجيا المتحجرة ولا مُتعصِباً لفِكرٍ مُعّيَن ، لكني أدّعي بأنني مُنحازٌ للمُستضعفين والفقراء والكادحين … ورغم فشل " تجارُب الحكومات ( الإشتراكية ) " في أوروبا الشرقية والإتحاد السوفييتي السابق ، ورغم المآخِذ الجدية على " إشتراكية " الصين وفيتنام وكوبا ، فلا أتوانى عن تأييد الفِكر الماركسي ولا سيما في جانبه المتعلِق بالتوزيع العادل للثروة وتوفير الخدمات الأساسية المدعومة من الدولة وعلى رأسها السَكَن والغذاء والتربية والتعليم والصحة … الخ . قد تكون هنالك بلدان نظام الحُكم فيها رأسمالي ، لكنها تُوّفِر الخدمات الأساسية للمواطنين الى درجةٍ معقولة ، مثل العديد من دول أوربا الغربية وكندا وأستراليا واليابان وغيرها . لكن حتى هذه البلدان إستفادتْ من " التجارب ( الإشتراكية ) ولا سيما في جزئية ملكية الدولة والقطاع العام للمرافق الحيوية " أو على الأقل الإشراف عليها " مثل السكَن والتعليم والصحة وغيرها " .
……………...
أنظُر الى الرياضةِ بأنواعها ، كيفَ فّرَغَتْها التجارة الجشعة ، من مُحتواها الإنساني … وكيفَ أصبح الرياضي مُجّرَد [ سِلعة ] لها سعر ، يُباع ويُشترى كأي سلعةٍ أخرى ! . اُنظر الى الفنون بأنواعها وما آلَتْ إليهِ من إسفافٍ وتهريج عبر بوابات الدعاية الإستهلاكية والإعلان التجاري . أنظر الى تحويل [ العَمَل ] من حاجةٍ إنسانية ووسيلةٍ للعَيش والرفاهية ، إلى نوعٍ حديث من " العبودية " المُغّلَفة بشعارات مُخادِعة وعباراتٍ مُضّلِلة … اُنظُر كيف جعلوا من الكورونا مجالاً للتنافُس التجاري والجشع الرأسمالي ، بدءاً من صُنع كماماتٍ من الذهب سعر الواحدة عدة آلاف من الدولارات ، إلى توفير مئات المستشفيات الخاصة حول العالم " وحتى في مناطق بائسة مثل مناطقنا " ذو غُرَف عنايةٍ قصوى وخدماتٍ فاخرة لمعالجة مرضى الكورونا من الطبقة " المُرّيشة " الذين يستطيعون دفع تكاليف باهظة … وليذهب المرضى الفقراء الى الجحيم ! .
…………..
رُبما كان للقطاع الخاص ميزاته وحسناته في أماكن أخرى من العالَم … لكن هنا عندنا ، فأن " الخصخصة " قد دّمرَتْ الصناعات المحلية تماماً وحطمتْ الزراعة وجَعَلَتْ التعليم بائِساً والتربية خَرِبة والصحة مُتخَلِفة … وذلك لأن التجارة بمعناها التنافسي الإيجابي شئ ، و " المُتاجَرة " شئ آخَر … والذي يجري هنا ، هو مُتاجَرة … بكُل شئ يخطر على البال ، للأسف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا