الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إذا وجد المخرج الجيد يمكن ايجاد عمل مميز ..

مروان صباح

2020 / 12 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


/ حسناً ، كيف نبدأ مع الموت المفاجئ ، هل نفتح هذا المقال من الموت الذي غيب المخرج العربي حاتم علي أو مِّن مقولة أفلاطون ، الذي كان قد قال ذات مرة ( أن النفس تستدعي وجود الزمان وهي التى تخلقه وتحتفظ له مع كل ما يقوم من أعمال ) ، ولأن حاتم تخطى مسألة الدراما التقليدية عندما جعل لعمله القدرة على التواصل مع المشاهد ولم يكتفي بتحويله إلى شريك بل نقله إلى مربع الحقيقة والمعرفة ، وهذا التميز صنع له جمهور عريض يتفقده بعد كل غياب ، فكيف له أن لا يحزن على غياب أبدي سيحرم الجمهور من إنتاجات حملت أعمال وأفكار عميقة كانت تبحث داخل أعماق الذات بغية البحث عن زمن فائت ، بالفعل هي أعمال نادرة وجديدة وإبداعية أدخلها العلي على الشاشة الصغيرة .

ليست هذه هي الانحناءات الدرامية الوحيدة المباغتة الوحيدة ، بل أعماله جعلت العربي أن يستوعب الفارق بين إدراك الحياة / الذات وبين المعاناة / العزلة / الغربة عن الذات وايضاً المجتمع الذي يعيشه ، وبالتالي أهمية حاتم ، عندما صنع للحظة قيمة بالدراما العربية ، ودفع المتلقي إلى منطقة القلق والشكوك والرغبات ، إذن ، أن يمضي المرء وقتاً مع أعماله ، صار يعلم مسبقاً سيكون بمأمن من تضيع للوقت ، بل ترجم في أعماله الفنية تلك الأحلام الكامنة في اللاوعي واللاشعور ، وهنا تماماً تكمن قدرته العالية وتمايزه عن الآخرين عندما أستطاع تحويل اللامنطق إلى منطقاً ، لأن فكفكت ما يدور في النوم من غموض ، ثم نقلها إلى مادة ومن ثم عرضها على الشاشة بطريقة متسلسلة ومترابطة معاً، ليست بالمهمة اليسيرة أو المتاحة للجميع ، بل تعتبر واحدة من الإنجازات الكبرى على الإطلاق ، لهذا كل من عمل معه تمكن أن يصعد إلى القمة في المجال التمثيلي .

صحيح أنه غادر الحياة الدينا لكن فلسفته الإخراجية بالتأكيد لم تغادر نفوس الناس ، لقد أعتمد في جميع أعماله على شخصيات من الطراز الثقيل والحضور وايضاً التأثير العميق الذين كانوا لهم الدور الكبير في ربط المشاهد بمشاعر حقيقية وحوارات عميقة ، بل في كل عمل كانت الروح لا تستطيع سوى التشبث باللحظات التاريخية أو الإنسانية كما حصل مع مسلسل عمر بن الخطاب أو ثلاثية الأندلس أو في التغريبة الفلسطينية الذي كشف بنفسه عن ذلك الارتباط بين أهل الجولان المحتل والذي هو واحد منهم وأهل فلسطين كما ايضاً تذكرنا أرض الجولان المحتل ، بشهيد الثورة السورية والمنشد وقائد الهتافات الشهيرة ضد النظام الأسد والتى تحولت إلى أغاني ، لاعب كرة القدم السوري عبدالباسط الساروت، ولأن الكارثة لم تنتهي مع النزوح الأول بل تواصلت مع نشأته في مخيم اليرموك الحاضن للاجئين الفلسطينيين والتى عززت لديه شعور بالغربة عن وطنه بالرغم أنه مازال في حدود جغرافية الوطن الكبير ، وهذا يفسر كيف كان أول من تركوا سوريا بعد الثورة لأسباب كان قد عبر عنها بطريقة مهذبة تعكس حجم الأدب الذي يمتلكه ، قال بالحرف ، سوريا ليست بخير ، الدم يفوح في الشوارع ، والعودة باتت صعبة طالما هناك نظام أبدى تخليه منذ اليوم الأول عن تقديم أضعف الإيمان تجاه الجولان وأمعن في إذلال السوريين حتى وصل الحال إلى ما هو عليه اليوم ، بل المفارقة الطريفة ، كان يوما ما قد أبتكر الاسد الابن تقسيمه فريدة لا يأتي بها سوى من هم من تلك السلالة الأسدية ، عندما قال بأن الدولة مسؤوليتها في الجولان سياسية والشعب له الحق في مقاومة الاحتلال .

الفضيحة الأهم في المسألة السورية ، عندما أقدم نقيب الفنانين الأسبق في سوريا على طرد شخص بقيمة حاتم علي ، أهي كانت دعاية إيجابية للمخرج العربي أم سخرية سوداء كما كل شيء أسود في البلد ، بل كانت واقعة الطرد واحدة من الأكثر الدلالات بين الآلاف الوقائع السياسية والأدبية والفنية والاقتصادية والاجتماعية التى جميعها سمحت لي أن أواكبها على مدار الثورة ، بالفعل كانت الأكثر جاذبية ، مع الفارق أن هذا الإجراء ليس سوى لافته للزينة والمراوغة واستغفال البشرية ، وهنا يتساءل المراقب ، لو كان الموت غيب صاحب قرار الطرد (النقيب السابق للفنانين ) ، هل كانت الوسائل الاجتماعية والإعلامية عامةً عجت بالتغريدات والبوستات والمقالات والقنوات العربية بخبر الوفاة وتحويل الخبر إلى عنوان أول ورئيسي ، تتدفق النعوات شمالاً وجنوباً وغرباً وشرقاً كما حصل مع الراحل حاتم علي ، رحمك الله يا حاتم ، رحمك الله في الحياة وفي الممات ، لأنها الحياة لم تترك له منذ الصغر فرصة التنفس . والسلام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات أميركية جديدة على إيران تستهدف قطاع الطائرات المسيرة


.. ماكرون يدعو لبناء قدرات دفاعية أوروبية في المجالين العسكري و




.. البيت الأبيض: نرعب في رؤية تحقيق بشأن المقابر الجماعية في قط


.. متظاهرون يقتحمون معهد التكنلوجيا في نيويورك تضامنا مع جامعة




.. إصابة 11 جنديا إسرائيليا في معارك قطاع غزة خلال الـ24 ساعة ا