الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كميل أبو حنيش الكبسولة الكتابة والسجن الحلقة الحادية عشرة

رائد الحواري

2021 / 1 / 15
أوراق كتبت في وعن السجن


كميل أبو حنيش الكبسولة
الكتابة والسجن الحلقة الحادية عشرة
عندما تقرن الكتابة الأدبية بهموم ومعيقات ومشاكل تصبح عملا صعبا وشاقا ومن غير المكن أن يكتمل، وإن اكتمل، لا يمكن أن يكون ناضجا أدبيا، وذلك لأن الكاتبة بحاجة إلى أجواء هادئة تساعد الأديب على التأمل وتجميع الأفكار، وتحتاج إلى دقة في اختيار اللغة التي تناسب العمل، فما بالنا أن تم انجاز كتابة رواية وليس أي عملا أدبيا آخر، وأن تعد من أهم الأعمال الروائية الفلسطينية، أليس هذا دليلا على عبقرية الكاتبة، وقدرته على الكتابة الابداعية؟.
يحدثنا الأسر كميل ابو حنيش عن أحد أهم أعماله الرواية "الكبسولة" موضحا الظرف التي مر بها قبل أن يبدأ كتابة الرواية: "... أما التحدي الأبرز الذي وقع على كاهل هذه المنظمة هو اختبار قدرتها على مواجهة السجان وخوض معركة تفضي بإنهاء عزل الأمين العام، وتثبيت هيبة التنظيم وإجبار مصلحة السجون على التعاطي مع مطالبنا واحتياجاتنا، حيث استغرقنا أربع سنوات في مناوشة الإدارة إلى أن تكللت هذه العملية بإطلاق معركة الإضراب عن الطعام في أيلول 2011، وطوال هذه السنوات كنت متعطشاً للقراءة والكتابة في المجال الأدبي والثقافي" ضمن هذه الأجواء من المستحيل أن يكون ذهن الأديب قادرا على التقدم ولو بسطرا وحدا في الكتابة الأدبية، لكن "التعطش للقراءة والكتابة" كان بمثابة احتباس طاقة تراكمت فيه، فما أن (انتهت) مشاكل السجن حتى ظهرت فكرة كتابة الكبسولة: "وخلال الأربع سنوات السابقة وأثناء الانهماك في النشاط التنظيمي كنتُ قد أرسلت وتلقيت العشرات وربما المئات من الرسائل والتقارير التي كانت تأتي وترسل بطريقة " الكبسولة"، الأمر الذي شكل إلهاماً وحافزاً للمباشرة في العمل على إنجاز رواية أسميتها "الكبسولة"، فالكتابة تتأثر بالواقع، بحياة الكاتب، وهذا لا يعيب العمل الأدبي أو ينتقص منه، بل يضف عليه شيئا من كيانه الأديب ومشاعره، فالعنوان "الكبسولة" وموضوع الرواية ناتج عن تأثر الأسير الكاتب بالوسيلة التي يتواصلون بها الأسرى فيما بينهم، لكن هذا لم يجعل من الرواية رواية واقعية، بل كانت عملا روائيا منفصلا عن الواقع، وهذا ما نجده في ارتباط بطلها بالمكان واصراره على العودة إلى فلسطين من نفس نقطة الخروج، فالظرف والواقع لم يكن حاجزا امام خيال الكاتب ليجعل من روايته عملا متميزا.
الرواية بحاجة إلى مكان، وهناك علاقة حميمية بين الفلسطيني والمكان، لهذا تجده متعلقا به، ذاكرا له، في أي موضوع يتحدث/يكتب به، يحدثنا الروائي كميل أبو حنيش عن اختياره لمكان "الغور والنهر بقوله: "، أما الشرارة التي أشعلت المباشرة في كتابة الرواية، فقد كانت زيارة والدي لي في السجن بعد أكثر من ثلاثة أعوام على مرور آخر زيارة . ويومها سألت والدي عن الأغوار، حيث يقيم ويعمل في بيارته ومزروعاته معظم أيام السنة، فطفق يومها يحدثني عن التغيرات التي حدثت في الأغوار في السنوات الأخيرة،... لكن أكثر ما أثارني هو خبر جفاف الوادي الذي كان يشبه نهراً صغيراً يخترق الأغوار ويعطي منظراً خلاباً لتلك البقعة الساحرة. " إذن حتى اختياره للمكان جاء كرد فعل على الواقع، على التغييرات السلبية التي حدثت في المكان، من هناك جاءت علاقة بطل الرواية بالمكان متماثلة مع حالة الولادة/الخروج من الغور/رحم الأم، والعودة للمكان الذي ولاد/خرج منه ليدفن فيه/الموت.
أما عن اختياره لأبطال الرواية وطبيعتهم: "اخترتُ أبطال الرواية من البسطاء، لا سيّما بطلي الرواية الرئيسين "عدنان وسميرة" وكانا راعيين للأغنام في منطقة الأغوار بحقبة الستينات من القرن الماضي، جمعت بينهما الصداقة وحب الشعر ورعاية الأغنام على طرفي الوادي"
إلى هنا يحدثنا "كميل" عن أفكار روائية، بمعنى عن (تخطيط) لمشروع كتابي وليس عن الكتابة نفسها، التي كانت شبه مستحيلة: "ومن الطريف أنني وأثناء كتابتها عانيتُ من انقطاع أقلام الحبر في "الكانتين"، ولم أجد بحوزتي وحوزة الرفاق ما يسعفني بإكمالها، فاضطررت لكتابة معظمها بأقلام الرصاص، ومرة أخرى لم أعثر على المزيد من ذخائر قلم القرصاص (الفطعات) فجمعتُ عدداً منها من الأسرى وكانت شحيحة، إلى أن أكملت مسودة الرواية في الرابع والعشرين من أيلول" من هنا تأتي أهمية وميزة ما يكتبه الأسرى، كتابة من دون أقلام، أو كتابة بأقلام متنوعة، وعلى أوراق غير منتظمة، ورغم هذا يتم كتابة أحد اهم الأعمال الرواية في الساحة الفلسطينية.
كما أخبارنا في رسائله السابقة عن هاجس الخوف الذي يلازم الأسرى أثناء تنقلهم بين سجون الاحتيال وضياع مقتنياتهم الخاصة، يصف لنا عثوره على أوراق الرواية كاملة بعد أن انتقل إلى سجن بئر السبع، بهذا الوصف: " وبعد أسبوعين وصلت حاجياتنا المحفوظة إلى بئر السبع. كنتُ قلقاً وأنا أفصل اللاصق عن الكراتين وما أن عثرتُ على مخطوطة الرواية حتى كدتُ أطير من الفرح."
كلنا يعلم أن الكتابة الروائية من أصعب أنواع الكاتبة، لأنها بحاجة إلى أكثر من قراءة قبل تقديمها للنشر، لكن وجود مسودة الرواية ضروري للكاتب، ليتم مراجعتها: "أنجزت الرواية مع بدايات العام 2012، وحملها للخارج الأسير المحرر جبريل عوض، من إحدى قرى رام الله، ونسقتُ على الهاتف إيصالها ليدِ الرفيقة نهى نزال." وهنا تكون قد وصلت إلى بر الأمان، يتم طباعتها وتوزيعها طبعتين، طبعة في مصر وأخرى في فلسطين، ، يكتب عنها أكثر من مهتم بالشأن الأدبي، ومع هذا تبقى بعيده عن كاتبها، فكيف صلت له بعد طباعتها؟: "حظيت الرواية باستحسان الكثير من القراء، وكتب عنها العديد من النقاد والمختصين، وعقدت عدد من الحلقات النقاشية بشأنها، ونشر عنها الكثير من التقارير الإعلامية. غير أن صاحبها الأسير لم يحظَ بنسخة منها إلا في نهاية عام 2019، أي بعد عامين من صدورها، حيث صودرت ومُنع إدخالها أكثر من خمس مرات في سجني هدريم وريمون إلى أن تمكنت أخيراً من إدخالها."
بهذا يكون الأسير "كميل أبو حنيش" قد قدم نموذجا حيا على أصرار الأديب الفلسطيني الكاتبة، وليست الأدبية فحسب، بل الكتابة الابداعية.
الرسالة منشورة على صفحة شقيق الأسير كمال أبو حنيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هغاري: الجيش الإسرائيلي سيواصل العمل من أجل خلق الظروف لاستع


.. الأمم المتحدة ترحب بالهدنة التكتيكية جنوبي غزة| #غرفة_الأخبا




.. الجيش الإسرائيلي يعلن -هدنة تكتيكية- في جنوب قطاع غزة والأمم


.. بكين تفرض قواعد جديدة في -بحر الصين الجنوبي-.. واعتقال كل من




.. المتحدث باسم اليونيسيف يروي تفاصيل استهداف الاحتلال أطفال غز