الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أعرف حالتك.. أنت بخير !

سارة فؤاد شرارة
كاتبة وصحفية

(Sara Fouad Sharara)

2020 / 12 / 25
الادب والفن


فقد أصابك هذا المرض، لا تقلق! مرض بسيط له علاج، أعرفه جيدا، التهمني الفيروس منذ سنوات بعيدة !
قالوا مرضت لأنني نظرت إلى لوحة بتركيز ليس عاديا ،والنظر يدخلك واحة الشرود إلى أن يسكنك الغمام.. مع دق الساعات تفقد طريق العودة ،وتتعمق في جذور خطواتك سماء التحديق!
كيف أتحسس طريقا مزدحما بالألوان ؟
كنت أعمى أذهله جمال التفاصيل المغمورة حتى نسي إكمال اللوحة وتوقف عند نقطة..لقد نسيت أن أرى.. تعثرت. ولكنني عدت ! وصدقني قد شفيت تماما، ألا تراني أتحدث بعادية مألوفة ؟ ألا تراني أبتسم مثل المتأنق في مقابلة شخصية هامة ، وأتبادل الحديث بلا عائق يظهر فجأة ،لا تسقط الدموع بدون إذني ،وأصدق كل كلمة تخرج من فمك وأنت تتحدث عن أزهارك المحمومة بالهلاوس، وأخبرك أنك بخير من حين إلى آخر!

وما رأيك بضحكاتي الرنانة تصفع المواقف التي تبدو هامة.. ألا تراني ؟ فأنا أراك بل وأعرف حالتك..
نعم.. لا تهتم بالمرض كثيرا ، ففي البداية سوف تباغتك الأعراض ، مثلا قد ترى من يحبونك مجرد جراثيم على الجلد ،يجب أن تغتسل منها على الأقل قبل تناول الطعام والنوم.
قد تراهم نملا! والنمل ليس مخيفا، فإن تمهلت ، ستشعر بالحب والشفقة.. وتراقبهم.. فهذا مسل كثيرا ، وقد يراودك الفضول أو الملل ؛ فتنهي المشهد بوضع قدمك فجأة على نملة ضئيلة ،وتنهض ضاحكا بشدة.

تفتح الثلاجة وتشرب الماء البارد، فلا تفزع حين يتجمد البحر وعرائسه في معدتك ،لأنه عرض أيضا من أعراض المرض، أن تشبه داخليا صقيع الفريجيدير ، ثم ستعود لتفتح التلفاز وتسند قدمك أمام وجهك على أطراف المقعد ، وقد تعلقت نملة ميتة على أطراف إصبع قدمك الصغير ، ولن تلحظها ، لن تدرك الفارق بين فرط الطهارة وفرط القذارة! فكل شيء يمتثل للشائعات! لن تتابع التلفاز أيضا ،فهناك فيلم من تأليفك يدور منذ ألف عام بداخلك ، ولكنك تشاهده يوميا بلا ملل!
اه.. كدت أنسى آخر ما سيظهر من الأعراض ،ولكنه يتهادى فيك بالمراحل المتقدمة من المرض ،وقد يكون العلاج بظهوره مستحيلا ، فاحذره ..
إنه النسيان المفرط ،

الذي سيقودك إلى حالة من الفرح وسط حلقات النحيب ،وسيخبرك بعد أن يمحو آخر ما تبقى لك من الأصوات في الذاكرة..
رغم اليوميات المشنوقة على جدران حجرتك ،أو الأيدي الباقية من الغرقى تمتد جهتك، قبل امتثالها لكثبان رملية في ضحكاتك، فالمودعون يتخطفون نبرة صوتك، بنظرتهم الهادئة، ورقبتهم المائلة
كنبات يغمض الوريقات
ورغم جثث النمل التي تناثرت على أرضية بيتك المرتب ، أو زينت أصابعك النظيفة ،سيقطر التوت الأحمر.. التوت البراق بعظمة، الأخاذ! فهو نابت على كامل جسدك
وسيخبرك النسيان، الساحر الذي أشرق من السواد
“أنك بخير”… سيضحك ويضحك
وأنت تسير معه طفلا
عائدا لبقعة ظلام! لتردد أصوات يومياتك :

” ! أنت بخير”








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء


.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان




.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي


.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء




.. كلمة أخيرة - ياسمين علي بتغني من سن 8 سنين.. وباباها كان بيس