الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية ترامب ومأزق الرأسمالية الاميركية

عواد احمد صالح

2021 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان دونالد ترامب الرئيس الاميركي وفي الايام الاخيرة من ولايته على استعداد لخوض صراع عنيف من اجل التشبث بالسلطة فقد حرك انصارة يوم 7 من الشهر الحالي ، كانون الثاني للتظاهر واجتياح الكونجرس الاميركي وهو يعقد جلسة للمصادقة على تولي جو بايدن الرئاسة بعد فوزه في الانتخابات الاخيرة ...
كتبت منذ بضع سنوات في مقال عن ترامب وانحطاط القيم الاميركية نشر في جريدة الى الامام ان الترامبية ليست ظاهرة شخصية كما يتوهم البعض من المدافعين عن قيم العالم الرأسمالي الغربي والاميركي خاصة بل هي التجلي الاكثر وضوحا لانحطاط الرأسمالية في اميركا وقيمها على مستوى عالمي . لقد بدأ هذ الانحطاط والامتهان للقيم والمعايير الانسانية والدوس بدون اكتراث على ما يسمى المجتمع الدولي منذ عهد بوش الابن وفريقه ديك تشيني ورامسفيلد هؤلاء تلامذة مدرسة شيكاغو التي وضعت اسس ومعايير السياسة النيوليبرالية التي تمثل في الجوهر وصول الرأسمالية المتعفنة الى مرحلة الفاشية حيث تجد ان حل ازماتها يكمن في شن الحروب الخارجية في افغانستان والعراق ونشر الدمار والخراب في مختلف اقطار العالم من اجل النهب والهيمنة الاقتصادية والعسكرية . وكان ترامب هو التجلي الاكثر وضوحا لسياسة النهب والابتزاز والعنصرية والتمييز وانحطاط قيم الديمقراطية المزعومة وحقوق الانسان .
ان الترامبية تعكس بشكل جوهري الازمة داخل الطبقة الحاكمة التي لم تعد منسجمة ومتفقة على تصور مشترك لادارة السياسة الاميركية في الداخل والخارج كما تعكس الظاهرة الترامبية في المجتمع الاميركي تعاظم نفوذ اليمين الشعبوي والفاشي وتذمره كتعبير عن افلاس الراسمالية الاميركية العميق .
ان الطبقة العاملة الاميركية لم يكن لديها خيار بين بايدن وترامب في ظل الانقسام الحاد الذي تواجهه الطبقة الحاكمة الاميركية وبسبب غياب حزب عمالي ثوري مستقل يعبر عن تطلعات ومصالح الطبقة العاملة وفلسفتها تجاه السلطة السياسية .
انصار ترامب الذين احتلوا مبنى الكونكرس في سابقة خطيرة هذا الحدث يعكس في تاريخ اميركا المعاصر بوضوح ان الشرخ والصراع داخل الطبقة الحاكمة وبين الحزبين الجمهوري والديمقراطي - جناحي الراسمالية الاميركية - وصل الى حد العنف والتجاذب المسلح في بعض الاحيان بمعنى ان الشعبوية الفاشية الترامبية لم تعد تعبأ بقيم الديمقراطية وتداول السلطة سلميا وان الفلسفة السياسية التي تدار بها عجلة السياسة في اميركا تواجه فشلا وافلاسا ذريعا .
واذا كانت موازين القوى قد حسمت في غير صالح ترامب وانصاره وان السلطة اصبحت لصالح الرئيس المنتخب جو بايدن فان ذلك لا يعني ان المشاكل داخل اميركا قد انتهت . او ان الامور ستميل نحو الاستقرار انما هي الا بداية ملامح ازمة عميقة تضرب النظام الاميركي .وفي المرحلة القادمة ستنشغل الادارة القادمة بمشاكل المجتمع الاميركي وصراع اجنحة الرأسمالية والكارتلات ومافيات النفوذ .
ان المتغيرات والاحداث السياسية لا تخضع للامال والتمنيات بل هي تعبير حاد عن الصراع الطبقي . فالطبقة السائدة غير قادرة على الحكم بالطريقة القديمة، وهي منقسمة حول كيفية مواجهة الأزمة، ومواجهة الطبقة العاملة. ان الترامبية كظاهرة سياسية لن تنتهي برحيل ترامب عن السلطة فحالة السخط في اوساط الطبقة العاملة ومختلف الفئات الكادحة ستظل قائمة والازمة الاجتماعية الفقر والبطالة والتشرد تتعمق يوما بعد اخر ، لكن الطبقة الحاكمة وجناحها الحزب الجمهوري عملوا بقوة وبشكل موحد نسبيا على منع ترامب من الفوز بولاية ثانية ، كسبيل يعتقدون من خلاله انهم سيعيدون البريق الى الديمقراطية الاميركية المتآكلة ولكبح جماح اليمين الشعبوي الفاشي الذي ولد بالاساس من جراء الازمة الاجتماعية العميقة ومازق الرأسمالية الاميركية وطريقة ادارتها للسياسة الداخلية والخارجية وقي ظل غياب بديل يساري عمالي واجتماعي .
من المؤكد ان السياسة الاميركية ستتغير في عهد الرئيس الجديد جو بايدن ، ولكن بشكل محدود ونسبي ، على الصعيد الداخلي لن تتمكن الادارة الجديدة من تقديم حلول سريعة وحاسمة للازمة الاجتماعية المتفاقمة ، البطالة ، ازمة كورونا ، التشرد والفقر العنصرية المتنامية ، التذمر في صفوف الطبقة العاملة ، فالاوضاع تشهد تحولات كبيرة على مستوى الصراع الطبقي داخل المجتمع الاميركي ، وعلى الصعيد العالمي سيكون دور الاقطاب العالمية الصين وروسيا اكثر تاثيرا في معادلات السياسة الدولية في المرحلة المقبلة مقابل تراجع الدور الاميركي .
ان الاشتراكيين والثوريين في العالم يعولون على تآكل وضعف وانحطاط الامبراطورية الاميركية وادوارها الاستعمارية والتخريبية في مختلف بقاع الارض وتقع المسؤولية الكبيرة والعظيمة على عاتق الطبقة العاملة الاميركية في توحيد وتنظيم نفسها في حزب عمالي ثوري وموحد يقلب النظام الرأسمالي الاميركي فشروط الثورة الاشتراكية اكثر من ناضجة . وعلى العمال والثوريين ان يتحركوا فالاوضاع تتغير تدريجيا في سياق الركود الاقتصادي العالمي وانتشار جائحة كورونا على الصعيد العالمي، والانتخابات الرئاسية الأمريكية تعكس ازمة الطبقة الحاكمة ميولها وصراعاتها ، في مواجهة هذه الاوضاع المأزومة ، يجب ان تتشكل حركة عمالية ثورية وموحدة تقضي على الرأسمالية إلى الأبد.
8/ 1 / 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس.. تناقض في خطاب الجناحين السياسي والعسكري ينعكس سلبا عل


.. حزب الله.. إسرائيل لم تقض على نصف قادتنا




.. وفد أمريكي يجري مباحثات في نيامي بشأن سحب القوات الأمريكية م


.. شاهد: شبلان من نمور سومطرة في حديقة حيوان برلين يخضعان لأول




.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم