الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منطق الطير

عبد الفتاح المطلبي

2021 / 1 / 19
الادب والفن


أقفُ منفرداً في الشمس
وكأنها تطلُّ عليَّ وحدي
كأنني شجرة
تكره الفأس
وتكون من المنشارِ على حذر
طالَ وقوفي تحت الشمس
وهي تطرقُ فوقَ رأسي
ظننتُ أنني خشبَةٌ
وعليَّ أن أحذر
من المسامير والمطرقة
حتى إذا رحلت الشمس وحلّ الليل
تمنيتُ أن أكون نسيماً
وكانَ عليَّ أن أتجنب المرورعلى الجِيَفْ
فهي تنتن كل ما يمرّ عليها
مضى من الليل نصفهُ
نمتُ فحلمتُ
أنني جدول
كان لزاماً أن لا أقف طويلاً
أمام صخرة
الوقوفُ يفسد الماء
يلزمُ أن أدور حولها
لأجد الطريق الى الفردوس
ثم حلمتُ
أنني صخرة
علي أن أحذرقطرات الماء
إذا نزلت من الأعالي
الزمن في معسكرالمتحرك قوة
وفي معسكر الساكن ضعف
حتى إذا أشرق الصباح
سمعتُ طيراً يُنشد
تمنيت أن أكون مثلَهُ لأغني
كأنني سمعته يقول:
هذا بكائي..وعويلي
فإن تحققت أمنيتك
وصرتَ طيراً
فلا تفارق سربك
وإن فارقته
فلا تختلط بسرب الغريب
فتضيع على طرقهِ
وعدْ من حيث أتيت
سيعود السرب إلى وطنهِ يوما
انتظرهُ هناك
ففي التيه غالبا تكون الأقدام قائداً
بئسَ القائد الطرف السافلْ
لا تحلمْ إلا على وِسادِكَ الذي ألِفَ رأسك
ستكون الأحلام على ما يرام
فإنك إن نمتَ على شجرة
ستحلمُ بالسقوط
وإن نمتَ في زورق ستحلمُ بالغَرَق
وإن نمتَ في العراء
ستهبُّ عليك في الحلمِ عاصفةٌ
وإن نمت في مكانٍ ضيّق
سترى القبرَ في منامك
فلكل مكانٍ روحٌ
من الخطأ أن تنازعها المكان
سريرُكَ أولى بحلمِك
فلا تدع طير الحلم
يحطّ على شجرٍ غريب
لاتكنْ كالمركبةِ
تقبل بأن تقعد أيًّ مؤخرةٍ وراء مقودها
تعلم من الحصان الأصيل حدسَهُ
فهو لا يقبل بأي راكبٍ على ظهره
وتعلّمْ الحكمةَ في صمت الخيل
عندما تنهق الحمير
جدِ العذرَ للعصافير
عندما تكون وجلةً قرب المطاحن
فالأفعَى تعرف
أن رزق العصافير قرب المطحنة
وجد العذر للأفعى عندما تبتلع العصافير
فهي تعرف أن رزقها قرب المطحنة
وجد العذر للطحّان عندما يقتل الأفعى
لأنها تحمل موته في نابها
لُمْ العصافير المطمئنة
حين يكون الوجل ضرورة
ولُمْ الأفعى حين تعلن عن نفسها
وقد وهبها الله الإنسلال خلسة
وتوجه باللوم إلى الطحّان الذي لم يحمِ ساقيه
ولم يرَ موقع قدمه
ولكن لا تلمْ المطحنة
فهي الوحيدة التي تأكل نفسَها ليأكل الآخرون
ليس من الحكمة أن تبتئس وسط الفرحانين
ولا أن تتراجع حين يتقدم الآخرون
ولا تزرع البُرّ وقتَ حصاده
ولا تصنع البِرّ مع المجرم فتكون شريكه
فلكل أمرٍ حين
ولكلّ صَعَرٍ صفعَة
ولكل ظلامٍ شمعة
ولكل عينٍ دمعة
واعلم أنك لستَ الأول ولا الأخير
وكل دربٍ مقطوع رغم العثرات
وليس هناك أقصرَ من الطريق الذاهب إلى الحتم
وليس هناك أطولَ من الدرب الذي لا قصدَ لهُ
ما أشدّ خطرلحظةِ الظنّ والشك
وما أبعدَ اليقين عن آملٍ وأقربَه من يائس
وخذ ما هو لك واترك ما لغيرك
فالنزاهةُ سجية أولى
والحوادثُ لها اليد الطولى
قلتُ : أيها الطير ما أحكمك
قال: لو كنتُ حكيما ما ضيعتُ سِربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الموسيقي طارق عبدالله ضيف مراسي - الخميس 18 نيسان/ أبريل 202


.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024




.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-


.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم




.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3