الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


محو الذاكرة التاريخية

مصعب قاسم عزاوي
طبيب و كاتب

(Mousab Kassem Azzawi)

2021 / 1 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


حوار أجراه فريق دار الأكاديمية للطباعة والنشر والتوزيع مع مصعب قاسم عزاوي.

فريق دار الأكاديمية: هل تعتقد بأن النظم الاستبدادية تعمل بشكل منظم لمحو الذاكرة التاريخية وإعادة كتابة التاريخ بشكل مزور في غالب الأحيان؟

مصعب قاسم عزاوي: إن العمل المنظم لمأسسة فقدان الذاكرة التاريخية وتشويه حقائق التاريخ هو أحد أهم ركائز جهاز الدعاية السوداء (البروباغندا) الذي يمثل العصب المحرك للحفاظ على هيمنة كل النظم الاستبدادية الفجة الصارخة كما هو الحال في عالمنا العربي، وحتى في تلك المجتمعات المنمقة بلبوس الديموقراطية التمثيلية الاستعراضية على الطريقة الغربية.
وحقيقة تركز الجهد المنظم لمحو الذاكرة التاريخية عربياً في تأصيل نظمه الاستبدادية لذلك الوعي المريض، الجاهل بحقائق التاريخ، وعلاقة الشعوب العربية فيما بينها، فصرت تجد لبنانياً يجهد في توصيف هويته القُطْرِيَة الصغيرة وتباينها عن تلك السورية، غير عارف أو متجاهلاً عن عمد اللعبة القذرة التي قام بها الفرنسيون لاقتطاع متصرفية جبل لبنان عن سورية الكبرى في فترة الانتداب بعد الحرب العالمية الأولى، واحتيال القوتين الإمبرياليتين آنذاك فرنسا وبريطانيا على الشريف حسين ومن والاه في الثورة العربية الكبرى. وتجد آخر يؤدلج للفروق الراسخة بين السوريين والعراقيين، دون أن يعنيه عمداً أو جهلاً التفكر بالعنجهية العنصرية التي قام بها الإنجليز والفرنسيون بتقسيم أرض الناطقين بلسان الضاد في اتفاقية سايكس/بيكو وما تلاها في مؤتمر سان ريمو بطريقة مثل عنوان كتاب جيمس بار «خط في الرمل»، و هو التوصيف الأكثر دقة لكيفية صناعة تلك الدول المستحدثة عبر تقطيع الخارطة بشكل يتفق مع مصالح المستعمرين الآنية و التكتيكية، وبغض النظر عن أي اعتبارات اجتماعية أو تاريخية أخرى، وبشكل لم يكلفهم عناء سوى رسم «خط في الرمل» اختلقوا منه دولاً كسورية «الصغرى»، وعراقاً عظيماً «مبتوراً»، والأمثلة على ذلك عصية على الحصر، قد يكون أكثرها إيلاماً على نهج الكوميديا السوداء تبادل البريطانيين و الفرنسيين في مؤتمر سان ريمو للموصل و دير الزور لتصبح الأولى تحت النفوذ البريطاني بعد أن كانت خاضعة للنفوذ الفرنسي، و تصبح دير الزور التي كانت خاضعة للنفوذ البريطاني تحت إمرة الفرنسيين و ذلك لأسباب لوجستية تتعلق بصعوبات إمداد الفرنسيين لجنودهم في الموصل، و هو ما أفضى لأن تصبح الموصل جزءاً من العراق و دير الزور جزءاً من سورية، و هما المدينتان المبتورتان عن بعضهما في حقبة الفاشيين البعثيين من فئة حافظ الأسد و صدام حسن الذين كانا يريان في «استمراء» أياً كان لغريمه على الضفة الأخرى من الحدود التي اختطها المستعمرون جريمة نكراء اسمها «الانتماء إلى اليمين العفن»، و التي كان جزاؤها الأقل إيلاماً و تعذيباً التذويب بالأحماض الحارقة أو الإعدام رمياً بالرصاص بعد محاكمة «عادلة» في محاكم استثنائية لا قانون فيها سوى الأحكام العرفية و قوانين الطوارئ و دولة الفساد و الإفساد الأمنية.
ولتعزيز الشواه المعرفي التاريخي عملت النظم العربية الاستبدادية الفاشلة منذ إخفاقها في حرب النكبة وما تلاها من نكسات من تحويل كل طاقات الذاكرة التاريخية لحصر مأساة العرب الراهنة بصراعهم الوجودي مع «الكيان الصهيوني»، دون محاولة الكشف عن العناصر الموضوعية الأخرى لمعاناة العرب في حيواتهم اليومية، وأساسها الاستبداد وتغول الفاسدين المفسدين من الطغم الحاكمة العربية على كل مفاصل المجتمعات العربية عمقاً وسطحاً، وبالتالي مثل «الصراع العربي الصهيوني» شماعة وستاراً لإخفاء العيوب الحقيقية لضعف وهشاشة المجتمعات العربية إلى درجة أصبحت حيوات المواطنين فيها أقرب إلى جلجلة يومية يكابدون فيها عسف النهب و الإفقار و التهميش وقمع الحريات وبساطير العسس وهراوات البصاصين وسياط الجلاوزة والجلادين.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تعرف على تفاصيل كمين جباليا الذي أعلنت القسام فيه عن قتل وأس


.. قراءة عسكرية.. منظمة إسرائيلية تكشف عن أن عدد جرحى الاحتلال




.. المتحدث العسكري باسم أنصار الله: العمليات حققت أهدافها وكانت


.. ماذا تعرف عن طائرة -هرميس 900- التي أعلن حزب الله إسقاطها




.. استهداف قوات الاحتلال بعبوة ناسفة محلية الصنع في مخيم بلاطة