الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الورقة الأخيرة

مجدي شندي

2006 / 7 / 19
الارهاب, الحرب والسلام


أبرزت مماحكات الأيام الأخيرة أن النظام الرسمي العربي ينوي بعد طول تمنع التخلي عن آخر تنظيمات المقاومة , فهذه التنظيمات أصبحت عبئا يثقل كاهله .. ولذا غير رأيه في أفعالها , فبعد أن كانت تعبر عن طموحات وآمال الأمة تحولت إلى ورقة للضغط .. تستخدم وقتما شاء العرب الرسميون ويتم إبطال عملها إذا كانت ظروفهم لا تسمح . وشيئا فشيئا تحولت إلى حمولة زائدة تذكر النظام الرسمي العربي بماضيه المخزي وفشله المتكرر . ومن ثم أصبح قادتها (الأبطال سابقا ) أناسا غير مرغوب فيهم , بل ويجري اتهامهم علنا بالعمل لحساب قوى إقليمية , وبخوض مغامرات تقوض المكاسب وتدفع ثمنها الشعوب .
من حق أجهزة الحكم العربية أن تقرر ما شاءت .. وأن تفعل ما تراه يصب في المصالح العليا للأمة , ومن حقها أيضا أن تعتبر نفسها الطرف الوحيد الذي يعرف ما ينفع وما يضر , وكل من هو خارج الحكم من نخب مثقفة وشعوب مجرد مجموعة من القصر ( بتشديد الصاد) الذين لا يميزون بين الصواب والخطأ وبين الحق والباطل. ولكن ليسمح السادة زعماء الدول العربية وملوكها ورؤساؤها أن يتجرأ مواطن ويسألهم عن البديل الذي أعدوه ؟ وماذا يجري في اليوم التالي لتفكيك حماس وحزب الله ومطاردة كل من يجيد فن القتال في عالمنا العربي .. " هل هناك خطة سلام عرضها المجتمع الدولي وقبلتها اسرائيل ولم يعد غير ذبح المقاومين كي يهبط علينا السلام والأمن وتعود لنا الأرض المغتصبة؟ . هل أيقن العرب أن أسلحتهم التي علاها الصدأ وجيوشهم التي أصيبت بالتخمة وإرادتهم المرفوعة من الخدمة قد جاء موعد تجريبها وسحب البساط من تحت تنظيمات المقاومة المغامرة .
بالطبع هذه أسئلة مزعجة لا يحب النظام العربي الرسمي سماعها , ولا يتقبل أن يعلو بها صوت أو يهمس بها لسان . فالمقاومة أصبحت مغامرة من جانب تنظيمات ليست محسوبة أنظمة الحكم , فما بالنا بالجيوش .. الأحرى أنها كما لم تطلق طلقة واحدة طوال ثلاثة وثلاثين عاما ستظل على تعقلها وحكمتها مهما حدث , فلا قصف المدن وتشريد أهلها يمكن أن يخرجها عن طورها ولا المذابح اليومية التي ترتكب بحق نساء وأطفال عرب يمكن أن تحرك فيها شعرة , مع العدو تقتدي الجيوش بمقولة السيد المسيح " من لطمك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر " ومع الشقيق تقتدي بتراث العرب الأقدمين .. تتذكر عنترة العبسي والسموأل والمهلهل بن ربيعة.
لا أحد يلوم العرب , فتاريخنا منذ القدم يبرز إلى أي حد ولغنا في دماء بعضنا وفجرنا في خصوماتنا البينية , وربما لو سألت أي متخصص في التاريخ لذكر لك عشرات الأمثلة من نوعية حرب البسوس وداحس والغبراء وحروب الفجار وعز عليه أن يجد نموذجا واحدا يشبه موقعة ذي قار.
وقد كان متصورا أن يتعلم عرب اليوم من تاريخهم , لكن التاريخ لدينا يعيد نفسه ألف مرة رغم أنف مقولة ماركس (التاريخ لا يعيد نفسه. فإذا أعاد نفسه فإنه يكون في المرة الأولى مأساة وفي الثانية مهزلة ) , ولذا فإن الأعصاب تكون مشدودة على آخرها تجاه أي تحرش ولو بالخطأ على الحدود البينية أو حتى داخل اجتماعات الجامعة العربية فيما يمنحنا الله صبر أيوب إذا كان الطرف الآخر غير عربي .
في ضوء ذلك يمكن فهم التسويف في مواجهة العدوان الاسرائيلي الذي يحصد المئات ويرتكب جرائم حرب يشيب لها الولدان في لبنان وغزة , وتحميل الضحية (وهي هنا حماس وحزب الله ) مسؤولية استفزاز الجاني.
ويمكن فهم إعادة الصراع مرة أخرى إلى الأمم المتحدة باعتباره موقفا تقدميا , وتصريحات عمرو موسي عن المسار الذي انحرف إليه التوسط في الصراع ( من الأمم المتحدة إلى وسيط نزيه ثم وسيط غير نزيه ثم لجنة رباعية لا معني لها ثم تسليم الملف للدبلوماسية الإسرائيلية تقرر ما تراه بشأنه متى شاءت وكيف شاءت) ونعتبر هذا التصريح ثوريا .. وكأن إعادة الملف للأمم المتحدة ستعيد الحقوق وستنفض عن كاهلنا مسؤولية الكفاح من أجل استرداد الحقوق.
نسي الدبلوماسي المخضرم ونسينا معه أن ما يحدث على موائد التفاوض ليس إلا انعكاسا لما تمليه قوة السلاح في الجانبين , وعليه يريد النظام الرسمي أن يجرد الأمة من حركاتها المقاومة ويخادعنا بحكاية إعادة الصراع إلى الشرعية الدولية . لقد كان أحرى بالنظام الرسمي العربي أن يقول صراحة أنه لا قبل له بمواجهة إسرائيل ولا يستطيع إبقاء مظلته الشرعية لمن يغامرون بمواجهتها , لكن أن يسقط ورقة التوت الأخيرة التي تستر بعضا من عورات العرب دون بديل , فهذا أمر لن يغفره الله ولا التاريخ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً