الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وتشكو أنهم ذبحوكَ

فخرية صالح

2006 / 7 / 20
الادب والفن


وتشكو أنهم ذبحوكَ
وتئنّ من حمرةِ التراب
بينما ذبحوني قبلكَ ؛ قبلَ أن تشكو وتُسمع أنينك.
تقولُ لي إنهم خطفوني منكَ، أبعدوني عنكَ
كلا، أنتَ الذي لم تق كرامتي ولم تصن كبريائي
رميتني في جبّ أنياب الكواسر
تداورُ وتناورُ ، وهذه اللعبة لم أعرفها لكي أتعلمها

تحتضنُ الودَّ ـ كما تحتضنُ دجلة والفرات
,,,,,,,,,,

بينما يسرحُ فيكَ أعداؤك ويمرحون
أنا المنفية تعاتبني وتجأرُ بصوتكَ سائلاً معاتبا
! لِمَ خطفوني منك
كلاّ هم لم يخطفوني
بل أنا التي هربت إليهم منك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويلك يا عراقي كم أنت ظالم وتكابر بالرحمة
تتغنى بالمودّةِ وتدّعي الكرم
تدلو بدلوك باسم الله حين تذبح وتبيد وتحرق وتصلي وتنكح
وتقتل أحلامي
يغرد بيكاسو الكناري على طاولتي ليمسح آثار حزن السنين على وجهي
تراقبني منذ أيام حبيبته بالوما
أن أناجيها كما العادة
وأنت حرمتني حتى من صدح البلابل البغدادية
لم تنادمني يوما وفتشت عنك كل صفحات واسوار المدن وسواقيها
وعندما وجدتك
أبيتَ السلام
قابلتني بصمت القبور الجماعية وأشلاء تهيم في شوارعك الخاويات
تلهفت اللقاء واحتضنتني الأم والأخت والشناشيل البغدادية
لكني توجست اللقاء ووهنت ضلوعي
أنت لم تعد أنت
وهم لم يعودوا الذين كنت اعرفهم
وهي لم تعد هي
حلمي بقيت احمله
كحقيبة المسافر أبدا
لم يتغير طوال ثلاثين عاما واكثر
إذن أنا الخطأ وأنت لم تعد ذاك الشقي الذي أحببته
لقد تحورت وجاريت الزمن بأعاصيره وخذلانه
أنت مومياء الحضارات الأزلية
ولم تفقه حتى الساعة الرضا
تركت أبوابك للغزاة والبرابرة
وأوصدتها لتاريخي
والآن أأعتذر لك لأني أخطأت
ولم امحـِك من ذاكرتي
ولم أنفِك
ولم انفذ قانون جلجامش الأبدي
العين بالعين
والسن بالسن
والبادئ اظلم
ولكن قانوني التسامح
وحبي لك بقي في مكانه فلم يناور ولم ينفر
إيه يا عراق
كيف لي أن أخرجك من رأسي وذاكرتي ويومي وساعاتي المتبقية من عمري
كيف لي أن اقتلعك من جلدي
دلني كيف اصفي دمي من بقاياك
نعم أنت الداء والدواء
وتعيدني إلى الرب الذي امتحنني ثلاثين عاما ونيف
أأشكو له الوسيلة ليعمدني خلاصا من خطيئة حنيني إليك
ابتدع أبناؤك الذبح وأساليب الفناء
يتفننون طوفان الجثث في دجلة والفرات والمزابل
خلقوا منك كلّك نارا أزلية
ومن تبقى ممن تدب فيه الحياة تسكنه الظلمات والخوف
استنبطوا وسائل للحقد ونفي السكينة في حنانيك
اخترعوا لغات وعلوم لهدم دواخلي ودواخلك
خلية فخلية
لكي اقرف منك وما يدور في نسيج أوتادك
رموا المرايا جانبا
أبدعوا في فن الرجوع إلى الوراء
شرعة الغاب قاموسهم وجلباب النبوة والعداء
دجلة لم يعد حلمي ولا فراتك روحي
ولا بغداد أمي
ولا
ولا
ولــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــيس وطني الذي خطف فيه فادي شمعون وألقيت جثته في شارع جانبي مثل الزبالة ، مقطعا ، مشوها بصورة بربرية ، محروقا ومقطوع الرأس بصورة مرعبة
فخرية قحطان خضر . في أربعيناتِها، ربّة بيت استغفلوا وحدتها في قائظ شهر 7 /2003 في بغداد
تلك الصابئية الجميلة بروحها وعباءتها وقلبها المملوء بالأشعار وحب دجلة
ليس هذا وطني
وليسوا بشرا من طاردوا نسائمك العراقية
لتنام في المقابر لان لا ملجأ آخر يأويها

ليس وطنا لي الذي أخاف منه على أهلي وكل الأحبة
وأخاف عليه ممن عاثوا في الأرض فسادا باسمك وباَسم الرب
ليس وطنا من سلبني الابتسامة دهرا

لست وطنا وحبا
حتى تنتفض وتتوسل الروح لأحلامي البريئة
فهي مازالت على قدر أحلامي وهناءاتي الصغيرة
حتى تنفض عنك أدرانا ثقيلة

وتقول لي عودي
سأبقى في انتظارك

انه طوفان الدم يا نوح
فمزق أشرعة سفينتك
واحرق أخشابها لتتدفأ بها في اللحظات الأخيرة
قبل أن يخطفوك
وينقل أشلاءك الزبالون بجرافة
تطمر حتى جينات
لمخلوقات تريد إنقاذها
أتوسل إليك خذ بنصيحتي واهرب
إلى قمة الجبل
امح آثار اقدامك ورائك
وبدد أنفاسك بالريح العاتية
فأولاد الزانية سيهتدون إليك
عبرها
انهم يشمون رائحة الطيبة كالكلاب من بعيد
ويحرقوها كجلادي صدام ونيرون وهتلر
اهرب يا نوح
او انتفض
لقلوب أمـّة شارفت على الانقراض
ــــ
ــــ
ــــ
وحتى انت لا تجيب!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??