الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصطلحات الحداثة في خطاب جماعات الرجعية

عبدالله محمد ابو شحاتة

2021 / 1 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في الوقت الذي تزايدت فيه الاعتداءات والقتل في حق النساء تحت ستار الشرف وغيره من المفاهيم الرجعية التي لا تنتمي إلا لمجتمع رجعي بدائي ابوي لا يزال يربط شرفه بما بين أفخاذ النساء ، وفي الوقت الذي تعاني منه نسائنا من التحرش الذي يبرره المجتمع بكل وقاحة مُديناً الضحية ومبرراً سلوك الجاني ، وفي الوقت الذي تعاني منه المرأة في العالم الأسلامي من محدودية نطاق حريتها الشخصية في مظاهر متعددة كالحجاب الاجباري الذي يُفرض بشكل أسري ومجتمعي أو حتى بشكل قانوني من قبل بعض الحكومات الرجعية الإرهابية كالحكومة الإيرانية التي تجلد و تسجن النساء لرفضهم للحجاب الأجباري كما حدث مع الناشطة نسرين سوتوده التي حكم عليها بالسجن والجلد أو الحكم بالسجن ثلاثين عاماً على الناشطات ياسمين آرياني، ومنيرة عربشاهي، وموجغان كيشافارز ،
ووسط كل هذه المهازل والانتهاكات لكرامة وحرية الأفراد في بلدان العالم الإسلامي الغارق في الفاشية الدينية ، تجد جماعات الاسلام السياسي وإعلامهم يزخر بأدعاء المظلومية من ذلك الغرب العنصري الذي يعاني من الإسلاموفوبيا والذي يحارب حرية النساء المسلمات في أرتداء الحجاب ، وكأن الحرية عند هؤلاء تسير في اتجاه واحد فقط وهو الأتجاه الذي يوافق أهوائهم وأيدلوجيتهم الرجعية ، فالحرية عند هؤلاء مجرد كلمة جوفاء أو مجرد مطية يستخدموها وفقاً لمعاييرهم الخاصة و بما يتماشى مع رؤيتهم المتخلفة ، وتظهر لنا تفسيرات غريبة للحرية من قبل اتباع تلك التيارات الرجعية ،كقولهم أن الحرية فقط فيما لا يناقد الدين أو الحرية بما لا يغضب الله أو انت حر ولكن لا تنتهك قيم المجتمع ، وغيرها من الأقوال التي تدل في الحقيقة على انك تجادل اشخاصاً فاقدون لأي موضوعية ويفتقرون لأي منطق في النقاش ، فكيف تكون الحرية حرية إذا تم تقييدها بما يتوافق مع دينك وأيدولوجيتك و كيف اكون حراً وانت تريد أن تحركني وفقاً لمعتقدك ورؤيتك الخاصة، و لا يعني هذا بالطبع أن الحرية مطلقة ولا مُحددات لها، ولكن محددات الحرية يجب أن تكون محددات موضوعية، فلا يمكن أن يكون دينك انت و عاداتك أنت وتقاليدك أنت محددات لحريتي انا ، فلا يوجد تعريفاً افضل للأرهاب والقمع من محاولة تقييد سلوك الأخرين وفقاً لمعتقداتك الخاصة ،
اما فيما يخص الديمقراطية فهناك تصور مغلوط ينشر ويروج من قبل تيارات الإسلام السياسي وأتباعهم في الشرق أو من المهاجرين في الغرب ، وهذا التصور يأخذ الديمقراطية كمبرر لتطبيق أيدلوجيتهم حتى أن بعضهم يأخذها كمبرر لتطبيق الشريعة ، قائلاً إذا أرادت الشعوب الإسلامية بأقرار الأغلبية تطبيق الشريعة فمن الذي من حقه أن يمنعها ؟ وبالطبع تقوم تلك الحجج على تشويه فج لمفهوم الديمقراطية ، فالديمقراطية ليست مطلقة وليس كل شئ عرضه للأستفتاء وألا يمكنني ان اقول بنفس المنطق أنه من حق الأغلبية في أوروبا طرد جميع المسلمين من أراضيها إذا أرادت ذلك !! أما الديمقراطية في الحقيقة لا يمكن أن تناقد حقوق الأفراد أو تنقد أسس المواطنة والعقد الأجتماعي الذي يساوي بين جميع المواطنين بالضرورة ، والحرية الشخصية و حقوق الأفراد والأقليات ليست عرضه للأستفتاء أو أخذ الرأي في نظام ديمقراطي حقيقي،

إن ما تغير في خطاب تلك الجماعات في الفترات الأخيرة إنها أصبحت تستغل التأثير الإيجابي والرنان لبعض المصطلحات التقدمية كالحرية والديمقراطية بل وتستخدمها في كل مناسبة وبشكل مُفرط ولكنها في نفس الوقت تعمل على تشوية معناها واعطائها مدلولاً مزيفاً يتوافق مع ايدلوجيتها ، ويحاولون جاهدين زرع تلك المفاهيم المزيفة التي اخترعوها في وعي العامة من البسطاء ، ولا يوجد في الحقيقة أمر أكثر خطورة من تشويه المصطلحات والمفاهيم و إخفاء معناها الحقيقي خلف معنى آخر مصطنع وهو أمر يحتم علينا بلا شك أن نتمسك دائماً بالمفاهيم الصحيحة وننشرها في كل مكان ولا ننساق بسهولة خلف كل من أطلق مصطلحات تقدمية بعد أن أن تلاعب بمدلولها وسبغها بسبغته الخاصة ، وعلينا أن نعلم أن هذه في الحقيقة محاولة يائسة من تلك التيارات لتوفيق نفسها مع موجة الحداثة والتقدمية بعد أن عجزت عن مجابهتها والحقيقة أن جميع محاولتهم البائسة ستنتهي بالفشل فالتاريخ يسير للأمام ولا يمكن يعود للخلف وإن كانت هذه الجماعات تُحدث ثباتاً وقتياً أو تقهقراً مؤقتاً لقطار التقدم فليس هذا إلا عرضاً زائلاً وليس إلا مجرد إحداث تأخير لعجلة التاريخ ولكن لا يمكن على أي حال من الأحوال لتلك العجلة أن تدور في عكس اتجاهها الطبيعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخاوف من استخدامه كـ-سلاح حرب-.. أول كلب آلي في العالم ينفث


.. تراجع شعبية حماس لدى سكان غزة والضفة الغربية.. صحيفة فايننشا




.. نشاط دبلوماسي مصري مكثف في ظل تراجع الدور القطري في الوساطة


.. كيف يمكن توصيف واقع جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة؟




.. زيلنسكي يشكر أمير دولة قطر على الوساطة الناجحة بين روسيا وأو