الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناعة النجم بين العرب والغرب

حسام الخطيب

2021 / 1 / 6
الادب والفن


ساقتني معلومة ذكرها الدكتور (أحمد خالد توفيق) في احدي كتيباته ان أسرة الرئيس الأمريكي تخرج لشرفة البيت الأبيض اولا ثم ينظرون ورائهم في ترقب قبل أن يخرج الرئيس في تشويق للجمهور حتي يتهيئوا له وذكر ان تلك المعلومة استقاها من كتاب اسرار صناعة النجم الأمريكي وان الكتاب به الكثير من الامور والاسرار عن صناعة النجوم.
وحيث انني مهتم بشكل خاص بألية صناعة النجم وكيفية المحافظة على النجومية فقد شرعت أبحث عن الكتاب عبر الانترنت حتى وجدته يباع بنسخته العربية المترجمة على احد المواقع بسعر جرح عيناي وأذي كرامة جيبي.
كنت يومها مقلًا في الكتب الورقية مكثرًا من كتب الالكترونية صديقة الجيب عدوة العين، ولذا شرعت ابحث عن بديل رخيص حتي وجدت كتابا عربيًا يوما اسمه صناعة النجم لكاتب اسمه رفعت الضبع بسعر معقول وحجم كبير جعلني اشتريه على الفور دون حتى ان افتحه لأرى محتواه وخاصة انه من اصدارات الهيئة العامة للكتاب.
وكانت خيبة أمل كبرى ووصمة عار لمكتبتي العظيمة ، فالكتاب الذي جاوز أربعمائة وخمسون صفحة لم يحمل لي سوي اقل القليل من كيفية صناعة النجم وغرق في سرد قصص نجاح عادية لنجوم عاديون بل وافرط في الحشو والمعلومات غير الهامة وكأن هم الكاتب ان يصل لعدد معين من الصفحات ولم استفد منه شيء على الاطلاق فكانت عودتي للكتاب الامريكي الذي قدم لي الكثير من المعلومات الحقيقية عن صناعة النجوم بديلا عن الأخر الذي كان مضيعة للوقت وان كنت اثني علي صاحبه اجتهاده في تلمس طريق صناعة النجومية
هنا تنبهت للمشكلة التي نعانيها ونحاول ان نتجاهلها، أننا في عالمنا العربي لا نعرف كيفية صناعة النجم وان اي محاولات لذلك هي اجتهادات فردية وليست علما يدرس او له مؤسسات ومنظمات تحكمه
ولذا يتصدر المشهد في كل المجالات الرياضية والفنية والاجتماعية والسياسية أقزاما في القامة والقيمة ، سطحيو التفكير، عديمي المسؤولية وخرجوا للوجود بسبب جعجعات أعلامية واهتمامات شعبوية في حين اختفى في الظل قامات عظيمة وعقول نيرة واصحاب مباديء سامية فلم يسمع بهم أحد
صناعة النجم عملية ذات منهجية علمية وليست شحطات أو حظوظ او قدرة فردية، فالنجوم لا يولدون نجومًا، وإنما تتم صناعتهم بالصورة التي يُدرك من خلالها أنها سوف تُحقق المواصفات الخاصة بذلك النجم، وكل شخص يمر بظروف صناعة معينة تتناسب مع الشيء الذي يُريد أن يُصبح نجمًا به، في كل الأحوال ثمة كيفية مُعينة حال اتباعها يُمكن الحصول على نجم بالمصطلح الذي نقصده تمامًا
والنجوم هنا ليسوا فقط الشخصيات الرياضية والفنية، فحتي في الدين والاقتصاد والسياسة والأدب يمكن تفعيل صناعة النجم، في النهاية صناعة النجم تعني تحويل الشخص العادي إلى شخص غير عادي ومميز، ومعنى كونه غير عادي أنه ببساطة شديدة يُصبح أكثر شهرة وأصبح بزوغًا ولمعانًا، ولكي يحدث ذلك الأمر ونصل إلى هذه النتيجة فمن الممكن جدًا أن نخوض مجموعة من المراحل والخطوات تُسمى مراحل صناعة النجم

فكيف نصنع النجم ؟
بالطبع لا استطيع ان اختزل في عدة سطور ما يحتاج كتابا كاملا للكتابة عنه وهو مشروع افكر فيه بجدية حاليا لسد النقص وان كان قد سبقني فيه الدكتور سامي عبد العزيز بكتابه التسويق الأجتماعي والسياسي في تلك الجزئية من الفكر العربي ولكن يمكن أن ألخص خطوات صناعة النجم بالتالي
أولًا اعداد النجم وذلك الاعداد يكون وجدانيا ،وبدنيًا وثقافيًا ويحتاج هذا الأمر الي شهور عديدة وربما امتد لسنوات حسب نوع النجم ومجال تأثيره.
ثانيا انفتاح النجم على جميع المجالات فيستطيع مع الوقت أن يتحول الي أيقونة عالمية أو رمزًا قوميًا ، لازلنا نذكر كيف حرك لاعب كرة قدم الأرجنيتي سيزار مينوتي الجماهير ضد الديكتاتورية العسكرية بها ولا كيف وجهت النجمة انجلينا جولي نظرات العالم تجاه الفقراء واللاجئين ولا كيف نجح محمد على كلاي في ايقاف حرب اهلية دائرة في الكونغو بمجرد اقامته لمبارة ملاكمة هناك
ثالثا : ابتعاد النجم عن مواطن الفشل ومصاحبة الفاشلين لأنهم يجرونه للخلف معهم وببعده عنهم يبتعد عن العادات والسلوكيات الضارة والمشينة المؤذية لنجوميته، احد الاسئلة الشهيرة للنجوم هي عن قدوتهم او الشخصيات المفضلة لهم لمعرفة ما المثال الذي يحتذون به
رابعا : الابتعاد عن العاطفة والقرارات والتصريحات غير المبررة او غير المدروسة، هناك نجوم عظام سقطوا لتصريح او سقطة تعبير في يوم ما، الثورات العربية أطاحت من الوجدان والقيمة الكثير ممن كانوا نجوما قبلها بسبب تصريحاتهم. في الغرب يدركون أن النجم هو مؤسسة متنقلة وليس فردا، مؤسسة حوله فى كل مكان يذهب إليه، وفى كل مقام يتحدث فيه، وفيم يتحدث.. وكيف يخاطب الرأى العام.. وبأى لغة إعلامية؟، لأن كل حركة أو إشارة أو كلمة محسوبة عليه، فإما أن تضيف إلى رصيد نجوميته، أو تخصم منها بالسلب لدى الرأى العام

خامسا: عدم وضع سقف للطموحات، انت نجم وتستطيع ان تستمر كذلك وفي عدة مجالات كذلك، فأرنولد شوازنجر الذي بدأ لاعبا لكمال الاجسام تحول منها طموحه للثراء فصارا مليونيرا مستثمرا ثم ممثلا عالميا واخيرا حاكما لولاية أمريكية قوية وكذلك فعلت شيرلي تمبل والتي اصبحت سفيرة لبلادها ثم عضوة بالكونجرس وزيلنيسكي الذي اصبح رئيسا لاوكرانيا ورونالد ريجان الذي اصبح رئيسا للولايات المتحدة ،
سادسا: خلق حالة مستمرة من التواصل مع المتابعين والجمهور وذلك بمشاركته لهم وجدانيا وقيميا
سابعا: الالتزام بالصورة المثلي للنجم وذلك عبر تعبيره عن القيم والتقاليد الانسانية العامة بغض النظر عن انتصارها لتيار معين ام لا
ولذا الفجوة بيننا نحن العرب وبين الغرب في صناعة النجم كبيرة رغم ان النجم هو رأس مال له قيمة، مثل الأسهم البورصية، يتم إدخاله وإقحامه عبر الأدوات التي ذكرناها مسبقا، ثم يتم الاستثمار فيه والاستفادة منه على جميع المستويات الاجتماعية والسياسية والمادية
النجوم والرموز ادوات تمثل القوة الناعمة لأي دولة، وانتبهت لذلك كل الدول المتقدمة ذات الرؤية العالمية، فمن صناعة الاتحاد السوفيتي لنجوم الشطرنح عبر جعله الرياضة الوطنية الأولى الي قيام أمريكا بتصدير النجوم الامريكيين للعالم كممثلين للقيم الامريكية الرأسمالية الليبرالية يتضح لنا دور النجم وأثره
ومع وجود مواقع ومنصات التواصل الأجتماعي لم يعد مصطلح النجم حكرا على اهل الفن والرياضة، حيث صار بإمكان الطبيب والمهندس بل وحتى هواة الطبخ ان يكونوا نجوما للمجتمع ومحركين له ولكنهم نجوم محدودون سرعان ما سينطفئون ان لم تقم مؤسسة ما برعايتهم او يتعلمون بذواتهم كيف يصبحوا نجوما مضيئة خالدة
الوصول للنجومية ممكن ولكن المحافظة عليها صعب
والخطوة الأولي لهذا الطريق هو أن نتعلم كيف نصنع نجمًا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا