الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عوائق الإنماء في المجتمع الموريتاني

سعدبوه الشيخ سيدي أحمد

2021 / 1 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ليس غريبا أن نتساءل عمّا يحدث في هذا الجزء من العالم بمساحته الشاسعة وكثافته السكانية القليلة، نتساءل عما يتصوره السياسيون وصناع القرار حول بلدهم في البيئة والمجتمع والمرجعيات القانونية الدستورية والتنظيمية،ونسّاءل عما يعتلق بهم من الهم الوطني ، ونظراتهم الممكنة حول المصير والمستقبل ما قرُب منه، وما بعد،ولأجل أن نتبين الأمر كثيرا لابد من ربطه بالتاريخ والثقافة والهوية والاستعمار وبدايات التأسيس
قد يكون الحديث عن العناصر الآنفة مُملا في تفاصيله ومعقدا في بنياته إلا ماكان منه نزرا محمودا،فما العناصر الآنفة؟ وماعلاقتها بما نحن فيه من ضعف في البنيات التحية،واهتزاز في المنظومة الصحية؟
ماعلاقتها بالحال السيء للمنظومة التربوية مؤسسة وأساتيذا،ومنهحا وأداء وأهدافا بدرجات مختلفة.
أولا التاريخ الوطني:
"في الواقع يطرح الحديث عن التاريخ الوطني إشكالا حقيقيا ولايزال طرحه يُعاد كلما استدعاه الموقف كأيام الاستقلال،ورجال المقاومة" وذلك أن الوطن قبل الغزو الفرنسي كان عهد إمارات وقبائل يتصارعون على أرض قاحلة لا منّ ولاسلوى ولا عنب ولا ثمار باستثناء أنواع قليلة مما يُزرع فيُحصد،وثمار النخيل وهي في بعض الأنحاء دون بعض" وخلال فترة الفرنسين قرابة الخمسين أو الأربعين عاما كان الانتماء الوطني غير ممكن إلا من جهة الدولة الفرنسية التي كان غرضها إمبرياليا توسيعيا كغيرها من الغزاة الطامحة أعناقهم إلى ازدياد القوة المعنوية والمادية في تنافس محموم وآمال عريضة نحو الذرى ضحيتها الشعوب الضعيفة شرقا وغربا، تلك الشعوب التي لقيت ما لقيت وصبرت ما صبرته "ورغم قصر الفترة التي لبثها الفرنسيون نسبيا فإن أثرها يبدو طويلا كالدهر"فقدخلخلت التماسك الاجتماعي سياسيا وأفضت إلى إرث معنوي قائم إلى اليوم،إنه نظام سياسي يخدم بالدرجة الأولى المصالح الفرنسية بجميع سلطه التشريعية والتنفيذية والقضائية،وهياكله الإدارية،ورواتب موظفيه التي تُلامس أثرا يخدم السلطة الحاكمة الوريث الشرعي للمستعمر على مصالح الشعب العمومية وأحواله الاقتصادية والصحية،فالاهتمام الزائد بالسلطة التشريعية يُفضى ضرورة لاسترضائها،وهو استرضاء يُنسيها هموم الشعب وقلة حّيله وأحوال مَعاشه ومعاده، ويصرفها عن واقعه صرفا وعن تفاصيل حياته فضلا عن مشكل التأسيس نفسه وما رافقه من توجهات وآراء نادت بالانضمام إلى المملكة المغربية وبعضها إلى السينغال،وهي أزمات كان بالإمكان تفاديها بالعمل على تحقيق جزء من متطلبات الحقوق المدنية والإنسانية والعمل على ضخ الأمل في نفوس الإداريين الذين وظفوهم، وتعاونوا معهم في حلهم وترحالهم،ولكنهم لم يفعلوا، وكأنّ خروجهم حدث بعوامل خارجية وضغط قوة أخرى صاعدة أكثر منه بهمم ونياتهم ،وبناءًعلى ماتقدم ينبغي تجاوز مسألة الهوية الوطنية"ولن يكون ذلك إلا بنبذ المفارقات الاجتماعية وتوزيع الثروة الوطنية على قدر الأعمال والحاجات الممكنة، وتفادي الإسراف والبذخ وإشاعة العدالة والمساواة"
ثانيا-المجتمع والبيئة: يُصنف بعض الباحثين المجتمع الموريتاني إلى عدة طبقات أهمها الزوايا وحرفتهم العلم،والعرب وحرفتهم السلاح،والفنانون وحرفتهم الغناء والموسيقى وهو مصدر أرزاقهم الأساسي قديما،والصناع التقليديون ،وفئة أخرى كانت تُسمى العبيد،وفئات زنجية ثلاثة هي بولار والسونوك والولوف"لكن أسوأ ما في الأمر أن هذا التعدد الذي يبدو للوهلة الأولى مؤشرا على الإبداع والتميز حاله خلاف ذلك، إذ أن هناك تشاكل اجتماعي عماده الطمع وحب الذات كما يتضح من خلال انهيار الحركات الفئوية وسقوط أفرادها عند أول امتحان، وهضم حقوق الفئات في حق موكليهم، فمفارقات الإنسان الموريتاني ونسيانه مبادئ المساواة التي يرفع شعارها عند موطن الضعف والمُتاجرة بالقيم العليا عند موطن القوة مفارقات عجيبة لا تفسير لها غير التقلبات الصحراوية المفاجئة،والمناخ الصحراوي الجاف،أو ضياع الهوية التاريخية التي تمُد أسباب المستقبل إلى جذور الماضي.
فما الحل؟
إن هذا المشكل المتعدد يظهر من حقيقة القيم الوطنية لدى الرئيس وصناع القرار،فيبدو أن المؤسسة العسكرية وهي المؤسسة الحاكمة منذ ثمانية وسبعين سنة في زيها المدني -باستثتاء سنة واحدة يتيمة مشكوك فيها -لم حقق عند أصحابها حقيقة مستقيل البلد، يبدو وكأن البلد قصعة بينهم وغايته هي مآرب الطبقة الحاكمة بأقل خسارة ممكنة،وهي تجنيد الطبقة السياسية المدنية وبعض المؤسسات الإعلامية حتى تُطمئن الناس على نزاهة رجال الدولة وحسن مقاصدهم،وهو مشهد يتكرر عند كل نظام كاجراء أخلاقي يُغطي استنزاف البلد وأخطاء التسيير المتعمدة، وياليته كان عرفا
لألقت عصاها واستقر بها النوى،ولما كانت للتوعية فائدة لتأصُل المشكل، وإذا لم يكن ذلك كذلك فأي تفسير للفقر المدقع، والبطالة المنتشرة والبنى التحية الضعيفة،والمظهر العام للبلاد داخل العاصمة وخارجها،وسوء أحوال موظفي الدولة كالأساتيذ والمعلمين،والهجرة المتواصلة لبلدان إفريقيا وغيرها،والحال أن الثروات من أسماك كثيرة،ومعادن من ذهب ونحاس وحديد وأرض خصيب في أمة لا تتجاوز أربعة ملايين،هذا بالإضافة إلى مشاكل أخرى كثيرة أقربها الآن على سبيل المثال واقع عقدوي التعليم،إذ كيف يتصور تعاقدهم إلا بعجز غامض غير مفهوم،نعتقد أن عوائق الإنماء تتلخص فيما يلي:
-التشاكل الاجتماعي،ومبنى هذا التشاكل التاريخي غريزة الغيرة ومبدؤها الأول هو التمايز الطبقي الذي يعززالتنافس بشقه السلبي ،فالذي جعل الجار يغار من جاره فيقلده في ملبسه وبنائه ما استطاع هو الذي جعل صاحب السلطة يغار من سلفه فيصنع ماكان يصنع من جمع للمال ونفوذ خارج سلطته،فلو قدرت لنا الإفادة من هذا الشعور النفسي لكان أحسن.
-الواجهة الإعلامية:هم أولئك المتملقون الذين يدسون أنوفهم في كل دعاية سياسية طمعا في السلطة أو ثمنا لسلعة قبضوها،ثم يصرخون هذا هوالعدل ،لأن العدل لا يتجاوز عيونهم غير آبهين بما وراء الأكمة نفاقا وتملقا،فهؤلاء يجب القضاء عليهم ولا يُقضى عليهم إلا بالإرادة السياسية العليا،ويقظة تامة
-الأزمات العرقية:وهي راجعة في مُجملها لأزمة التأسيس، ومن نماذحها مثلا اختلاف لغات التعليم ميدانيا فإنه يؤخر تحقيق الأهداف التربوية ويبطئ العمل التنموي.
-استغلال الدين:إن استغلال العقيدة الربانية ذات المصدر الإلهي وليّ أعناق النصوص لأجل مآرب سياسية ضيقة وشخصية من أخطر الإعاقات التنموية وأطولها أثرا فهو يولد تحسين الفساد ومداراة أهل الطغيان،وكتم سبُل الحق وطرق الهدى ،والسير على غرض السلطان ومراعاة مشاعره خوفا أو طمعا.
-القمع العسكري: كقمع التظاهرات والوقفات وهو يعني قتل النور وموت الحوار ففي كل الحضارات النيرة يحصل التعايش بالعقل ذلك النور المعنوي والجوهر المكنون،لا بحيل المغلوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين الاتهامات المتبادلة والدعم الكامل.. خبايا العلاقة المعقد


.. الشيف عمر.. أشهر وأطيب الا?كلات والحلويات تركية شغل عمك أبو




.. هل ستنهي إسرائيل حربها في غزة.. وماذا تريد حماس؟


.. احتجاجات طلابية في أستراليا دعما للفلسطينيين




.. أصداء المظاهرات الطلابية المساندة لغزة في الإعلام • فرانس 24