الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دور وسائل الاعلام في بناء السلم المجتمعي في العراق بعد عام 2003

سعدي الابراهيم
(Saaide Alabrahem)

2021 / 1 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


تعتبر وسائل الاعلام في كل زمان ومكان ، من الادوات المهمة التي تؤثر في الرأي العام، سواء اكان التأثير سلبيا ام ايجابيا . وتزداد فاعلية الاعلام بالأخص في المجتمعات التي تمر بأزمات، فتفقد توازنها ويفقد الافراد ثقة بعضهم بالبعض الاخر ، فتكون مقدرتهم على التمييز ضعيفة جدا . وبالتالي فهم يأخذون ما تبثه وسائل الاعلام من مواد ويصدقونه بسهولة .
العراق، يعتبر من بين الدول التي عانت ولا زالت تعاني من ازمات كثيرة، وعلى مختلف الاصعدة : السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية . وهذا وكان له مردودات وانعكاسات سلبية على السلم المجتمعي فيه، وكادت البلاد ان تدخل في احيان كثيرة في الحرب الاهلية، اذا ما قلنا انها دخلتها بصورة غير مباشرة، بالأخص بعد عام 2005، عندما صارت الخطوط البينية ما بين الهويات الفرعية، ساحة للتماس ما بين المكونات، بل ان البعض من المناطق اصبحت مغلقة على نفسها بالكامل، الى الدرجة التي بات من السهل ان يقتل الانسان على الاسم ، وعلى المذهب، بل وعلى الكلمة .
ولكي نحيط بكل جوانب الموضوع، فلابد لنا من ان نذكر الادوار السلبية والايجابية لوسائل الاعلام، على بناء السلام في العراق، وكما يأتي:
اولا – الدور الايجابي لوسائل الاعلام في بناء السلم المجتمعي في العراق :
شاركت وسائل الاعلام بدور ايجابي في عملية بناء السلام في العراق من خلا عدة نقاط، مثل :
أ‌- التركيز على المشتركات الوطنية :
لا شك ان وسائل الاعلام لها دور مهم في تذكير الناس بالمشتركات التي تربطهم . مثل الوطن والمصلحة المشتركة والتاريخ والمصير والمستقبل الواحد . وهذا التذكير حتما انه ساهم ويساهم في بناء السلام ، فمن خلاله يشعر المتصارعون بأن القطيعة بينهم وقتية، وان الاشياء التي تجمعهم، اكثر من التي تفرقهم . وبالتالي سرعان يرجعون الى رشدهم ويتركوا حالة النزاع فيما بينهم .
ب‌- اسهمت بنشر الوعي والتثقيف المجتمعي :
يعتبر الجهل السبب الاول في النزاعات التي تمر بها المجتمعات، ومنها المجتمع العراقي . فعندما يغيب العقل وتسيطر الخرافات والاساطير على الانسان، فأنه سيحارب اخوه من اجل الماضي . كل طرف يريد ان يقول بانه الافضل، وانه مظلوم تاريخيا، وهذه فرصته السانحة للانتقام من الاخر .
وهنا يجيء دور وسائل الاعلام، في تنوير الناس، ومساعدتهم على محاربة الجهل والتفكير الصحيح والمنطقي ، فيتركون الثائر للماضي او محاولة اثبات ان عقائدهم وافكارهم هي الصحيحة فقط، ويتقبل بعضهم بعضا .
ت‌- بينت للمجتمع الدولي ما يعانيه المواطن العراقي :
لولا وسائل الاعلام، لما هبت المنظمات الانسانية العالمية، للعمل في العراق، والمساهمة في بناء السلام فيه . فالكثير من دول العالم، كانت في معزل عما يمر به البلد، وهي لا تعرف شيئا عن ما يدور فيه ، وبالتالي لا تفكر بمد يد العون له ، لكنها تعرفت على حقائق الاوضاع فيه من خلال وسائل الاعلام ، فأعادت النظر في سياساتها تجاهه ، وقدمت له المساعدة والعون.
ث‌- سلطت الاضواء على الايادي الخارجية التي تعبث بالسلم المجتمعي :
ومن الادوار الايجابية لوسائل الاعلام، انها كشفت الايادي الاجنبية التي تقف وراء احداث العنف ، وفضحتهم على الصعيد المحلي والاقليمي والعالمي . وهذا ساهم في تبرئة ابناء البلد، من التهم والتشكيك الذي كان يقع عليهم . ونبهتهم الى ان اغلب ما يجري هو مؤامرة خارجية، هدفها ضرب الوحدة الوطنية في البلاد .
ثانيا – الدور السلبي لوسائل الاعلام على بناء السلم المجتمعي في العراق :
مثلما ان لوسائل الاعلام دورا ايجابيا في بناء السلم المجتمعي في العراق كما ورد اعلاه، فقد كان لها دورا سلبيا ايضا . يمكن توضيحه من خلال الاتي :
أ‌- تهويل الاحداث :
لقد هولت وسائل الاعلام، الاحداث التي مرت بها العراق، وجعلتها اكبر من حجمها بكثير، وهذا ساعد في زرع الخوف والياس في قلوب الناس . واحبطهم ، ودفعهم للاستسلام وعدم الرغبة بالتغيير . ومن امثلة ذلك، اذا وقعت حادثة طائفية واحدة في مدينة واحدة من قبل شخص واحد، فان وسائل الاعلام تعتبر ان كل العراق صار طائفيا وانه ساحة كبرى للحوادث، وهو يخالف الحقيقة لان الذي حدث يمثل سلوك فردي .
ب‌- التركيز على السلبيات فقط:
كل مجتمع وكل شعب لديه سلبيات وايجابيات . والحيادية الاعلامية تقتضي، ان يتم التركيز على الاثنين . لكن الذي حدث في العراق هو العكس، اذا جرى التركيز على الجانب السلبي فقط ، واهمل الجانب الايجابي . وهذا ساهم في تشويه الحقيقة وعدم استقرار الحياة في البلاد، وتهديد السلم .
ت‌- تمثيل الاجندات الخارجية:
انقسمت وسائل الاعلام، بحسب اجندات الدول الاخرى، كل قناة فضائية او سمعية، تدافع عن مصالح بلادها على حساب مصلحة العراق وشعبه . وبعضها شجع على العنف ودعم الجماعات المتطرفة ، تحت شتى الاسباب : الطائفية والقومية. الامر الذي عزز من الفرقة والتباعد المجتمعي في العراق .
ث‌- تمثيل وجهة نظر الاحزاب والقوى السياسية:
الاحزاب والقوى السياسية العراقية، كل منها يمثل هوية فرعية : مذهب او قومية .
وسائل الاعلام التابعة لهذه الاحزاب هي الاخرى صارت، تركز على مصالح مذاهبها وقومياتها حتى لو كان على حساب الهوية الوطنية وعموم الشعب العراقي . الامر الذي زاد من حدة التناحر والخصام والاختلاف ما بين ابناء الشعب الواحد.

اذن، لقد كان لوسائل الاعلام دور في بناء السلام في العراق بعد عام 2003، بعضه ذو نواحي ايجابية، وبعض الاخر كان سلبيا ، لكن ربنا ان المواطن العراقي صار لديه شيء من الحصانة، بحيث لم يعد يصدق كل المواد التي يأتي بها الاعلام، وهذا تطور جيد سيكون له انعكاساته المهمة على صعيد بناء السلم المجتمعي في العراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الولايات المتحدة و17 دولة تطالب حماس بإطلاق سراح الرهائن الإ


.. انتشال نحو 400 جثة من ثلاث مقابر جماعية في خان يونس بغزة




.. الجيش الإسرائيلي يعلن قصف 30 هدفا لحماس في رفح • فرانس 24


.. كلاسيكو العين والوحدة نهائي غير ومباراة غير




.. وفد مصري يزور إسرائيل في مسعى لإنجاح مفاوضات التهدئة وصفقة ا