الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دموع أمي -مترجمة-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2020 / 12 / 30
الادب والفن


أحاول أن أجيد أكثر من لغة ، وفي نهاية هذ العام قرّرت أن أحاول ترجمة دموع أمي ...
بينما يداعب النسيم بعض شعرات رأسي لتي تظهر من القمطة التي ألفها عليه تنحدر الدموع من عيني ، وفمي يبتسم للحياة . هي إحدى تقاليد النّساء في الفرح، حيث تبكي المرأة عندما تتزوج ابنتها ، و كأنها ذاهبة إلى المقبرة، لكنّها ليست أمّي . تلك المرأة العادية، لم تكن أمي عادية بل كانت نهراً يتدفق بالدموع، وثغراً يبتسم للحياة.
أنا لست أمّي ، ولست امرأة أخرى. إنني نفسي
لكن تلك المرأة التي يهبّ النسيم على وجنتيها فيفرط دمعها تبدو كأنّها أنا ، الحقيقة ليست كذلك ، فقط دموع أمّي هي التي تتسرّب من عينيّ.
هل كانت أمّي أعظم الأمهات؟ ... ربما
هل كانت تستحقّ التكريم ؟. .. بالطّبع
لا أناقش هذا الآن . فما كان قد كان. كنت أفتقدها في طفولتي، وعندما أصبحت شابة، وعندما عصفت بي الحياة. كم مرّة أردت أن أبوح لها بوجعي ، لكنني خجلت من ألمها الذي يجعلني أشعر بالقهر ، خفضت رأسي أمام دموعها ، و صبرت. هل تعرفون ماذا يعني الصبّر؟
الصبر هو نوع من العبادة . أنت تصبر خمس مرات في اليوم في كل مرة لعدة ساعات وينتهي اليوم ، عندما تغادر إلى فراشك تبتسم بعد أن تدخل في عالم أحلام اليقظة. أمّي الجميلة كانت تختلط ابتسامتها بدموعها، وبقيت دون أن يلتقط لها تلك اللوحة فنان.لا يوجد فنان في دائرة الأم.
في يوم مضى غيّرت كل الطّرقات التي أمرّ منها كي لا ألتقي بمحبّ فيتجاهلني ، تماماً كما فعلت أمّي حيث كانت تشكو لي دائماً الأبواب المغلقة ، فأردت أن لا أمر قرب مكان يمكن أن يكون مغلقاً ، وجدت نفسي معزولة خارج المكان و الزمان - ربما أتحدّث عن أمّي، ربما عنّي- فجأة مسّني الضّر ، وكل الذين خشيت أن أراهم ، أو حسبت أنني سوف أتلقى الإيذاء منهم أظهروا رؤوسهم من النوافذ يصفقون لي.
أعود إلى ترجمة دموع أمّي. كانت أمي تجيد لغتها ، علمتني إياها ربما عندما كنت رضيعة، ثم اختفت من حياتي في سن مبكّرة، لأسباب تتعلق بالمرض ربما . عندما كنت أمرض كنت أختبئ خلف بيتنا الترابي أنتظر جدّة بائعة الكبريت كي تمد يدها لي ، لا أحد يعلم بمرضي إلا عندما سقطت مرّة على الأرض مغمياً عليّ.
لم تختف أمّي نهائياً. عادت فيما بعد لتشرح لي معاناتها ، كنت ساعتها هي ، ومع أنني حفظتها عن ظهر قلب إلا أنني كنت أشاركها الدّمع ، و تفطر قلبي ، وعندما رحلت عن هذا العالم كان حضورها معي أقوى، فهي لا زالت تراقبني، وفي أحيان كثيرة أشعر بها خلفي، لا أتجرّأ على الالتفات، أخاف أن تهرب.
تحوّلت مع الزمن إلى أمّي ، حيث نعيش أنا وهي في نفس الغرفة، وتنسكب دموعها من عينيّ، و أتحدّث بحديثها حتى أنّني حفظته -أعني حديثي الذي كان حديثها عن ظهر قلب-
في نهاية العام ، وكنوع من الاحتفال برأس السنة. صنعت طاقة-شباك صغير- تشبه تلك الطّاقة التي كانت تجلس فيها قرب باب دارنا من الداخل، تبكي إخوتي الفارّين و المسجونين، جلست في الطّاقة، مرّت أطياف السجناء، المقتولين، الجائعين أمامي ، أنا بشر ، لا يمكنّني الوقوف مكتوفة اليدين أمام هذا الحزن الكبير. ماذا بإمكاني أن أفعل؟ عاجزة عن فعل شيء للمقهورين. فقد سوف أندب. هي أمي التي هي أنا.
ليش البكي يمة ، و السنة ع الباب ؟
يكفي حزن ...بكرا يرجعوا الحباب
صار عشر سنين أنتظر خبرهم
يا ويل قلبي من الصبر داب
أدق على صدري وقول الآه
ليش القهر يمشي على دروب البلد؟
أيدنا على خدنا . . ناطرين من سنة لسنة
خلي الدمع يجري متل النهر
بلكي ينغسل قلب البشر
هل كنت موفقة بالترجمة ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - -ثقافة الاحترام مهمة جدا في المجتمع -..محمد شردي يش


.. انتظروا حلقة خاصة من #ON_Set عن فيلم عصابة الماكس ولقاءات حص




.. الموسيقار العراقي نصير شمة يتحدث عن تاريخ آلة العود


.. تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على آلة العود.. الموسيقا




.. الموسيقار نصير شمة: كل إنسان قادر على أن يدافع عن إنسانيته ب