الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المناورات المصرية السودانية و انعكاساتها على أزمة الحدود الإثيوبية

هويدا احمد الملاخ

2021 / 1 / 4
السياسة والعلاقات الدولية


اهتمت القيادة السياسية خلال الست سنوات الماضية بإستراتيجية التطوير والتحديث الشامل للقوات المسلحة المصرية على نحو رفيع المستوى لتأمين وحماية الأمن القومي المصري، والتي كان من نتائجها تصنيف الجيش المصري التاسع عالميا والأقوى عربيا الأمر الذي يدل على إمكانيات التسليح الكبيرة التي يتمتع بها ، و جاهزيته العالية لمن يتربص بأمن مصر القومي مستغلا بعض الأزمات الإقليمية ، من منطلق هذه الخبرة العسكرية المتقدمة للجيش المصري حرصت العديد من الدول بمشاركة مصر فى مناورات عسكرية ولأنها احد المكونات الإستراتيجية لتأكيد دور مصر الحيوي تجاه العرب والأفارقة وترسيخاً لعلاقات التعاون والروابط التاريخية التي تجمع بينهم ، أجرت القوات المسلحة الكثير من المناورات العسكرية داخل وخارج مصر لرفع الكفاءة القتالية واكتساب المزيد من الخبرات الميدانية والإستراتيجية ، والعمل على توحيد المفاهيم والمصطلحات العسكرية بين الأطراف المشاركة.

إن السودان تمثل العمق الاستراتيجي لمصر منذ فجر التاريخ ولم تغير أي من المواقف السياسية هذا الوضع، وخصوصية العلاقات بين الدولتين يصعب كسرها مهما حدثت خلافات سياسية ، لذلك حرصت مصر على استعادة الاستقرار وتحقيق الأمن والحفاظ على مقدرات السودان، كما اتجهت بوصلة مسار السودان إلى مصر للحصول على يد العون والمساعدة فى كافة المجالات بعد الخروج من العزلة الدولية ورفعها من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب.
وفي 25 نوفمبر 2018، وقع وزيرا الدفاع محمد زكي والسوداني عوض بن عوف ، اتفاق تعاون عسكري بين جيشي البلدين بالخرطوم من اجل تعزيز التعاون العسكرى والأمنى بين مصر والسودان والعمل المشترك فى مجالات التأهيل والتدريب وتبادل الخبرات وتأمين الحدود ومكافحة الإرهاب والتأمين الفنى والصناعات العسكرية ؛ فضلاً عن تعزيز دور القوات المسلحة في البلدين في مشروعات التنمية والبنية الأساسية .
وكانت مناورة "نسور النيل 1" والتي أقيمت في السودان تشير إلى تطابق مدى وجهات النظر تجاه التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة ، علاوة على أنها تحمل رسائل للعديد من الأطراف الدولية والإقليمية ، ونظرا لأهميتها حضرتها القيادات العسكرية رفيعة المستوى فى كل من مصر والسودان ، وتضمن نشاط المناورة العسكرية :
تجهيز وإقلاع عدد من الطائرات والمروحيات لتنفيذ المهام التدريبية بمناطق التدريب الجوي، وشمل التدريب مهام الاستطلاع والاعتراض والمعاونة الجوية والأرضية والهجوم والدفاع عن أهداف حيوية وأعمال الدعم الإداري إلى جانب تنفيذ بعض المهام للقوات الخاصة من البلدين ومهام البحث والإنقاذ القتالي ( قوات الصاعقة ) ، كما تم الاتفاق على تنفيذ العديد من الأنشطة التدريبية لكافة أفرع القوات المسلحة خلال الفترة القادمة .

لاشك أن فاعليات التدريب سواء على ارض مصر او السودان تعد إستراتيجية دفاع غير مباشرة تحت بند التلويح بالردع ، كما أنها عكست الكفاءة القتالية العالية والتنسيق التام بين الجانبين واحترافية الأداء والقدرة على تنفيذ المهام المشتركة بكفاءة عالية ودقة متناهية ، فضلا عن ذلك التأكيد على قدرة القوات المسلحة على مجابهة كافة التحديات للداخل المصري وتحقيق إستراتيجية الردع لكل من تسول له نفسه المساس بالأمن القومي المصري والسوداني .
والجدير بالذكر إن تعزيز العلاقات العسكرية والأمنية بين البلدين كان مؤشر ايجابي حيث احدث طفرة نوعية لجاهزية القوات المسلحة السودانية في تامين حدودها واستعادة أراضيها المغتصبة من إثيوبيا وفيما يلى توضح ذلك :
جاءت المناورات فى توقيت تعيش فيه إثيوبيا حالة عدم استقرار قد يكون مفيد جدا بسبب الصراع العسكري في تيجراي و تصاعد المخاوف من اندلاع حرب أهلية في إثيوبيا ربما يؤدى تطورها إلى اتجاه الإقليم نحو الانفصال عن إثيوبيا ، لأن النظام في أديس أبابا في موقف حرج مع الشعب فيما يتعلق بالعديد من القضايا ومن بينها أزمة سد النهضة، لأن الحكومة لم تنفذ تعهداتها فيما يتعلق بانتهاء تشييد السد والرخاء الذي سيعود على الشعب ، كما يعارض الإصلاحات السياسية والاقتصادية التى قام بها آبي احمد حيث يراها محاولة لبناء نظام حكومي مركزى موحد يدمر النسق الفيدرالي الحالي الذى ينصه دستور البلاد ، وما يزيد الأمور تعقيدا حدوث انشقاق وخلاف عنيف أخير بين الجماعات العرقية الأخرى فى إثيوبيا شمل ذلك الأورومو، المجموعة العرقية التى ينتمى إليها رئيس الوزراء آبى أحمد. وامتد الخلاف على طول الحدود مع إريتريا ؛ هذا فضلاً عن الممارسات الإثيوبية العدائية المتواصلة إزاء محيطها الإقليمي، بما في ذلك ما يشهده الشريط الحدودي مع السودان ؛ خاصة بعد أن وصل آلاف الأثيوبيين من الإقليم إلى السودان هربا من القتال الدائر في إقليم تيجراي، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية في السودان سونا نقلا عن مصادر في مفوضية اللاجئين السودانية، وصول الآلاف من الإثيوبيين إلى ولاية القضارف على الحدود ؛ ومن ثم صعد إلى السطح ملف النزاع التاريخي على الحدود مجددا بين السودان وإثيوبيا.

ويرجع النزاع على الحدود إلى عام 1902 م حيث وقع اتفاق يقضي بترسيم الحدود بين دولة الاحتلال بريطانيا نيابة عن السودان ، والإمبراطورية الإثيوبية ، ثم تبع الاتفاق برتوكول لاحق عام 1903، لكن ما زالت هناك ثغرات في بعض نقاط الترسيم بوضع العلامات أدت إلى اندلاع اشتباكات السودانيين مع المزارعين الإثيوبيين الذين يقومون بزراعة أراضى داخل الحدود السودانية ، وفى عام 1972 ووقعت الخرطوم وأديس أبابا اتفاق ينص على وقف التدخل العسكري وإنهاء الحوادث بين طرفى النزاع ، لكن المزارعين تمسكوا باتفاق وقع عام 1965، يقضي بأن يظلوا داخل منطقة الفشقة المتنازع عليها حتى يتم ترسيم الحدود، على اثر ذلك قامت الميليشيات الإثيوبية بطرد المزارعين السودانيين من أراضيهم ومكنت الإثيوبيين من المنطقة ، مما أعطى فرصة سانحة للمواطنين الإثيوبيين بزراعة أراضيها الخصبة ، وإقامة قرى ومجمعات سكنية داخل الحدود السودانية، مستغلين تساهل حكومة الرئيس عمر البشير مع حكومة أديس أبابا، بعد اتفاق عام 1994 و الذي بموجبه توزيع الأراضي في المنطقة بين المزارعين السودانيين والإثيوبيين، وتخصيص ثلثيها للسودانيين .

ومع تجدد الحوادث على الحدود لسنوات ( 2013- 2019 م ) كانت هناك مفاوضات كثيرة جدا مشتركة بين الدولتين لوضع العلامات الحدودية بينهما ، وفي آخر جلسة مفاوضات كانت فى مايو 2020 والتي انعقدت في أديس أبابا واتفق الطرفان على إعادة وضع العلامات الحدودية بين البلدين وزيادة عددها، ابتداء من أكتوبر 2020 م ، على أن تنتهي من أعمالها في أبريل 2021 م .
تفجرت أزمة الحدود من جديد بعد إعلان الجيش السوداني أن قواته تصدت لاعتداء من مليشيات إثيوبية في منطقة الفشقة ( الكبرى والصغرى ) التى تسيطر عليها قوات إثيوبية منذ أكثر من عقدين من الزمان ، مما أسفر عن خسائر في الأرواح والمعدات ، فرد الجيش السوداني بشن هجوم في 16 ديسمبر 2020م ، كانت نتائجه استعادت السيطرة على كامل التراب السوداني في الحدود مع إثيوبيا بعد أن سيطرت عليها منذ عقود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التوتر يشتد في الجامعات الأمريكية مع توسع حركة الطلاب المؤيد


.. ما هي شروط حماس للتخلي عن السلاح؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. استمرار تظاهرات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمي


.. وفد مصري إلى إسرائيل.. ومقترحات تمهد لـ-هدنة غزة-




.. بايدن: أوقع قانون حزمة الأمن القومي التي تحمي أمريكا