الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وما أدرى العجم بالعرب !

سهر العامري

2006 / 7 / 20
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ أن زاولت كتابة المقالة في أكثر من وسيلة إعلامية عراقية أو عربية لم أرد على كاتب آخر كتب مقالة ما ، أو طرح فكرة أو رأي ما ، وحتى لو كانت هذه الفكرة ، وذاك الرأي يستحقان الرد عليهما ، ذلك لأنني لا أريد الدخول في مماحكات فجة لا تغني ولا تسمن . هذا أولا ، وثانيا إيماني العميق بأن الناس على ملل وأهواء ، ولا يمكن أن يجمعها فكر واحد أبدا ، وهذا هو تاريخ البشرية شاهد على ذاك ، ولكن حين يأتي أحدهم ليبزك في عينيك ، مدافعا عن تعصبه القومي الفارسي ، رغم أنه راح يتغطى زورا وبهتانا بلقب تلك العشيرة العربية ، أو يرتدي عباءة ذاك الفكر التقدمي الذي كان لأيام قريبة يسخر من الشيوعيين العراقيين ، ويوجه لهم أقسى التهم ، وعلى رؤوس الأشهاد ، ويعلن تبرأه منهم ، ذلك لأن طروحاتهم لا تنسجم مع طروحاته الطائفية المريضة حين عارضوا الحرب على العراق الذي يتلمس نتائجها المدمرة الآن كل ذي لب لبيب . فمن هو المبدئي إذن ؟ هل ذاك الذي يشرق ويغرب في هذا الاتجاه أو ذاك بين ليلة وضحاها ، أم هو ذاك الذي قاسى ما قاسى من البعثيين الفاشست منذ نعومة أظفاره ، حين حكموه بالإعدام سنة 1963 م ، وعلى صغر سنه ، لأنه نزل الى الشارع مع جموع العراقيين منددا بالانقلاب والانقلابيين ، وبقتل الجمهورية الفتية ، و هو نفسه الذي عرفه العراقيون المتدينون في حزب الدعوة الإسلامية ، والذين يشهدون له قبل أن يشهد له الشيوعيون العراقيون على أنه كان يقف مرفوع الرأس ، ودون أذن من سلطة البعث ، وفي الجوامع التي كان حزب الدعوة يقيم فيها الاحتفالات بمناسبة ميلاد الإمام الحسين عليه السلام منشدا ، وعلى مسامع شرطة أمن صدام وزمره ، قائلا مخاطبا الإمام الحسين :
أبا علي وذاك الظلم تعرفه ... فقد رمتك بأصناف له زمرُ
.....................................................................
وقسمتنا فهذا سيد ألق .........وآخر من صعاليك بهم خورُ
وفاتهم أننا من معدن فرد.......... وأننا باختلاف كلنا بشرُ
وهذا البيت الأخير صاح على صاحبه واقفا سيد عمران السيد موسى : ( أحسنت . أعد ! ) وسيد عمران السيد موسى هو الشخصية الوطنية التي يعرفها كل من سكن معسكر رفحاء من العراقيين في المملكة العربية السعودية ، تلك الديار التي وارته بترابها بعد موته ، وكان هو والشيخ كاظم ريسان آل قاصد على اتصال دائم بالشاعر ، كاتب هذه الحروف منها .
ثم تمضي القصيدة فتقول في بيت منها :
رداءة الفكر لافلاطون خالقةٌ ...... رداءة الحرب حين اجتاحنا التترُ
لقد ذاع صيت هذه القصيدة في الجنوب ، وسجلتها أحزاب محظورة في عنفوان تسلط البعث أيام مدير الأمن العام الشيعي ، المجرم ، ناظم كزار الدسبولي ( نسبة الى مدينة دزفول الإيرانية ) ، وظلت شرطة الأمن العفلقي تلاحق الشاعر على هذا البيت الأخير ، متهمة إياه بأنه شبه البعثيين بالتتار ، والى الساعة التي خرج فيها من سجنه في سرداب من سراديب الإمام الحسين ، ومن ثم توجه نحو سورية ليلا ، وكان هذا آخر سجن له من سجون كثيرة ، وقبل خروجه من العراق بثلاثة أيام .
أما حديث البصرة فهو معروف للعراقيين جميعا ، وليس للأقزام الذين تحركهم دوافع طائفية مريضة ، مقيتة ، أو عنصرية إيرانية ، يريدون أن يغطوا على ما تكابده البصرة من ويلات ومصائب تحت من يحكمونها فعليا بسطوة المخابرات الإيرانية التي تسعى لبسط نفوذها على تلك المدينة ، وإلغاء نسبتها لإهلها العرب العراقيين ، تماما مثلما يريد الشوفونيون إلغاء نسبة المدن الكوردية لأهلها الكورد العراقيين ، وأنا بعد ذلك ما كنت الكاتب الوحيد الذي كتب عن تلك المعاناة الفظيعة التي تعيشها مدينة البصرة ، فقد سبقني الى الكتابة عنها كتاب عراقيون كثيرون ، ومنهم من أهل البصرة بالذات ، وفي طليعة هؤلاء الكاتب المعروف : جاسم المطير ، والكاتب رزاق عبود ، فهل كل هؤلاء الكتاب كانوا من ( نفس الأبخرة الخبيثة السامة التي تتصاعد من فتحات مجاري ومستنقعات مواقع البعث والموالين لهم أخذت تنبعث من البعض الذين اخذوا يتسللون إلى المواقع الوطنية العراقية ) ، مثلما يقول الكاتب الجهبذ ! المُشرق مرة والمُغرب أخرى كما يقول أبناء الجنوب الخلص ؟
لقد راح هذا الكاتب الذي يدفع التهمة في كل ما آلت إليه الأوضاع في مدينة البصرة عن إيران ، ومخابراتها وعملائها المأجورين ، ويرميها على أهلها الطيبين ، وخاصة عشائرها التي يسميها على صغر فيه بـ (المعدان ) ، هذه العشائر وغيرها من عشائر الجنوب هي التي وقفت بوجه الغزو الإيراني المتكرر ، وعلى مدى قرون ، وهي نفسها اليوم التي تذود عن حياضها ، ومع هذا فالكاتب لم يسأل نفسه يوما من أين أتت أطنان هذه الأسلحة التي تستخرجها القوات البريطانية كل يوم من بيوت التابعين لإيران في البصرة ؟ أو كأنه لم يسمع بما صرح به رئيس وزراء بريطانية على رأس الأشهاد قائلا : ( إن الأسلحة الإيرانية التي يستخدمها حزب الله في لبنان هي نفسها التي تطلق على قواتنا في مدينة البصرة ) فهل كل هذه المصائب التي نزلت على رؤوس أهل البصرة ، وأطنان الأسلحة الفتاكة والمدمرة جاءت من ( عصابات معروفة ) كما يقول الكاتب القزم ؟ هذا الذي لا يريد أن يعترف أن الشيعة ، ومنذ القدم كانوا على فرق وطوائف ، وهو نفسه الذي كان يسمي نفسه زيفا بـ ( القرمطي ) تارة ، وتارة بالكاتب المتقاعد الذي لا يلبث أن يحنث بوعده الذي قطعه أمام القراء على نفسه بأن لا يعود الى الكتابة ثانية ، وهل كان الكاتب يجهل سبب المحاولات الكثيرة التي قامت بها المخابرات الإيرانية وعملاؤها في العراق ، والتي كانت تهدف الى قتل السيد أياد جمال الدين ؟ أليس لأن السيد المذكور هو من الطائفية الإخبارية الشيعية التي لا يعرفها الكاتب ؟ أليس لأن السيد المذكور ، وبعد أن عاش في إيران وخبُر تجبرهم وكيدهم ، رفض الخضوع للتسلط الإيراني الأهوج الذي لا يختلف عن التسلط الصدامي ، ذاك التسلط الذي قتل الألوف من الوطنيين الإيرانيين ؟ ألم يعلم الكاتب ، الذي يدعي الشيوعية، أن النظام الظالم المتسلط على رقاب الناس في ايران هو من أعدم آلآلاف الشيوعيين الإيرانيين ، وفي المقدمة منهم كيانوري ، سكرتير الحزب الشيوعي الإيراني ( تودة ) ؟ لم يسمع هذا الكاتب المتحمس في دفاعه عن نظام متخلف مناداة حسين الخميني حفيد الخميني من مدينة قم الإيرانية قبل أيام ، داعيا أمريكا لإنقاذ الإيرانيين من جور وظلم النظام الذي يحاول الكاتب تبرئته مما ينزله هو وعملاؤه من حيف وظلم بأهل البصرة الطيبين المسالمين .
وبعد هذا فأنا أملك أسماء لعوائل كثيرة من أهل مدينة البصرة ، وممن أنا على علاقة معرفة ، وقرابة بها ، قد هٌجرت ، ومن دون ذنب ، الى مناطق أخرى من العراق ، والى كردستان العراق كذلك ، وهي خليط من شيعة وسنة ، وذلك خوفا من القتل الأعمى الذي يصفق له الكاتب ، مثلما صفق غيره من قبل للاعتداءات التي طالت طلاب وطالبات البصرة ، او للقتل الذي طال مواطنين عراقيين مسيحيين وصابئة .
العوائل المهجرة تلك ستقول للكاتب من هو القاتل الحقيقي إن رغب ، وليسألها وهاهم يقطنون جماعات في حماية أخوتهم الكورد في أربيل والسليمانية ، هل يريدنا الكاتب الجهبذ ! أن نسكت عن فضح هذه الأعمال التي لا تليق بالحيوان فضلا عنها بالإنسان ؟ ، هل يريدنا نسكت عن حملة الفكر الطائفي المريض ، وعنه هو بالذات الذي نصب نفسه دكتاتورا كصدام فعنون مقالته بهذا العنوان : ( لتصمت بعض الأفواه الطائفية أو البعثية المغرضة وليدعوا البصرة وشانها ) ؟ اسلوب الكاتب في القاء التهم تعلمه من المخابرات الإيرانية بعد أن تعلمته تلك المخابرات من المخابرات الصهيونية التي حولت كل ألماني يدافع عن وطنه ، ويريد الخلاص من النفوذ الصهيوني ، الى نازي ، وراحت بأساليب الغدر ، وتحت تلك التهمة ، تقتل كل من يرفض هيمنتها على القرار ألماني ، وها هو الكاتب يأخذ بذات الإسلوب المخابراتي الإيراني الذي أخذ بالأصل عن المخابرات الصهيونية ، فصارت تلك المخابرات تلقي تهمة البعثية على كل عراقي يرفض التسلط والهيمنة الإيرانية ، وحين يكون هذا البعثي العراقي يدور في فلك تلك المخابرات وأتباعها يصبح وزيرا في حكومة المحاصصة الوطنية المشكلة حديثا ، وأنا نفسي أعرف أكثر من معمم شيعي انظم الى صفوف البعث من قبل ، وصار الان من أولئك الذين يقال لهم ( دامت افاضاته ) ، كما صار البعض منهم مخبريين صغارا في أجهزة المخابرات الصدامية الكثيرة ، وكاتب الحروف واحد من الذين تعرض الى تحقيق مطول على يد معمم شيعي يعمل في أجهزة الأمن الصدامية .
هدف هؤلاء الأيتام الكتاب ومن وراءهم هو اسكات الوطنيين العراقيين عن تلك المخططات الرهيبة التي تعدها دوائر مخابراتية كثيرة ، وأخطرها مخططات المخابرات الإيرانية ، تلك المخابرات التي راحت تطوف على قرى الجنوب العراقي من أجل تجنيد فقراء الشيعة في مهمات ، هي في حقيقة الأمر مهمات تخدم المصالح الإيرانية ، وليس العراقية .
ولكن الوطنيين العراقيين هؤلاء سيظلون يفضحون مكائد الصفويين مهما كانت ألوانهم وأشكالهم ، مثلما فضحوا من قبل مكائد نظام صدام الساقط ، وعلى مدى سنوات طويلة ، وذلك دفاعا عن شعبهم ووطنهم الذي يريد هذا النفر الضال بيعه للأجانب ، بحجج واهية كالفدرالية التي يسعى لها عمار الحكيم تحقيقا للشرط الذي اشترطته إيران على أمريكا في بداية مفاوضات جس النبض ، والقائل بوجوب أن يظل العراق بلدا ضعيفا وأبدا ، لا يهدد الجارة المسلمة إيران !
وبعد هذا وذاك فأغلب العراقيين قد ضحوا بأشكال مختلفة في حربهم الضروس مع الحكم الدكتاتوري طوال سنين عديدة ، وإذا كانت عائلة الحكيم قد قدمت ستين فردا من أبنائها ، فقد أباد صدام من العراق قرى كاملة تنتمي الى محتد واحد ، وهناك أسر عراقية كثيرة قدمت أضعاف ما قدمته أسرة الحكيم صاحبة الفتوى الشهيرة التي أباد بها البعثيون الألوف من الشيوعيين ومن الشيعة على وجه الخصوص ، وليسأل الكاتب نفسه أين أصبحت مدينة الشاكرية من بغداد بعد أن رفع القتلة من البعثيين تلك الفتوى وطافوا بها الشوارع ، وعلقوها على أبواب البيوت والدكاكين مع صورة المفتي بها ؟
واليوم لو انفرد أصحاب تلك الفتوى بحكم العراق لأصبح قتل الشيوعيين والتقدميين الوطنيين العراقيين طقسا يمارسونه كل يوم بذريعة أن هؤلاء الشيوعيون بشيعتهم وسنتهم كفره ( والعياذ بالله ) يحل قتلهم وذبحهم ، فأصحاب تلك الفتوى يعتبرون أنفسهم هم وحدهم أبناء الله ، وآيات الله ، وأحزاب الله ... الخ
لقد كانت أسرة السيد البرزاني الكريمة من بين أكثر الأسر العراقية التي قتل صدام من أفرادها الكثير ، حتى بلغ عددهم ما يزيد عن 1800 شخص . ويشرفني أنا أن أكون من عشيرة عربية ، وثانية من عشيرة عربية شيعية عراقية مسح صدام قرية من قراها من على وجه الأرض تماما ، ولكنني أظل أولا واخيرا عراقيا ينتمي الى شعب العراق العظيم العريق الذي يريد عملاء ايران مسخه بطائفية مريضة مقيتة ، وتحوله الى مجاميع من الشحاذين في أمارة الحكيم الإيرانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا