الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قتل فائزة … ؟ ( قصة قصيرة )

جلال الاسدي
(Jalal Al_asady)

2020 / 12 / 27
الادب والفن


فائزة امرأة غادرها ربيع العمر ، واوشك جمالها الذي يسابق الزمن على الافول ، ولم يبقى منه الا بصيص ذبالة تحتضر .. لكن الباقي منه كان كافيا لآخر مغامرة في العمر المزدحم بصخب الحياة ، ونزقها … كانت طفلة متاخرة لابوين ثريين ، عاشت في كنفهما في عز ، ودلال …
عندما شبت كرست حياتها ، وثروة ابيها الطائلة لحياة مترعةً باللهو ، والعبث .. فكانت تتنقل من حضن لآخر ، ومن مغامرة فاشلة لأخرى حتى ملت ، وشبعت من حياة السهر ، والمجون ، فقررت بعد الحاح من الاهل ، والاصدقاء ان تستقر ، وتبدء حياة جديدة …
لم تجد من يقبل بها زوجةً ، ويطمئن على نفسه ، ومستقبله من هفواتها ، واستهتارها .. الا شابا عاطلا كسولا .. سمينا رخواً استطاعت الخاطبة اقناعه بسهولة فاثمر زواجهما الممل عن بنين ، وبنات … اكبرهم اسامة في الثانوية يخطو في الحياة خطوات ناجحة ، ويتخطى مراحل الدراسة قفزا … الزوج خانع مطيع لا يخرج عن طوعها ، وامرها .. مع ذلك فقد كانت تشكو الرتابة ، والضجر ، وعدم الشبع بسبب عجزه عن اشباع نهم جسدها الفوار ، وتوعز ذلك الى كسله ، وسمنته المفرطة !
حتى جاء يوم جمعتها الصدفة فيه بشعبان … رجل على جانب كبير من الاناقة ، والوسامة ، والرجولة .. يصغرها بسنوات ، ومن اللحظة الاولى احست بدبيب شئ مجهول يتسلل الى اعماقها لم تشعر به من قبل ، لا مع عشاقها السابقين ، ولا مع زوجها المسكين الراكن في البيت كخرقة بالية ، والذي استسلم لها ، وذاب في ارادتها منذ زمن بعيد ، هانئاً مطمئناً بعد ان تصور ان العمر قد فات على جنوح ، يُفسد حياتهم التي عمها الهدوء ، والاستقرار .
عشقت هذا الرجل بجنون … وبدءت على الفور طوافها حوله لايقاعه في شراكها بذلك الحس ، والدهاء النسائي الماكر … غيرت هيئتها ، واحسنت منها ، واستعدت للقائه بعد ان عرفت بانه يعمل سمساراً ، فعرضت عليه ملكا قديما لها للبيع … تكررت الزيارات ، وتعانقت النظرات ، وتلامست الايدي ، فطلب منها يوما ان تريه العقار ليكون على بينة من تفاصيله … كان البيت فارغا مهملا ، فتم التفاهم بين رجل لم تقترب منه امرأة من هذا النوع النادر ، الى هذا الحد طوال حياته ، وامرأة جسدها مازال متفجرا بشوق عارم للحياة ، وفي اقصى درجة من درجات الجوع … يفح نارا ، ورغبة … فتوحدت رغباتهما معا !
أفردت فائزة شقة صغيرة من املاكها ، واثثتها اثاثاً جديدا ، وحديثا ، لتكون عشا لشهوتهما ، وانهمكت في مجريات حياتها الجديدة غير مبالية ، كأن الدنيا كانت نائمة عنها .. كان شعبان سكيرا يكثر من الشرب ، ولا يرتوي ظمأه كأنه بئر بلا قاع .. لا يمنعه شئ من ضربها عندما يشتد عليه السكر … ومع هذا لا تتورع من قضاء جزء من الليل معه ، واحيانا كله غائبة عن كل ما حولها ، في ليالٍ حمراء تذكّرها بالماضي البعيد !
كانت تشعر بانه رجلها الذي ملأ عليها الدنيا ، والذي بحثت عنه في مخيلتها طويلا … يدفعها جنونها احيانا الى ان تعود الى بيتها مبللة بعصارة جسده ، وبقايا عرقه .. دون ان تعير اي اهمية لزوجها الذي بدء يشعر بان ما كان يخافه قد حدث .. عادت يوما فوجدت صورتها ممزقة … وكأن من مزقها اراد ان يقطِّع اوصال ملامحها ، ويقتل ابتسامة البراءة الزائفة التي كانت ترتسم على محياها !
سرعان ما تحول الحلم الدافئ الى كابوس … اخذ شعبان يبتزها كلما حانت الفرصة لذلك ، بعد ان عرف انها فاحشة الثراء … ثم اخذ يتهرب منها بعد ان اخذ نصيبه كاملا من جسدها ، وأطفأ جوعه اليها … اما هي فلم تشبع ، ولم تخبُ عاطفتها بعد ، وكأنها قد عادت بالحياة القهقرى الى ايامها الاولى … تدرك بانها تستطيع الحصول على ما تحتاجه مادامت تملك ثمن ما تريد ، فكل شئ بثمن !
كثرت المشاكل بينها وبين زوجها ، وتحول البيت الى جحيم لا يحتمل ، ولاول مرة بدء يشكو من حياته معها ، متبرما مما سماها بالحياة المهينة ، حتى توسل اليها يوما ان ترحمه من الفضيحة ، وذكّرها بسنها ، ومسؤولياتها تجاهه ، واتجاه اولادها الذين كبروا ، وامام الناس ان تثوب الى رشدها ، وان تقتلع هذا الجنون من رأسها ، ولعن اليوم الذي رآها فيه .. لقد وجد نفسه امام شئ لا يمكن منعه ، وان لا جدوى من الكلام ، فاخذ ينظر اليها بعينين ممتلئتين بغضا !
حتى ابنها شعر بتغيبها المستمر ، وخروجها الغير مبرر بمناسبة ، ودون مناسبة ، فواجهها يوما … موجها اليها كلمات كالخناجر لم تعتدها منه سابقا … لقد أثر هذا الجو الملوث على مستواه الدراسي ، فتراجعت درجاته بعد ان كانت في اعلى مستوياتها !
ادعت … كأنها تقرر حقيقة واقعة ، بانها تراعي مصالحها ، واملاكها التي يعيشون جميعا عيشة ملوك على عوائدها ، وان المال الذي يسيل فيضانا تحت اقدامهم لن يكون من دون هذه العوائد … يئس الاب ، والابن كما يبدو من اصلاح اعوجاجها ، فاستسلما في النهاية للهزيمة ، ثم هدئا ، واستكانا … كانت تؤمن بان دخول شعبان الى حياتها قدراً لا يمكن منعه ، رغم علمها باستغلاله لها مستفيداً من نقطة ضعفها ، ومتكأً على فحولته سلاحا فعالا .. مستخدما كل طاقة الحياة الكامنة في جسده لتحقيق ما يصبو اليه .. !
حتى كان يوما وجدوها فيه مقتولة مجللةً بعارها ، ومرميةً في العراء ، في مكان لا يبعد كثيرا عن بيتها ، وقد طُعنت عدة طعنات اودت بحياتها … توصلت الشرطة الى ان قاتلها كان معروفا لها .. لانها كما يبدو من تحليل الشرطة لم تبدي اي نوع من المقاومة !
ترى من قتل فائزة ، ام هي قتلت نفسها بتصرفاتها … ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قبل الامتحانات.. خلاصة مادة اللغة الإنجليزية لطلاب الثانوية


.. احتجاجات في جامعة ديوك الأميركية ضد الممثل الكوميدي جيري ساي




.. المغرب.. إصدارات باللغة الأمازيغية في معرض الكتاب الدولي بال


.. وفاة المنتج والمخرج العالمي روجر كورمان عن عمر 98 عاما




.. صوته قلب السوشيال ميديا .. عنده 20 حنجرة لفنانين الزمن الجم