الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائفية وأمراضها

حمزة الكرعاوي

2021 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لدينا في العراق طائفية مذهبية ( دينية ) وآخرى سياسية ، الأولى أكثر تجذرا في نفوس غالبية العراقيين ، ماعدا الجيل الجديد ( شباب ثورة تشرين ) وقليل ممن طهروا أنفسهم من أمراض الطائفية ، وهي عند الطرفين السنة والشيعة ، وأساسها دين المذاهب الإسلامية التي صمم على الكراهية والتفرقة وخندقة وعسكرة الناس ، على أسس ثأرية ماضوية ، وماهي علاقتنا بقضية حدثت أم لم تحدث قبل قرون من الزمن ؟.
فمن يجهد نفسه ، يكتب ويغوص في بطون الكتب التراثية ، الموضوعة أو المنحولة ، ليخرج لنا بنظرية جديدة ، ليؤكد صحة أو كذب رواية أو حدث ما ، عليه أن يبذل الجهد لإيجاد الحلول لأمراض الناس الطائفية ، وبدل الخوض في الماضي ، عليه أن يفكر للحاضر والمستقبل ، لكن وهذه أداة الإستثناء القاتلة ، نتوصل إلى أن عدة أسباب تدفع بهؤلاء للكتابة والبحث في عفونة الماضي ، وإظهار كل ما فيه من معتم ومظلم ، عجزهم عن نقد الحاضر والخوف من التصدي لرجال الدين ، وفضح أكاذيبهم ، وإنهاء وظائفهم الطائفية التي من خلالها يعتاشون على التفرقة ، وعلى دماء وآهات البسطاء ، ومنها : خوف ما يسمى الكاتب على مكانته الإجتماعية ، إذا كشف زيف طائفية اليوم ورموزها ، والأشد خوفا عند الكتاب الباحثين هو هجوم العامة الدهماء التي يحركها رجال الدين ، وأهم شيء هو رضا الناس ، لا رضا الله ولا رضا الضمير .
تابعت ما يسمى الكتاب ( طبعا لا أقصد الطائفيين ) بل ( المثقفين ) يساريين وغيرهم ، كانوا في حرج ، ومأزقهم كبير ، غير قادرين على قول كلمة أو كتابة سطر واحد ، ضد القتلة الذين مزقوا أجساد شباب ثورة تشرين ، الذين خرجوا عن سلطة الكنيسة في النجف ، لاذوا بالصمت خوفا من سلطة الدين ، وخوفا من أن يشمت بهم النواصب من سنة وبعثيين ، هذا حال اليسار ، أما الطائفي الحقيقي فهو محرض ، وينادي من شاشات الطائفية : إقتلوهم لإنهم أعداء المذهب .
اليساري ومن هم على شاكلته ، هم طائفيون شيعة ، حتى وإن غسلهم ماركس ولينين وبوتين بكل أنهار وبحار روسيا ، فضلوا الوقوف مع المذهب ورجال دين غرباء ، على حساب الوطن ، ولديهم طائفية آخرى أشد من طائفيتهم المذهبية ، وهي الطائفية السياسية ، يكرهون كل بعثي حتى وإن أجبره النظام البعثي على الإنتماء أو يفقد وظيفته ، وكذلك البعثي طائفي يكره كل شيوعي ، يعتاشون على إحياء الطائفية المذهبية والسياسية ، مكانتهم الإجتماعية أهم من مشروع دولة مدنية ، ومن ينشأ على ثقافة منذ صغره ويؤثر فيه الخطاب الديني والروزخوني ، ليس سهلا أن يتخلص من الترسبات الدينية والعشائرية ، ويعالج الامراض النفسية التي سببها المحمول والموروث الإجتماعي والعشائري والديني القديم .
الطرف الأخر ( السني ) لا يختلف عن نقيضه أو ضده النوعي ( الشيعي ) فهما تغطى الطرفان بغطاء ( الوطنية ) أو ( الثقافة ) يعود إلى أصله في أي حدث يهز الساحة العراقية ، ومهما تظاهر بكرهه ورفضه للطائفية ، يعود إليها ، مثلا : شيعي إتخذ موقفا وطنيا وغادر خندق المرجعية الدينية ، فمن هم حوله من ( السنة ) يستخدمونه وطنيا لمرحلة ما ، وفي جلساتهم الخاصة يعتبرونه شيعيا طائفيا ، وربما بعضهم يشك في وجوده بينهم ويتهمه بالجاسوسة والتقية ، والعكس صحيح ، لا نعول على الجيل القديم ، تعويلنا على الجيل الجديد ، الذي نشأ في زمن حكم الطائفية ، وإكتوى بنارها ، وأفلت من سلطة رجال الدين سنة وشيعة ، وذهب ليعرف نفسه بتعريف الحياة والانسانية والوطنية .
الذي دفعني لكتابة هذا المقال هو ما قرأته من كتابات غالبية ( كتاب اليسار ) على مواقع التواصل الإجتماعي ، بعد أن فجر ( إنتحاري ) نفسه في وسط عراقيين فقراء ، وقتلهم وجاء آخر ليكمل بتفجير أعد له في غرف مظلمة ، فذهب ( الأساتذة ) الذين يعانون من عقدة نقص ، وكانوا يتوارون عن انظار الناس ، بسبب عدم وقوفهم مع ثوار تشرين ، ولم يكتبوا بجرأة ضد التقلة الذين أوغلوا بدماء شباب ثورة تشرين ، فهم يبحثون عما يسد النقص في شخصياتهم ويغطي على تخاذلهم ، وعدم تسجيلهم لموقف مشرف في ثورة تشرين .
حركهم نوري المالكي ، وفتح شهيتهم للكتابة الطائفية ، عندما ذهب إلى مستشفى المجانين ، وأخرج إثنين منه ، وكتب لهما شهادة وفاة ، فخخ كل منهما في دائرة من دوائر المخابرات الايرانية في العراق ، وأرسل كل منهما على إنفراد إلى ساحة الطيران ، وفجرهما عن بعد ، وتضاربت روايات ( حكومة ) فاسدة ، حتى كشفت لنا الكاميرات ، أن الانتحاري كان مريضا ، وزلة لسان من الناطق بإسم وزارة الداخلية ، أنه كان يراقب الانتحاري ، ولم يتعامل معه .
المهم جاءت فرصة ذهبية للكتاب والمثفقين والباحثين ، لينتهزوها ويكتبوا عن فكر إبن تيمية ، تحولوا إلى رجال دين طائفين ، عن قصد وعمد ، أو أوقعهم مخرج المشهد في الفخ ، ولم يكلف أحد من مثقفي هذا الزمان ، ويبحث عن أكاذيب حكومة مليشيات طائفية ، تقتل ليل نهار ، ومن يوغل في دماء أبناء طائفته ، هل تصدق رواياته ، وهل هو طائفي ؟.
نحن أمام كتاب إما يبحثون عن مخرج لمأزقهم وتخاذلهم عن نصرة ثورة تشرين ، لأسباب تتعلق بطائفيتهم ، وآخرى بمصالحهم ( الراتب وزيارة العراق ) وإما جهلهم ، وأن الاعلام يوجههم حيث تشاء سلطة الاحتلال الايراني والامريكي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال