الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة أوليّة لتحرّكات دول المُصالحة الخليجيّة..

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 1 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


صحيح أنّ الحُكم على المُصالحة الخليجيّة، وعن تطبيقِ ما تمخّضَ عنها، ما زالَ مُبكرًا، وبحاجة إلى تأنّي كبير، وسِعة صدِر توازي سِعة سُنبلَة القمح على حمّلها لحبّاتِ القمح بكثاقة، ومحاولة رصّها وعدم التّفريق بينها إلّا عند موعدِ حصادها . لكن، مِن جهةٍ أُخرى، يجِب علينا، ألّا نغفلَ عن القراءة السياسيّة الواعية المُتّزنة، والتي تبدأ مِن ألفِ الحدَث -أي حدَث سياسي- إلى يائه، حتى وإن كانَت أدواتها قاسية علينا، ونخافُ مِن نتائجها التي سنتوصّل إليها . وهُنا، يجب علينا أن نصِل إلى قناعة، بأنّ هذه القراءة، مهما تعرّضَت لكمّ هائل من العواصِف والزلازل السياسيّة، فإنّها لا ولَن تعرِف التخلّخُل والإهتزاز أبدا، وبأنّها قراءة دائمًا ما ترمي بنا بعيدًا عن حوافِ النّيران التي أجدّنا التّخيم عليها، كعرَب، والتي أصبحَت أكثر ما يُميّزنا بالقرنينِ الأخيرين .

فها هي أيّامٌ أربعة قد مرّت على انعقاد قمّة الخليج التي حملَت في قلبها مُصالحة بين الأشقّاء في دول الخليج، بعد ثلاثة سنوات ونِصف مِن المّخاصمة، ونحنُ كمواطنينَ عرَب، نهتمّ بأدقِ تفاصيلِ أُمّتنا، ونحلُم بأن نتوحّد تحتَ رايةٍ واحدة، في يومٍ ما، ما زلنا ننتظِر تطبيق ما توصّلَت إليهِ هذه المُصالحة مِن نتائج على أرضِ الواقِع، وحقيقةً، وبعيّدًا عن أيّ مُجاملةٍ سياسيّة، تُسكِن في جسدنا العربيّ الهزيل مزيدًا من السكاكينِ الحادّة، فلا بُدَّ لنا مِن أن نقول :

أنّهُ مِن الواضِح، بأنّه ثمّة دول تواجدَت في قمّة العُلا، يبدو عليها ومِن خلال تأخّر، بل تباطؤ تحرّكاتها لرأبِ الصّدع الذي تسبّبت بهِ الأزمة الخليجيّة، والذي سبقهُ تخفيضًا في الحضورِ الدبّلوماسي، أنّها دول ذات مساعٍ باهِتة في إطفاءِ نيرانِ الأزمة التي ألحقت الضّرر بالعرب ككُل، وليسَ فقط بأبناء الخليج العربيّ، وبأنّهُ ثمّة دول أُخرى، جاءت بكلامٍ معسول، دخلَ في قلبِ كُل مواطنٍ عربيّ، وأُغلِقَت عليهِ كُلّ أبواب القُلوب، ولَم يكُن السّبب، أنّه كانَ كلامًا معسولًا فقط، بل كانَ السّبب ؛ التّطبيق الماديّ الذي لُمِس، بعد أن انعكسَ على أرضِ الواقع . فهذه الدّول على عكسِ الدول المذكورة في الجانبِ الأوّل، أثبتت بأنّ الصُلحَ والإصلاح، ليسا حبرًا على ورَق، ولا ردّحًا مِن الكلامِ أمام القنوات الإخباريّة، ولا تغريدات ومناشير على مواقعِ التواصُل الإجتماعيّ، بل هُما ما يُبذل مِن جهودٍ مِن أجلِ دفّن كُلّ معالمِ الخصومة والكراهيّة والبغضاء، وبداية حُقبة جديدة، تسودها الأخوّة والإيخاء، ومُشاركة المصير العربيّ الواحد .

هذا الأمر، أي حضور الدّول ذات المساعي الباهِتة والمُتلوّنة في مواقفها، والمُتضاربة في سياساتها، هو ما كنتُ -حسب وجّهة نظري- أخشاه، وأضعُ لهُ حسابًا كبيرًا، حيث أنّني رأيتُ بأنّهَ إن كانَ ثمّة فشَل سيلحَق بهذه المُصالحة، أو شيء مِن قبيلِ الإشراف على قتلِها ببُطئ، فحتمًا، لَن يكونَ إلّا مِن داخلِ تلكَ الدّول، التي مِن خلالِ تخفيضِ حضورها الدبلوماسيّ، كانت قَد بعثَت رسائلًا ذات شيفرات معقّدة، يستدّعي فهما، جهدًا مُضنيًا، يبدء بالعودة إلى اليوم الأوّل للأزمة وينتهي باليوم الذي سبقَ عقد القمّة الخليجيّة ؛ لأنّ الجنينِ الشيطاني الذي كوّنَ في رحمِ هذه الدول، والذي كانَ الهدف مِن تكوينه ؛ إغواء الأنظمة السياسيّة العربيّة التي تُقيم شكليًّا خارج الجسدَ الخليجي، لكنّها ضمنيًّا هي تُقيم في كبده، وتتلقّى تعليماتها مِن زعامات الحُكم الخليجي، هو جنينٌ يُجيد الرّقصَ على الهواء، والتّجديفِ في قلبِ الصّحراء، والغناء في المقابِر، والعزف على أوتار التأزُّم والتشرّذُم العربيّ .

الخُلاصة : ما لَم تُسارِع تلكَ الدول التي خفّضَت حضورها الدّبلوماسي، بتبنّي النّهجِ الذي اتبعتّه السعوديّة، كمؤشّر يُدلِّل على بوادر الخير، مِن فتحِ الحدود ( الجويّة والبريّة) أمامَ أشقائها القطريّون، والسّماح للمحلّلينَ السعوديين مِن الظّهور على قناة الجزيرة، التي كانَ إغلاقها من ضمنِ المطالب الثلاثة عشر في عام 2017 ؛ فإنّها ستكون بمثابة عقبة تُعيق المُصالحة، وتقِف في وجهِ وحدَة مجلِس التعاون الخليجي، التي تُعتبَر مَن أهمّ مُرتكزات الوحدة العربيّة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر