الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الله.. والتكفيريون

إكرام يوسف

2006 / 7 / 21
الارهاب, الحرب والسلام


لا أعتقد أن هناك من يصدق ـ بالفعل ـ أن الحرب الشرسة الدائرة ضد أشقائنا في لبنان كان حزب الله السبب الحقيقي وراءها. ومن يقولون ذلك هم أول من يعرفون أنهم لا يقولون الحقيقة.. فجميع الشواهد تؤكد أن خطة الصهاينة كانت معدة سلفا للتخلص من المقاومة اللبنانية التي جرعتهم مرارة الهزيمة في 1982 ، ووجهت لهم لطمة مازال صداها مدويا في واقعة تبادل الأسرى الأخيرة. ولاشك أننا جميعا نعرف أن القضاء على المقاومة اللبنانية حلم يراود الصهاينة والأمريكان.. وجاء قبول سوريا للخروج من لبنان في العام الماضي ليؤجل المضي في الخطة، بعدما كانوا يمنون النفس برفض سوري يتيح لهم حجة ضرب لبنان وسوريا معا وتقليم أظافر المقاومة. كما لا أعتقد أن الشرفاء من أبناء شعوبنا بينهم من لم يستطعم طعم الفخر..وهو يشعر بدبيب الكرامة يسري في عروق الأمة التي عانت على مدى عقود من انسحاق رسمي وركود شعبي دفع الكثيرين لليأس من أي احتمال للحركة.. وأدى بالبعض للوقوع في براثن فكرة أن العرب غير قادرين على الفعل. ولا أعتقد أيضا أن بيننا من فوجئ بردود الفعل العربية الرسمية .. أو بردود فعل المتأمركين من مثقفين، الذين سارعوا بإلقاء التبعة على المقاومة للتهرب من أي "فعل" ولو لحفظ بعض ماء وجوههم المراق أمام شعوبهم.. لكن المذهل بالنسبة لي على الأقل هو رد فعل بعض قوى اليسار العربي ـ وأؤكد هنا على كلمة "بعض" ـ الذين رددوا مقولة أن حزب الله أقدم على "مغامرة" فردية دون استشارة أحد..وورط معه الشعب اللبناني!!! ورغم أن هذا الرأي مردود عليه، بأن أي "فعل" مقاوم لا يلزم له الاستئذان؛ وليس من الحكمة بأي حال أن يسعى "المقاوم" لعمل استفتاء أو جمع توقيعات قبل الإقدام على عملية"مقاومة".. ومنذ متى كان "الفدائيون" في أي بلد خاضع للاحتلال "يستأذنون" قبل تنفيذ عملياتهم؟.. وهل نسي أصدقاؤنا أن لبنان بلد مازال يحمل عار احتلال الصهاينة لجزء من أرضه؟ وهل نسي هؤلاء أن كثيرين من أبناء الشعب اللبناني مازالوا أسرى في أيدي الصهاينة؟؟ وهل من حق الصهاينة تجييش الجيوش ودخول حرب لا تبقي ولاتذر من أجل استرداد أسيرين.. بينما لا يحق للمقاومة الشريفة أن تقوم بعملية للضغط من أجل استرداد العشرات من الأسرى اللبنانيين المنسيين؟.. بالطبع لا يتوقع أحد ـ ولم يدر بخلد حزب الله ـ أن حزب الله وحده سينتصر نصرا ساحقا على الآلة العسكرية الإسرائيلية المدعومة أمريكيا.. لكن أحدا ـ أيضا ـ لا يستطيع أن يدعي أن العالم بعد عملية حزب الله الناجحة بالفعل حتى الآن، سيبقى على حاله قبل خطف الجنديين الإسرائيليين. ولا تصمد هنا حجة البعض ـ ومنهم للأسف بعض يساريي أمتنا ـ الذين يراهنون على هزيمة حزب الله بدعوى أنه ورط نفسه في حرب غير متكافئة. ومنذ متى كانت مقاومة الشعوب المحتلة لمحتليها تأخذ في حسبانها عنصر التكافؤ المادي والعسكري؟ ألم يقل رئيس أكبر دولة عربية بعد حرب 1973 أنه لم يدخل الحرب بغرض التحرير وإنما دخلها بغرض "تحريك" الأزمة فقط لأنه لا يستطيع أن يحارب أمريكا؟.. لماذا إذا لم يقبل المعارضون لخطوة حزب الله أن تكون عمليتهم هادفة لتحريك الركود الذي تعيشه أمتنا ونحن نشاهد أخوتنا في العراق وفلسطين يقتلون ويؤسرون يوميا دون أن ينبس هؤلاء "المتعقلون" ببنت شفه. وأنا وإن كنت أفهم الموقف العربي الرسمي، وموقف بعض المثقفين المتأمركين؛ لأنهم متسقون مع أنفسهم، فهم جبلوا على أن يرفضوا أي مقاومة للمخططات الأمريصهيونية؛ إلا أنني لا أستطيع أن أتفهم موقف بعض اليساريين الذي يصب في نفس الخانة ـ للأسف ـ إلا على أنه تعبيرا عن عدم نضج، يدفع أصحابه لرفض أي تحرك طالما لم يكونوا هم أصحابه. وهو موقف أشبه بغيرة الأطفال الذين يحاولون التقليل من شأن أي تفوق يظهره أقرانهم. وأكرر هنا تساؤل وجهته لبعض "الرفاق" عما هو هدفهم بالضبط؟هل الهدف هو إثبات صحة الفكر اليساري؟ أم أن الهدف هو تحقيق مصالح الناس؟ وهل كان كبار مفكري ومنظري وشهداء اليسار الذين تربينا على كتاباتهم وتضحياتهم يقدمون كل هذه الأفكار والتضحيات لمجرد انتصار اليسار؟ أم أنهم كانوا يقبلون أن يدفعوا حياتهم ثمنا لما يرون فيه مصالح الجماهير؟..والسؤال رغما عن كونه يبدو بسيطا وساذجا إلا أن في تأمله والإجابة الصادقة عليه، يظهر التفاوت بين الموقفين.. فمن يعتبرون أن حياتهم مكرسة لمجرد إثبات صحة أفكارهم، تكون مواقفهم أقرب لأفكار التكفيريين الذين يرفضون أي فكرة أو "فعل" لا يخرج من بين صفوفهم، ويمتد هذا السلوك على استقامته ليصل إلى بعض فصائل اليسار لأي فكرة أو فعل يتبناه فصيل يختلف عنهم ولو كان فصيلا يقف أيضا على أرضية يسارية. ويسعى كل فصيل إلى نزع صفة "اليسارية" عن الآخر، تماما مثلما يفعل المتطرفون دينيا بتكفير كل من يخالفهم الرأي حتى وإن كان على أرضيتهم. أما أولئك الذين انحازوا لموقف اليسار باعتباره منحازا بدوره لمصالح الناس، فهؤلاء لن ينكروا فضل أي "فعل" يحقق هذه المصالح، حتى لو جاء من صفوف مخالفيهم في الفكرـ وسيسارعون بمد يد المعونة للمقاومين في المعركة، ويؤجلون أي خلافات فكرية أو سياسية لما بعد انتهاء المعركة. وأنا ممن يرون أن حزب الله سوى أن أزال آخر الأقنعة عن وجوه الجميع: الحكام العرب الذين لم يعودوا يستطيعون اتخاذ قرار إلا بعد مكالمة هاتفية من بوش. وعملاء أمريكا بين المثقفين الذين مازالوا يحاولون بيع وهم لنا اسمه عدم وجود حل أمامنا إلا الاستقواء بأمريكا ونسيان قدرات الشعوب.. ويحاولون تلويث كل ما تفعله المقاومة (الشريفة) في فلسطين والعراق ولبنان ووصمها بالإرهاب. عاة الطائفية والتفريق الذين يشغلون أنفسهم بالتمييز بين المواطنين على حساب الدين أو الطائفة.. وحتى داخل الطائفة الواحدة يشغلون أنفسهم بالتشكيك في قناعات بعضهم البعض ويعطون لأنفسهم الحق في الحكمن على مدى تدين الآخرين..وقد ألقمهم حسن نصر الله حجرا.. فهو حتى لم يهاجم اليهود ولم نسمعه يسب اليهود.. وإنما كان حريصا على أن يتحدث عن "الصهاينة" الذين هم أعداؤنا الحقيقيون.. ودعا إلى الانتباه إلى دعاة الفتنة.. فإذا لم يكن لفعل حزب الله المقاوم من نتيجة إلا أنه أضاف إلى تراكم الوعي الجمعي لدى الجماهير نفيا مجددا لفكرة أن المضهدون لا يستطيعون الوقوف بوجه مضطهديهم لعدم تكافؤ ميزان القوى، فضلا عن ضرب الفكرة الطائفية وإخراس أصوات كانت تتهم الشيعة ـ على إجماعهم ـ بالخيانة؛ بعدما بدأ العامة يتعلمون أن الإخلاص للوطن والدفاع عنه ليس حكرا على طائفة دون غيرها.. فمرحبا بها من نتيجة..وتحية لمن دفع ثمنها مهما كان انتماؤه الفكري أوالطائفي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يخرق نتنياهو خطوط بوتين الحمراء؟ صواريخ روسيا نحو الشرق


.. شائعة تحرش تشعل أزمة بين سوريين وأتراك | #منصات




.. نتنياهو يبحث عن وهم الانتصار.. احتلال غزة هل يكون الخيار؟ |


.. نقل مستشارة بشار الأسد لونا الشبل إلى المستشفى إثر حادث سير|




.. بعد شهور طويلة من القتال.. إسرائيل أمام مفترق طرق استراتيجي