الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله و الميليشيات العراقية

جليل البصري

2006 / 7 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مرة اخرى يبرهن لنا الواقع من خارج محيطنا ودولتنا حقيقة قد لا تحتاج الى برهان لدى البعض، لكنها لا تزال غير واضحة المعالم لدى الغالبية العظمى من ابناء شعبنا ، وهذه الحقيقة تتعلق بأختصار بمخاطر استمرار وجود الميليشيات على مستقبل الدولة والشعب .
فما يجري في لبنان يوضح لنا ان عملية ترميم واعادة بناء الدولة التعددية فيه قد واجهت مشكلة بقاء الميليشيات المدججة بالسلاح والمتمسكة بالولاء الحزبي والايديولوجي بدل الولاء للدولة ، وظلت القيم الوطنية قيما حماسية تنطلق من هذا الولاء ، فقبل ايام قليلة تحدث نائب من كتلة حزب الله في البرلمان عن رؤيته لما يجري ، فطفق بحماسة يتحدث عن الكرامة والحق في (الرد بالمثل) لتبرير سلوك ميليشياتي فردي يتعلق بمصير بلد وشعب وجره الى حرب غير متكافئة، فقط من اجل اثبات ذات معنوي مقابل تدمير أمن واستقرار البلاد وشل اقتصادها وتدميره من قبل القوات الاسرائيلية ، هذا السلوك الميليشياتي لم يمنعه، ان صاحبه هو جزء من السلطة التشريعية للبلاد وله كتلة في برلمانها، بل انه لم يحترم الدستور ولا القيم الديمقراطية التي شارك في عمليتها السياسية .
اذا فبقاء الميليشيات وعدم احكام الدولة قبضتها وعدم احتكارها للقوة والسلاح وعدم سيطرة مؤسساتها المنتخبة وممارستها لدورها الجماعي وفق الصيغ الدستورية ، يبقي مصير البلاد على يد عفريت الميليشيات التي غالبا ما تكون لها ارتباطات بدول خارج الحدود لادامة دولتها الصغيرة داخل الدولة ، وهو ما يجعل قرارها غير مستقل ومتأثر بمصالح هذه الدول . لذلك نرى مثلا ان سوريا تدعم موقف حزب الله علنا وتحثه على الاستمرار في حين كانت ردود افعالها كدولة على اسرائيل وطائرتها المحلقة فوق اراضيها ردود افعال هادئة ودبلوماسية ! وكذلك الحال بالنسبة لايران الذي تزامن موضوع حسم مبادرة المحفزات النووية الاوربي مع انفجار الوضع في لبنان والذي لم يقف حائلا دون احالته الى مجلس الامن لاتخاذ قرار صارم بحقها لاحقا. ولا ادري لماذا يجب ان يدفع الشعب اللبناني ثمن " القيم الوطنية " السورية مثلا في " مكافحة العدو الصهيوني " والجيش السوري يتفرج ، ولماذا يجد حزب الله ان من حقه جر البلاد الى الدمار، والاستهتار بقيم الشرعية الدستورية في هذا البلد الناهض على طريق التقدم والديمقراطية .
ان ما يجري في لبنان وما جرى ينتظر العراق الذي يتمتع بصفة اضافية هي تنافر مكوناته ووجود ضغائن كبيرة ضخمتها الدماء التي اريقت والقى الدمار الذي يحصل كل يوم بظلاله المظلمة عليها. فالميليشيات في العراق تتمتع غالبا بانضباط اقل من ميليشيات لبنان مما يرشحها للمزيد من الافعال وردود الافعال المدمرة للبلد ولكل خطوة تحاول الحكومة ان تخطوها على طريق تثبيت الاستقرار والامن الضروريين لاعادة اعمار البلاد والقضاء على الفساد الاداري ، بل والاخطر من ذلك ان الميليشيات في العراق قد انكفأت على ذاتها وهي تعمل على جر البلاد الى حرب داخلية اوسع مما يجري حاليا والذي يتمثل باجلى صورة في بغداد العاصمة التي تضم ثلث سكان البلد والتي توقفت الحياة فيها وعمت البطالة وتوقفت حركة السوق وجلس الكسبة في بيوتهم خوفا ، وبات الوضع دافعا للكثيرين للانخراط في الاعمال الميليشياوية مقابل المال ، وهو وضع شبيه بوضع بيروت في بداية الحرب الاهلية والمراحل الاولى منها، وقد قسمت بغداد مثلها الى مناطق مسيطر عليها ومناطق نزاع .
وقد شلت الميليشيات الحكومة التي بات قرارها ومبادرتها معلقة بمدى مقدرتها على جر هذه الميليشيات الى العملية السياسية، وهذا امر صعب في ظل التجاذبات الاقليمية والدولية التي تعيق او تعلق قرار هذه الميليشيات او تؤثر فيه في احسن تقدير .
ان استمرار الميليشيات وانتقالها الى العملية السياسية مع محافظتها على كيانها الميليشياوي كما حصل بالنسبة لحزب الله يعني ابقاء قنبلة موقوتة مدمرة للبلاد داخل كيانها الجديد ويعني اننا لا نتعظ من تجارب الغير .. لذلك فان اصرار حكومة المالكي على حل الميليشيات يجب ان يكون قراراً حاسما ويجب ان يكون اساسا لاعادة الاستقرار الى البلاد ، لان الاتفاقات الميليشياوية لن تشكل ولن تبني استقرارا ولا دولة قادرة على تسيير امورها بحزم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رفح: اجتياح وشيك أم صفقة جديدة مع حماس؟ | المسائية


.. تصاعد التوتر بين الطلاب المؤيدين للفلسطينيين في الجامعات الأ




.. احتجاجات الجامعات المؤيدة للفلسطينيين في أمريكا تنتشر بجميع


.. انطلاق ملتقى الفجيرة الإعلامي بمشاركة أكثر من 200 عامل ومختص




.. زعيم جماعة الحوثي: العمليات العسكرية البحرية على مستوى جبهة