الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أستاذ الإنجليزية ...وقميص يوسف

علي أحماد

2021 / 1 / 20
كتابات ساخرة


من ذكريات التتلمذة بثانوية الحسن الثاني ~ ميدلت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ليس على العواطف أقفال، ولا على المشاعر أغلال ، فهي لا تقيد ولا تصفد . إن غلت فهي تكسر القيود لتعانق الحرية، لأنها - ببساطة - لا تعترف أبدا بالطابوهات وحجر وقمع المجتمع بأعرافه وتقاليده..
تفضح المحب / العاشق من ملامح الوجه وتعابيره وحركات الجسد . تكمن في الصدور حيث لا يعبر المحب للمحبوب عن مكنون الخاطر خجلا أو تخوفا من الهجر والصد . إن أقسى أنواع الحب عند المبتلى ، الحب من طرف واحد أو حب غير متكافىء الأطراف . عذاب و معاناة ..ألم وسقم ..جنون أو لوثة مس .
ينحدر أستاذ الإنجليزية من إيتزر ( إيغزر ) البلدة المتاخمة للغابة . نما بين ضلوعه وملك عليه كل جوارحه حب تلميذة بضة وغضة ... مكتنزة... شديدة بياض البشرة وعيون واسعة خضراء كالمرج. تبالغ في التبرج ووضع الماكياج وطلاء الأظافر ...تلبس من الثياب أفخرها . ظل يلهج باسمها في كل قسم ويطلق اسمها العائلي على كل غريب . شغفته حبا ولكنه حب ولد مخنوقا ميتا ، وقد قطع عنه الحبل السري ، حبل الود . أغلب الأساتذة اتخذوا زوجات لهم من تلميذات القسم واعتبرن – حينها – من المحظوظات / المحظيات .
لم يستطع راتب يتقاضاه أن ينتزعه من حالة الفقر الذي يتمظهر من مظهره كأغلب أبناء الفقراء الذين يحفر البؤس ندوبا غائرة على وجوههم وملابسهم التي يقتنونها متواضعة أو غير متناسقة الألوان تشي بانتمائهم الطبقي المهان .
افتضح أمره وشاع سره بين التلاميذ ، وصار نكتة تلوكها الألسن سرا وعلانية . لم تبادله الحب ، ولم تبعث في نفسه ولو بصيص أمل وذلك مما زاد من تأجج النار في قلبه ...لأنه لا تواتيه .
تغلب عليه لكنة أهل البلد فينطق ( how ) حاو مشددة . يرفع البعض من المشاغبين عقيرته مرددا ( قولي حاو ... حاو يا عائشة فقد أكلت الأبقار النعناع ) . فتعم القسم رجة من الضحك .
جاءنا يوما يحمل مسجلة صوت متواضعة وأخبرنا أنه سيسمعنا قصيدة مغناة حول ( قميص متعدد الألوان ) / a coat of many colors بصوت المغنية الأمريكية ( دولي بارتن ) . بقدرما كانت كلمات الأغنية حزينة ، بقدرما زادها صوت المغنية الشجي وعزف الغيتار / موسيقى الكونتري حزنا مبكيا لدى مرهفي الحس . ولكن ما حيرني حينها كيف ليوسف أن يملك قميصا مرقعا من شتى الألوان وهو الذي عاش في كنف عزيز مصر ، إلا إذا كانت القصيدة تحيلنا على طفولة يوسف مع أمه راحيل قبل أن يكيد له إخوته ويلقوا به في غيابات الجب ..! لتقد زليخة قميصه من دبر وقد شغفها حبا وتمنِّع . ولكن الأكيد أن القصيدة بحمولتها العاطفية تحاكي حال الكثيرين من الذين لا يملكون قميصا وقد أتعب رتق ملابسنا أمهاتنا وهن ينحين ليقطعن خيط ( الناقوس ) بأسنانهن ...ولكن كنا أغنياء قدر ما نستطيع في ملابسنا المرقعة / المرتقة لأننا تعلمنا – في زماننا على الأقل – أن النجاح لا تصنعه قمصان LACOSTE
أعرف تلميذا نابغة يعيش يتيما مع أمه بإحدى قرى أيت ازدك على هامش مدينة أوضاض / ميدلت . رجع الى القرية بعد دوام الدراسة ليجد أمه وقد طبخت على الغذاء كسكسا بقطع دسمة وحامضة من جلد كوة اللبن ( الشكوة / تاكشولت / تاكنارت ) التي تخلى عنها القرويون بعد سنوات من مخض اللبن الرائب وقد سمنت . صدمته المفاجاة وقد كان يمني النفس بمرق من لحم وخضر. أخذ جلد خروف والغصة تكاد تخنقه وقال لها ( بالله عليك يا أماه غدا لا تنسي أن تطبخي هذا ) ....تخرج التلميذ مهندسا من المحمدية وسافر الى كوكب اليابان أما الأستاذ من إيتزر فقد غادر ميدلت ( ثانوية الحسن الثاني ) وتناسلت شائعات حول جنونه وياله من مصير مأساوي ....أما التلميذة فقد عادت الى الثانوية مدرسة للغة الفرنسية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم