الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نهاية إحتكار الخطاب الديني والثقافي

حمزة الكرعاوي

2021 / 1 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


في العصور المظلمة ، على خلفية حرب الثلاثين عاما ، التي سادت في أوربا ، تجرأ مارتن لوثر ( الألماني ) وكان رجل دين في الكنيسة ، وترجم الكتاب المقدس ، في زمن صكوك الغفران ، إعتراضه على نهج الكنسية أن المسيحي لا يحتاج لغفران الكنيسة ( تغفر له أولا ) لأن المسيح بدمه غفر للجميع .
تزامن مع سياسة ( عقيدة ) صكوك الغفران ، إحتكار الخطاب الديني ( إحتكار الكتاب المقدس واللغة التي كتب بها ) وهي اللغة اللاتينية ، وليس كل رجال الكنسية يفهمون اللاتينية ، وهو إحتكار متعمد ، حتى يحتاج المسيحي إلى واسطة رجل الدين ، ليفهمه الخطاب الديني ، وقليل من الناس يتحدثون اللاتينية وهؤلاء إما هم مثقفو الكنيسة أو يخشون سطوتها فلا يعلمون الناس ، فجاء مارتن لوثر وكسر إحتكار السلطة الدينية للكتاب المقدس ، ترجمه إلى الألمانية ، وبعد ذلك ترجم إلى لغات منها الانكليزية .
إحتكار الكاتب المقدس عند مجموعة من رجال الدين في الكنيسة ، أجبر المسيحيين لكي يصلوا إلى ربهم ، أن يتوسط لهم رجال الدين ، وهذا بثمن باهض ، ومن دون الوسيط الذي يعرف اللاتينية لايصل الناس إلى دينهم وربهم ، فلم يكن في حسابات الكنيسة ، أن مارتن لوثر يكسر النخبوية ، ويقضي على إحتكار الخطاب الديني ، وسجن الكتاب المقدس داخل مبنى الكنيسة .
بعد إنتهاء إحتكار الكتاب المقدس والخطاب الديني على يد مارتن لوثر ، وضعت أوربا على جادة الثورة والحداثة ، فلولا شجاعة لوثر ، لبقيت أوربا تعيش الظلام مثلما يعيش شيعة العراق في وحل التخلف والظلام .
نحن بحاجة إلى مارتن لوثر شيعي ، وهم كثر بفضل ثورة الاتصالات ومواقع التواصل الاجتماعي ، وسنتحدث عن هذا الأمر فيما بعد .
إحتكار الثقافة
الثقافة عالميا كانت نخبوية ، أي منتج نخبوي ، محتكر لا يختلف عن إحتكار الكنيسة للخطاب الديني ، أو إحتكار مرجعيات الفرس للعقيدة الشيعية ، كانت النخبة الثقافية في العراق تمارس نوعا من السلطة على الناس ، ولذلك نجد أن الثقافة لم تكن سائدة في المجتمع العراقي ، وكذلك المجتمع البشري ، مثلما هي اليوم ، لان الانترنيت ألغت بل اسقطت الوسيط والمحتكر الأناني .
نهاية إحتكار الخطاب الديني ، رافقتها نهاية إحتكار الخطاب الثقافي من قبل النخبة ( العصابة ) ، وبدأ عصر جديد من الثقافة ، كإنتاج وتلقي سائدة بطريقة لم يشهدها التأريخ على الإطلاق ، فعندما تفتح الإنترنيت ( جامعة بين يديك ) تدخل إلى كل العوالم بدون وسيط ولا محتكر يكون بينك وبينك ثقافتك .
في بلد مثل العراق كان الخطاب الديني والثقافي فيه محتكرا ، من قبل المرجعيات الدينية والنخب الثقافية ، هو بحاجة إلى نهاية الإحتكار الديني والثقافي ، لأن رجل الدين والمثقف العراقي الأكثر فشلا لأن ينتجا ثقافة تحمي العراقيين من أن يذهبوا إلى حالة التردي والإرتداد في التأريخ إلى خيارات مظلمة ، كالتي يتبناها رجل الدين في زمن الاحتلالات المركبة .
منتج الثقافة عراقيا أحوج لأن يسقط وينتهي ، لأن الثقافة النخبوية فشلت ، والفشل كبير جدا ، لم يحصن الإنسان العراقي بوجه تيارات التخلف والظلام ، التي تروج لثقافة المقبرة ، وما شاهدناه أن المثقف العراقي هرول ليشرع للمحتل وغلمانه ، ويدخل تحت عباءة رجل دين لا يتوفر على ثقافة لا دينية ولا معرفية .
في زمن ثورة الإتصالات توفر في كل بيت مثقف عراقي ، ينتج ثقافة ويتلقى ثقافة ، ويقدم نتاجه الثقافي والفكري والمعرفي بدون وسيط ، ولا إحتكار ، و لا حاجة لتوسل محتكري الصحف لينشر عندهم .
مثلا نأخذ أحد كبار مثقفي العراق وهو جمعة اللامي ( على سبيل المثال ) وهناك طبعا غيره من المثقفين ، الذين يسأل المتلقي العراقي عن قيمتهم في زمن الإرتدادات ؟.
الجواب لا قيمة لهم ، لانهم فشلوا في تحصين المجتمع العراقي أمام الخطاب الديني المتردي ، ومنهم تحالف مع مختل عقليا ( مقتدى الصدر ) وتقديمنا لجمعة اللامي كمثال ، لأنه كان من أهم محتكري الخطاب الثقافي ، ولم يؤثر المثقف العراقي في توعية وتحصين الشعب العراقي ، فسقط أمام أبسط وأتفه خطاب ديني ، وتصح تسمية الحال ( إقطاعية الثقافة ) .
بعد فشل ونهاية محتكري الثقافة ، أصبح العراق يتوفر على أعداد كبيرة من المثقفين الجدد ، يكتبون في فضاء مواقع التواصل الإجتماعي ، وهم أكثر وعيا من جميع المثفقين العراقيين ، الذين بايعوا المحتل وغلمانه .
مقارنة صغيرة ومؤلمة أن جمعة اللامي الذي كنا نقرأ له ، قدم ولاءه لطفل معمم ( عمار الحكيم ) ، وتقودنا هذه المقارنة إلى الوقوف أمام المثقف العراقي ، وأمام شاب وقف أمام الرصاص في ساحة الحبوبي وساحة التحرير ، تلقى الرصاص وإستشهد ، فهو أكثر وعيا من كل مثقف عراقي ، ومن جميع محتكري الخطاب الثقافي والديني ، والسبب يعود إلى أن محتكري الثقافة لم يحصنوا أنفسهم ، مثلما حصن الشهيد في ساحات الثورة ، حصن نفسه ، لأن خلقت بداخله حصانة ضد الخيارات الوسخة التي سقط فيها الكثير مما يسمى ( المثقف ) .
بينما الماركسي يقدم ولاءه للمحتل الامريكي الايراني الصهيوني ، ولأصحاب الخيارات التافهة ، مثل عمار الحكيم ومقتدى الصدر .
تجربتي مع المثقفين العراقيين ، وجدتهم في حالة تكبر ، لا يختلفون عن تكبر رجال الدين ، يجلسون في بروج عاجية ، يحرصون على أن يبقى الانسان العراقي متخلفا أميا ، حتى لا ينافسهم ، ينظرون بلا فعل ، ويظنون أن تعلم المجتمع العراقي يضر بمكانتهم كما هو حال رجال الدين ، فإذا كثرت أعداد المثقفين ، فمن ينتقدون ، ومن يكون أدنى منهم ؟.
الفشل كبير جدا ، أن المثقف العراقي لم يؤثر في المجتمع ، وهذه الحالة يشاركه فيها رجال الدين ، إحتكارا وأنانية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. باريس سان جرمان يأمل بتخطي دورتموند ومبابي يحلم بـ-وداع- مثا


.. غزة.. حركة حماس توافق على مقترح مصري قطري لوقف إطلاق النار




.. لوموند: -الأصوات المتضامنة مع غزة مكممة في مصر- • فرانس 24 /


.. الجيش الإسرائيلي يدعو إلى إخلاء -فوري- لأحياء شرق رفح.. ما ر




.. فرنسا - الصين: ما الذي تنتظره باريس من شي جينبينغ؟