الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلوكيات أباطرة المال ، مدعاةٌ للاحتجاجات .

يوسف حمك

2021 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يقول الممثل الكوميديُّ الأمريكيُّ الأسمر كريستوفر جوليوس روك : " تندلع المواجهات الشديدة في الشوارع ، لو عرف الفقراء حجم ممتلكات الأثرياء "

بين المحرومين و الأثرياء فجوةٌ سحيقةٌ غير قابلةٍ للقياس ، كما تفاوتٌ صارخٌ بين المستويات ، و التوازن بين فئات المجتمع ليس في أدنى مستوياته فحسب بل معدومٌ ، و علاقةٌ مشبوهةٌ تربط الأثرياء ببعض المسؤولين من العيار الثقيل ، و عددٍ من فطاحل السياسيين ، و رهطٍ من رجال الأمن رفيعي المستوى .

هشاشةٌ مفتعلةٌ من أجهزة الرقابة ، و ضبطٌ منفلتٌ مقصودٌ فيما يخص مصالح تلك الفئات .
أغلال القوانين تذوب متبخرةً كلما اقتربت من وهج حرارة جيوب حيتان الفساد . و في الخفاء الضغوط السرية تجعل العدالة تفر هاربةً من منافذ قاعات المحاكم ....

و لما كانت البلدان لا تدار إلا بالقوانين التي قد وضعت لتكون بنودها سيوفاً بتارةً في وجه العصاة و المارقين ، فإن التغاضي عنها ، أو انتقاء التطبيق بعنايةٍ فائقةٍ جعلتها لا تقطع سوى رقاب الفقراء .
و ما رجاؤك بدولةٍ تعدل بنود دستورها خلال سويعاتٍ ، لتكون على مقاس فردٍ واحدٍ ، مقابل إهمال مصالح عشرات الملايين من أبناء البلد ؟!!

كما العادة بأن الثروة تتراكم على مر الزمن ، و ليست في غفلةٍ من الجميع ، كالثراء المفاجئ في زمن الأزمات .
البلدان المتأزمة المتآكلة في أتون الفوضى العارمة و جحيم الحروب الأهلية تشكل مناخاً ملائماً لتهريب السلاح و تجارة المخدرات و مافيا المحروقات بالتجارة سراً حتى مع المنظمات غير الشرعية و التعامل مع الإرهاب ، بغية تكديس المال و جمع الثروة في أقرب وقتٍ ، كما حكر الصفقات الثقيلة لعمليات البيع و الشراء على فاسدٍ واحدٍ و تحكمه بألأسعار بمفرده إلى حد التغول .

نتفق مع ممثلنا الأسمر كريستوف روك على انتقاد العامة للأثرياء و الحقد الجماعيِّ العارم على سلوكيات رجال مافيا الفساد و تراكم حجم ثرواتهم .
حيث معظم العقارات في الأحياء الراقية من نصيبهم ، و مثلها الشركات الاستثمارية الكبرى ، و استثمار الأوراق المالية غير الاعتيادية ، و شركات الأعمال الفنية و تجارة تأجير خطوط الطيران ... الخ أما اليخوت و السيارات الفارهة و الألبسة الفاخرة فحدث ولا حرج .

الكثير من الاحتجاجات التي جرت في العالم سببه اتساع الهوة بين الأغنياء و الفقراء ، و انحياز القادة و المسؤولين لأباطرة المال .
ففي مظاهرات السترات الصفراء بشوارع فرنسا ، أغلب أبناء الطبقة الوسطى و معهم الفقراء احتجوا ، و قالوا بالحرف : " إن ماكرون بات رئيساً لأقليةٍ من الأغنياء فقط ، و ليس حتى لكل الأغنياء "
و طبقاً لبعض المصادر فإن خروج الكثير من المحتجين الإيرانيين إلى الشوارع ، كان بغرض مهاجمة أولاد الأثرياء ، نتيجة ابتزازهم الدائم لأبناء الطبقات الفقيرة و المستضعفين .
و ما حدث في 26 مايو 2020 ، و يحدث الآن في أمريكا لا يخرج عن الإطار ذاته و لسببين اثنين : الأول عنصريٌّ ذو جذورٍ قديمةٍ ، و الثاني أزمةٌ ماليةٌ مكتومةٌ تراكمت منذ عقودٍ .
و إن كان مقتل جورج فلويد ، و رفض ترامب لنتائج الانتخابات سببان مباشران للاحتجاجات التي جرت .

غير أن استفزاز البعض منهم وصل إلى حد ضرب كل القيم و المبادئ النبيلة و قدسية الثوابت الوطنية و الهوية القومية عرض الحائط ، و ذلك بإحياء ليالي السلاطين ، و الزفاف على الطريقة العثمانية ، مع فرق الرقص و الأفراح وسط الأضواء الخافتة على طراز أنواع الشموع التي تعكس ظهور التراث القديم للمجتمع التركيِّ . حيث يتشبه العريس ليلة زفافه كسلطانٍ عثمانيٍّ عظيم المقام متوجٍ على رأس مقاليد الحكم ، و بجلبابٍ من القماش الفاخر ، و رداءٍ من نسيجٍ عالي الجود مصنوعٍ من ألياف الحرير و القطن ، مطرزٍ بخيوطٍ ذهبيةٍ على غرار موضة أحفاد أورطغرل العائدة إلى القرن السادس عشر ، ثم الرقص أمام عروسٍ تقمصت هي الأخرى شخصية حرم السلطان المبجل ، بتسريحة شعرها و فستانها المزركش ، و قفطانها المزخرف ، و التاج العثماني يعلو رأسها ، لإبهار العيون الناظرة على عظيم قدرها و رفعة مقامها و علو شأنها ...
فكيف لا و قد زفت عروساً لابن أحد الأثرياء كبير حيتان الفساد ؟!
حقاً إنه كان استفزازاً حافلاً بالسخط ، مهيجاً للغضب ، مؤججاً للغيظ ، مثيراً للاحتجاج و أعلى درجات القرف كما أوج التقزز

ذكرت مجلة فوريس الأمريكية في عددها الصادر عام 2018 عن رجل الأعمال المصري ناصيف ساويرس البالغة ثروته قيمة 6،6 مليار دولار ، أن ثروته زادت مقدار 100 مليون دولار في آخر 24 ساعة مقارنةً باليوم السابق ، لتسجل 6،7 مليار دولار . و الذي كان يعتبر أغنى من الرئيس الأمريكي ترامب بضعفين ، حيث قدرت ثروة الأخير ب 3،1 مليار دولار . و كان هذا قبل عامين ، فما بالك بحجم ثروتهما و قد اقتحمنا مطلع سنة 2021 .

و كان هذا غيضٌ من فيضٍ بالمقارنة مع حجم الثروة للملك السعوديِّ البالغ فقط 18 مليار دولار .
أما تكاليفه الشهريُّ فمقداره 800 مليون دولار ، مقارنةً براتب المستشارة الألمانية ميركل البالغ 18 ألف يورو .

نعم هؤلا هم المولعون بحياة الترف و البذخ و الرفاهية العالية و التبذير و الانفاق المفرط .... جدران قصورهم من الذهب و مثلها تصميمات طائراتهم الخاصة ، إضافةً لأواني المطبخ من الملاعق و الصحون ، كما الملابس المرصعة بالذهب ...
حجم ثروة البعض من هؤلاء الأثرياء يفوق أضعاف ميزانية دولةٍ كسورية ، بينما أغلب أبناء شعوبهم يعيشون في فقرٍ مدقعٍ .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمطار غزيرة تضرب منطقة الخليج وتغرق الإمارات والبحرين وعمان


.. حمم ملتهبة وصواعق برق اخترقت سحبا سوداء.. شاهد لحظة ثوران بر




.. لبنان يشير إلى تورط الموساد في قتل محمد سرور المعاقب أميركيا


.. تركيا تعلن موافقة حماس على حل جناحها العسكري حال إقامة دولة




.. مندوب إسرائيل بمجلس الأمن: بحث عضوية فلسطين الكاملة بالمجلس