الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النيوليبرالية المعولمة -التعليم كمدخل للهيمنة الثقافية- (2)

مصعب عيسي مصطفي

2021 / 1 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


ان معظم فترات السعي البشري التاريخي، وبخاصة منذ اجتياح الليبرالية المعولمة وثورة المعلوماتية والتكنلوجيا الاتصالية، تشير الي التداخل بين السياسة والثقافة، بل والاندماج احياناً بينهما، الي الدرجة الي تبيح لنا ان نصوغ مقولة ( النيوليبرالية عملية ثقافية في جوهرها وحركتها) وهذا واضح تنزل القضايا المجردة من سمائها المطلق الي الواقع وتجسيداتة، كما أننا ان الاهداف والمفاهيم التي تحملها النيات الحسنة او التقارير، او الموتمرات، تتناقض في واقع جدلي مع اوضاع الدولة الافريقية والعربية المستهدفة، ويمكننا أن نشير هنا الي أهم المعالم الرئيسية للتدخل النيوليبرالي العولمي في قضايا كالتعليم (للمثال وليس الحصر طبعا) التي تعيد تشكيل دورة في الثقافة الوطنية للدول واهمها :-
1- ضمان اعادة تكوين دول المنطقة وفق اسس الاضطراب الهوياتي الممنهج، وتقسم الدول وفق اللغة والتاريخ والثقافة "لا سيما دول الجامعة العربية" بحيث تنفك روابط الهويات القومية واللغات المحلية والاديان.
2- العمل علي انشاء مدارس خاصة بريطانية وامريكية، تنفذ برامج تدريبية من خلال جامعات الدولة الام، لما يسمي بتدريب القادة، وارسال مجموعات مختارة، من قادة التعليم، اساتذة الجامعات، الصحفيين، جمعيات اهلية… الخ، في زيارات للتعرف علي تلك الدول (لا سيما الولايات المتحدة) لاتخاذها نموذجا في التطور الثقافي والانساني والتعليمي والادراي، وعلي حسب تعبير كارين هيوز وكيل الخارجية الامريكية "ان تبادل الوفود بين العالم العربي والافريقي وامريكا يشجع علي التعرف علي التعددية في المجتمع الامريكي وكيف أنهم متدينون ويحترمون قيم العائلة" وهناك الكثير من بلداننا الان تعيش في ما يشبه (الهوجه) من زخم برامج التدريب والمنح الممولة صناديق المعونة الامريكية، او الاتحاد الاوروبي.
3- اشتراط الدول المانحة ان يكون لها دور في رسم السياسات التعليمية، فتتركز المطالب الاميركية بالذات، في تطور مناهج اللغة العربية، والتربية الدينية، والتربية القومية، والتاريخ، بحيث (تطهر هذة المقررات) من كل ما يسيء الي الحضارة الغربية، ومن كل ما يعتقدون انة يمكن ان يولد الارهاب ومظاهر العنف، وهذا كله تحت شعار (تحديث المناهج).
4- خفوت صوت تكافؤ الفرص والعدالة من معظم الخطابات والسياسات الرسمية الاجنبية، وتاهت مسئولية التعليم في تكوين ثقافة وطنية للتماسك الاجتماعي والوشائج الثقافية بين دولنا، والغريب انها اصبحت لدي الكثير من المتعلومين فكرا قديما تجاوزه الزمن، واصبح للاسف في مكان هذة القيم الثقافية التربوية قيما اخري اكثر منها اهمية، حيث طغت معالم التركيز علي سوق العمل وثقافة السوق واحتياجاته وقدراتة التنافسية.
5- ادت سياسات اللبرلة المعولمة "انفتاح اقتصادي، خصخصة القطاع العام، التركيز علي آليات السوق" الي تقليص دور الدولة التعليمي، وتراجعها عن مسؤولياتها في كفالة حق التعليم للجميع، وتفاقم دور الخاص "هذا واضح عندنا في السودان ابان فترة النظام البائد" بشكل مطرد الي درجة تضاعف نموة في التعليم العام، ولما كان هذا النوع من التعليم يتطلب مصروفات باهظة، بدأ التعليم يدخل في نطاق السلع التي تباع وتشتري، وانقسم بدورة الي فسطاطين حكومي وخاص، وشاعت مقولة ان كل خاص افضل واكثر كفاءة مما هو حكومي.
6- من المعلوم ان ان التعليم مجاني تدريسة باللغة العربية، وهي اللغة الاقرب للغات المحلية، بينما المدراس الخاصة الي جانب اهتمامها باللغات الاجنبية، فانها تدرس المناهج العلمية والرياضيات واللغات بنفس اللغة، وكأنما اللغة العربية واللغات الاخري مقصرة في تعليمها ! هذا الي جانب تخصص بعض هذة المدراس في اعداد طلابها لامتحان الثانوية الامريكية او الشهادة البريطانية، وكل هذا اعداد وتوجه نحو الخارج في اغلبة، ومتغاير لتوجهات التعليم الوطني، الذي ينبغي ان يهدف الي جانب الاهتمام باللغة الام، ايضا اهتماما باللغات المحلية للقبائل او الاثنيات الاجتماعية.
7- اتساع شهية الربح والتسليع للتعلم، وانتشار تأسيس الجامعات والمعاهد العليا والأكاديميات الخاصة، بدعوي الاستجابة للطلب المزايد علي التعليم العالي تارة، وتوفير كفاءات عالية توائم سوق العمل تارة اخري، ومعظم هذا النوع من التعليم يتم بلغات اجنبية، تغلب فيها اللغة الانجليزية، كما انها تتقاضي مصروفات باهظة لا تتحملها الا شريحة محدودة من المجتمع، ونحن هنا امام فسطاطين اخرين، حكومي وخاص، وحتي التعليم الحكومي التي لم تقوي علي منافسة الخاص، أضافت شعبا واقساما بالانجليزية وبمصروفات، وتحظي هذة الشعب بمكانة متميزة وتقدير سواء من الطلاب او الاستاذة.
واخيرا قد يتساءل المرء، هل ستتحول بالضرورة لغة التعليم فيما قبل الجامعي بالتحديد الي اللغة الانجليزية بالضرورة في المستقبل القريب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مفاوضات الهدنة: -حماس تريد التزاما مكتوبا من إسرائيل بوقف لإ


.. أردوغان: كان ممكنا تحسين العلاقة مع إسرائيل لكن نتنياهو اختا




.. سرايا الأشتر.. ذراع إيراني جديد يظهر على الساحة


.. -لتفادي القيود الإماراتية-... أميركا تنقل طائراتها الحربية إ




.. قراءة عسكرية.. القسام تقصف تجمعات للاحتلال الإسرائيلي بالقرب