الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفساد الإدار ي الاثار السلبية واعاقة بناء الدولة الديمقراطية

جاسم الصغير

2006 / 7 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعاني الدولة العراقية منذ فترة طويلة من عوامل تردي كثيرة على المستوى السياسي والاقتصادي ، ومن هذه العوامل مسألة الفساد الإداري والذي انتشر كالوباء في جسد الدولة العراقية ويقول الدكتور جبار محمد الشيخ حمادي المفتش العام في وزارة التجارة العراقية بشأن تعريف والتوصيف العلمي لمفهوم الفساد الاداري والمالي ((بانه استغلال النفوذ والثراء غير المشروع او الاختلاس او الرشوة او السرقة او تزوير الانتخابات والتدخل فيها او تعيين الاقارب)) ويعرفه روبرت كلينجارد في كتابه السيطرة على الفساد بانه(محاولة شخص ما وضع مصالحه الخاصة بصورة محرمة او غير مشروعة فوق المصلحة العامة او فوق المثل التي تعهد بخدمتها)(( التجارة العراقية –الدكتور جبار محمد الشيخ حمادي –العدد الخامس حزيران 2006 ص 44)) وطبعاً هذا الفساد له جذوره السياسية الطويلة ولكنه لم يكن يشك مؤشرا خطرا على المجتمع والدولة ، ففي مرحلة تولي تقاليد السلطة في مرحلة نظام صدام المقبور شهد العراق أبشع أنواع الفساد الإداري بسبب هيمنة السلطة الفاشستية على الدولة العراقية ، وفقدت هذه المؤسسات مصداقية وجودها وكيانها القانوني في الاشراف على شؤون الدولة لأنها لم تمارس عملها الذي يفترض أن القانون يكفلها لها . إن الفساد الإداري الذي يستشري الآن له جذور تاريخية ، ففي مرحلة التسعينات شهد قطرنا العراقي نماذج كثيرة وبصور عديدة للفساد الإداري واصبحت الدولةمترهلة بسور من التعويضات للدول الاخرى بفعل بربرية النظام الصدامي مما ترك اسوأ الاثارعلى حياة المجتمع العراقي فما معنى موظف دولة كان يتقاضى مرتب ثلاثة آلاف دينار أمام تحديات الحياة الصعبة والبلد يعيش في ظل حصار فرضه النظام نفسه بالإضافة لمجلس الأمن الدولي . إن هذا الوضع الشاذ قد أثر بشكل كبير جداً في ذهن العراقي ، فقد أصبح يتعامل مع قضايا الفساد بشكل لا تشكل حرجاً في حياته ويعللها بصعوبة الحياة ، فلم يعد يتعامل مع مسألة الفساد الإداري على أنها مسألة تضر بالأمن الوطني والسبب معروف هو النظام الصدامي المقبور الذي مهد لأجواء هذا الفساد الإداري وما فضيحة كوبونات النفط الصدامية والتي اشترى بها ذمم الكثير من السياسيين في العالم أجمع وحتى مؤسسة الأمم المتحدة لم تسلم منها الادليل على ذلك فأذا أن الفساد الإداري والاقتصادي اصبح كالاخطبوط في هيكلية الدولةالعراقية وبعد سقوط النظام الصدامي المقبور في 9/4 عام 2003 كانت تصوراتنا تعتقد ان هذا الفساد سينتهي في هذه المرحلة الديمقراطية وبعد زوال اسبابه من صعوبات حياتية وغيرها وسقوط مسببيه، إلا أننا شهدنا تواصل هذا الداء ومع الاسف الشديد في هذه المرحلة يقول الأستاذ غسان العطية رئيس مركز الحوار والديمقراطية حول مسألة استشراء الفساد الإداري ، أن نظام صدام حسين يتحمل مسؤولية كبيرة جداً بسبب أنه قد فتح شرخاً كبيراً في أخلاقية الفرد العراقي فتحول من عنصر يفترض به ان يستأصل هذا الفساد إلى عنصر فعال في المساهمة في هذا الفساد الإداري بسب الظروف التي فرضها النظام الصدامي على المواطن ، أما في هذه المرحلة التي نعيشها بعد التغيير ، ففي مرحلة وجود الحاكم السياسي (بريمر) استمر هذا الفساد الإداري بسبب عدم تشديد الرقابة القانونية الصارمة على آليات محاربة ومراقبة الفساد الإداري ، وبعد تشكيل مجلس الحكم والحكومة المؤقتة وأيضاً الجمعية الوطنية وهي مؤسسة وطنية لم نشهد محاسبة أي مسؤول أتهم بالفساد الإداري لأن العبرة في التفعيل وليس الوجود القانوني .
إن الفساد ألإداري داء خطير جداً في جسد أو هيكل أي دولة في سيادة النظام الديمقراطي والذي من خلاله ينبغي بناء دولة مؤسسات شفافة وفعالة وتخلق وعي حضاري معاصر ، ولكن إلى جانب ذلك يجب أن تكون الدولة ومؤسساتها لا تعاني من أمراض بنيوية ومنها بالطبع الفساد الإداري الذي يساهم مع مرور الوقت وعدم ومعالجته معالجة جادة حقيقية في خلق مناخ وبيئة للافساد وخلق المفسدين مما يساهم اكثر في ايجاد السلبيات بصورة كارثية للمجتمع والدولة الامر الذي يستوجب ً أن تفرض الدولة سلطة القانون في كل قضايا الدولة لأنه بدون فرض سلطة القانون تفقد الديمقراطية محتواها وهدفها ان مساوئ الفساد الاداري انه يساهم بشكل سلبي في ضعف فرص الاستثمار داخل البلاد وبالتالي يسبب اضرارا وخسائر للاقتصاد الوطني وانه يساهم بصورة غير مشروعة في لثراء البعض على حساب البعض الاخر وان يساهم في اهدار المال العام، فإذاً أن محاربة الفساد ألإداري وكشفه وتعريته ومكافحته أمر هام جداً ويجب تفعيل عمل المؤسسات المعنية كهيئة النزاهة وباقي مؤسسات البلد وتطبيق العقوبات الرادعة المناسبة بحق كل من تثبت التهمة ضده واياً يكون الشخص المتهم فلا شخص فوق سلطة القانون((ويمكن مكافحة الفساد الاداري بالشفافية وتشريع القوانين من قبل البرلمان ووضع جهاز رقابي عالي الكفاءة من اصحاب الخبرة من المحاسبين القانونيين وتعرف الشفافية بانها العمل في العلن اي ليس هناك اعمال في الخفاء وصفقات تعقد خلف الكواليس)) ( المصدر السابق 44) ويقول السيد راضي الراضي مدير عام هيئة النزاهة في هذا المجال ان المحاصصة التي حصلت على المستوى السياسي اثرت في انتشار الفساد الاداري في اروقة الوزارات ودوائر الدولة لان المحاصصة امتدت الى هذه المرافق ايضا ومن هنا ضرورة ممارسة التثقيف وبث الوعي لدى المجتمع والأفراد بمساوئ الفساد الإداري والأضرار التي يسببها والآثار الفظيعة التي يتركها هذا الداء في جسد الدولة والمجتمع وما يشيعه من قيم سلبية لم تعد تلائم المرحلة الديمقراطية التي نعيشها الآن في عراقنا العزيز الذي ينهض ابناؤه النجباءومن كل اطيافه وقومياته الوطنية من اجل بناء دولة قانون ورفاهية توفر للمواطن كل مايستحقه وهذا حق من حقوقه على دولته والتي يجب ان يتمتع بها كأي مواطن في ظل دولة متحضرة وتسهر على راحة مواطنيها بكل السبل المتاحة ومن هنا نؤكد ونشدد على محاربة الفساد الاداري لانه قبل ان يتسبب في اضرار للدولة ومؤسساتها يسبب الضرر للمواطن وهذا امر لايرتضيه أي فرد يشارك في بناء دولة القانون والحرية وحريص على على مصالح المجتمع ككل ومن هنا دعوتنا الى محاربة هذا الفساد الاداري ومحاربة مفاهيمه








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة الرئيس الصيني لفرنسا.. هل تجذب بكين الدول الأوروبية بع


.. الدخول الإسرائيلي لمعبر رفح.. ما تداعيات الخطوة على محادثات 




.. ماثيو ميلر للجزيرة: إسرائيل لديها هدف شرعي بمنع حماس من السي


.. استهداف مراكز للإيواء.. شهيد ومصابون في قصف مدرسة تابعة للأو




.. خارج الصندوق | محور صلاح الدين.. تصعيد جديد في حرب غزة